استوقفني خبر قرأته منذ فترة مفاده بأن القائمين على برنامج الأطفال التعليمي الأمريكي "شارع سمسم" قد ألغوا فقرات تظهر فيها نجمة الروك "كاتي بيري" بعد أن شكا أولياء الأمور من أن المطربة أبرزت لأطفالهم الكثير من مفاتنها.
وبداعي الفضول توجهت مسرعاً إلى برنامج اليوتيوب لرؤية مفاتن تلك "الآثمة", فاكتشفت بأن ثيابها كانت عادية, وبمقدورنا مشاهدة ممثلاتنا ومطرباتنا ترتدينها في أغلب المسلسلات والأغاني, وحتى أغاني الأطفال.
فكلنا تابعنا بشغف أغاني نانسي وهيفاء التي كانت موجهة لأطفالنا, وتمتعنا بالقدر الكافي من المفاتن اللتين حرصتا على إظهارهما لنا ولأطفالنا, تلك الأغاني نسمعها تتردد في معظم المدراس ورياض الأطفال, وحفلات أعياد ميلاد أبنائنا وبناتنا.
وبالمقابل هناك أيضاً اتجاه تعليمي ديني تنتهجه بعض المحطات التلفزيونية والمدارس تسعى من خلاله إلى إقحام عقول أطفالنا الصغيرة بمفاهيم الموت والحياة, والجنة والنار, والشياطين والجان, تلك المفاهيم التي ما زلنا نحن أنفسنا لغاية الآن لا نفقه فيها شيئاً.
فقد روت لي إحدى قريباتي وهي تعيش في الولايات المتحدة ما حصل مع حفيدها, حيث أصرت على ولدها ان يضع ابنه في حضانة تعنى بالتربية الإسلامية حرصاً منها على بقاء حفيدها على اتصال مع دينه الحنيف وفي إحدى الليالي سمعوا بكاء الطفل, فلما انطلقوا نحوه تفاجؤوا بالطفل باكياً على باب الحمام وقد بلل ثيابه وحين الإلحاح بالسؤال اكتشفوا أن الطفل قد نسي دعاء الدخول إلى الحمام, والذي تعلمه في تلك الحضانة الغراء, والكفيل بطرد الجان والشياطين, مما اضطره إلى تبليل ثيابه خوفاً من دخول الحمام, وملاقاة الجني القابع داخله.
أدركت حينها أننا بعيدين جداً عن الغرب, ليس فقط بالعلم والتكنولوجيا, بل بتربية الأطفال أيضاً, فنحن لا نملك لأطفالنا من وسائل التربية والتعليم إلا تلك الأغاني والمسلسلات التي يمكن إدراجها تحد بند "للكبار", أو تلك الوساوس والطقوس البعيدة جداً عن مفاهيم الطفولة, والقريبة جداً من مفاهيم السحر والشعوذة.
مساكين هم أطفالنا... فقد ولدوا في مجتمع مهزوز ومضطرب... غير قادر على التمييز بين البراءة والتلوث... وبين الدين والشعوذة... وبين الله والشيطان...