- إن ( الوطنية، والعروبة، والدين)، قد فشلت فشلا ذريعا، وأدت نتائجها إلى فواجع وكوارث، وانفصال الوطن إلى أوطان.. وتقسيم المقسم وخاصة في الوطن الذي يحوي تحت سقفه أقليات عرقية ودينية أثنية.. كما حدث في العراق وتحول إلى فدراليات دينية وعرقية جغرافية.. إلى انفصال جنوب السودان عن شماله مع إنهم كانوا وطنيون ووحدويون، ومؤمنون.. ولا بجمعهم إلا مصير واحد ووطن واحد لكن تنقصهم: الديمقراطية والمواطنة و التشاركية، في الحكم والسلطة، والعدالة الاجتماعية التي تحفظ حق الجميع.
-تتراوح حدود الدراسة بين معنى الوطنية ومعنى العروبة، انطلاقاً من مقولة الأستاذ( عفلق) من أن الوطنية هي "العروبة والعروبة هي الوطنية"، وهذا معناه أن حدودها هي الوطن العربي، العروبة! كما حدث في العراق انفصال( إقليم كردستان) والدين! كما في السودان وما حصل انفصال الجنوب عن الشمال..إن الديمقراطية هي المتلازمة الوحيدة ولشعوبها الحق في تحديد شرعية الحكم وتقرير مصيرها.. إن إبعاد الدين عن السياسة، ونبذ ولفظ المتسترين وراء الدين من كافة الطوائف والمذاهب، والعمل وفق منهجية المواطنة والعيش المشترك ، هي أولى مقومات الديمقراطية والتآخي واحترام حرية الفكر والمعتقدات، وتقديس مكانة الإنسان وحريته، فالاستبداد والديكتاتورية، هي التي جعلت الواجهات الحديثة، ذات محتوى أو طابع طائفي أو قومي محض، وبهذا غابت المواطنة، واستغل الدين والتستر به، وسادت البني الطائفية والمذهبية ، المغلقة والمنعزلة، إن الأمن والعيش المشترك وتعميق اللحمة الوطنية، والدفاع عن اللأرض والمقدسات.. لا يمكن أن يتحقق ويستقر ويدوم إلا بنظام سياسي ديمقراطي تشاركي.. يشعر جميع قوى المجتمع وأحزابه وطوائفه، بالمشاركة في الحكم وفق معايير عادلة.. تعمق الوطنية والمواطنة.. وحتى الدين وحرية المعتقد والعبادة!
-كنا ننتظر من هذه الابواق المزعجة أن تكف عن عويلها.. كم هو مؤسف حقا أن تصادف
أحيانا مقالات تروج لأفكار أقل ما يقال عن أصحابها أنهم يعانون من الفصام، و الخرف
والتزوير، و كل الامراض النفسية الاخرى.. حيث الأقليات في الوطن العربي هي قنبلة
موقوتة.. قابلة للانفجار في أي لحظة، ولطالما استغل ويستغلها أعداء الوطن!
-ليس في الوطن العربي أقليات وإنما فيه اكثريتان : عربية تضم مسلمين ومسيحيين،
ومسلمة تضم عربا وغير عرب. وإن مراجعة تاريخ الاستعمار بكافة أساليبه .. توضح أن
معاداة العروبة والانتماء العربي، ومقومات الوجود القومي العربي، كانت ولا تزال،
أبرز أدوات السعي لتعميق التجزئة.. لتأصيل التبعية وتوسيع مجالات الاستعمار، وتفتيت
الوطن العربي.. وبالمقابل كانت العروبة هي الدرع الواقية.. التي احتمت بها القوى
الرافضة للهيمنة والاستغلال، ومن الأمثلة البارزة للعروبة على عمق الشعور بالانتماء
للفضاء الثقافي القومي.. أن من أبهى ما قيل في أمجاد العرب والمسلمين قد صدر عن
الكتاب والشعراء اللبنانيين.. وفي طليعتهم المسيحيون والموارنة.. ومن أبلغ ما قيل
في مكارم أخلاق عرب الجاهلية.. ما خطه رئيس جمعية العلماء في الجزائر عبد الحميد بن
باديس امازيغي النسب..!!
-من هنا نلاحظ اننا بتنا امام اشباه سياسيين، وكتاب ومثقفين، لا يعرفون عن العروبة
شيئا، سوى انها هوية يريدون ان يتبرؤوا منها، بسبب عقد تاريخية من زمن الاحتلال
واللاستعمار، لم يقدروا ان يتخلصوا منها، هذه العقد التي عرف اقوياء العالم الأشرار..
كيف ينفخوا في رمادها.. لكي تتحول الى انفصال يخدم المعتدين المحتلين.. مثلما لا
يعرفون شيئا عن قومياتهم المزعومة.. سوى انها قوميات يمكن ان تحقق لهم انفصالا عن
دولتهم.. بدعم وقوة المعتدين الأمريكان وطائرات بدون طيار، حيث تحقق لهم شيئا مـن
الأطماع غير الشرعية التي يحلمون بها.. ناسين ان المحتلين الأمريكان وغيرهم، تدمي
ايادي من يتعكز عليهم.. وأنهم لا يهتمون بأتباعهم وعملائهم، الا بقدر ما تتطلب
مصلحتهم.. وقد يتخلون عنهم في نهاية المطاف..
-ومن هنا نقول انه يليق بالعروبة، ان تتصدر كل الهويات.. وكل الثقافات العرقية أو
المذهبية الدينية المحلية.. وأن تكون الخيمة العربية ..هي السماء التي تحتمي بها
سائر الهويات القومية منها وغير القومية.. وان تكون الوعاء الذي يحتوى كل الهويات
الأخرى.. التي لا يمكنها ان تبقى وتستمر في الوجود لولا هذا الوعاء العربي الواسع .
-وعليه فان من يتذرع بالخوف من عدوانية العروبة هو واهم جدا، لأن العروبة ليست
معتدية.. ولا اعتدت على وطن احد.. من خلال التاريخ القديم، ولا خلال حاضر ما يسمى
ربيع العرب.. وانما هي معتدى عليها من قبل اقوياء هذا العالم وأشراره.
-العروبة تعرف من هم الدخلاء.. في الوطن العربي، وطبعا هم الذين يطالبون بالأنفصال
أو الفدرالية.. لتفتيت وتقطيع اوصال الأوطان..؟ متنكرين للوطن الذي عاشوا فيه.. لهم
مالغيرهم وعليهم ماعلى غيرهم.. للعيش المشترك والدفاع عن وحدة الوطن أرضا وشعبا..
لكن هم جعلوا وجودهم.. قنابل موقوته يفجرها الغرب وقتما يشاء..ومرهونة وفق احدى حجج
شماعات حقوق الانسان.. او فزاعات الأقليات...!!!