news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
مقالات
حقاً فيروز مصر عادت شمسك الذهب ... بقلم : باسل محمد يونس*

بعد ستة سنوات من اندلاع ثورة الفجل في 14 شباط 2005، يبدو أن حلم الولايات المتحدة بإمكان استعمال لبنان البلد الهش منصّة لبناء شرق أوسط جديد ذو نزعة موالية للولايات المتحدة قد انهار


و يبدو أن السحر انقلب على الساحر، الشرق الأوسط الجديد الذي مهدوا له،  من بوابة غزو العراق و المحكمة الدولية وعدوان تموز على لبنان والابادة الجماعية في غزه،  لن يرى النور بل نحن في خضم شرق أوسط جديد مقلق و مزعج جداً لواشنطن و تل أبيب.

 

 الاميركان يضربون أخماس بأسداس، سقوط بن علي وصبي قريطم "شاهد الزور الرئيسي" والآن مبارك خلال شهر وانفضاح سلطة رام الله بالأدلة المثبتة وقريبا سقوط وكر الدعارة "المحكمة الدولية".

من المؤكد ان قلقاً كبيراً ينتاب المحور الصهيو-أمريكي، فالنيران تلتهم  ثوب دول محور الاعتدال، الواحدة تلو الاخرى، بصورة تهدد الدول  المعروفة بالدوران في الفلك الامريكي، والالتزام المطلق بمسانده مشاريعهم  في المنطقة. 

 

مصر و لبنان، يشكلان اهمية و حاجة إستراتيجية مهمة بالنسبة الى المحور الصهيو-أمريكي...الفريق الأمريكي الهوى في لبنان"فريق شاي مرجعيون"، المعادي لسوريا و المتآمر على المقاومة، سقط بتكليف السيد نجيب ميقاتي بتشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة، وفقد "الشعارات التي كان يدعيها" عندما أفلت قطعانه في الشوارع لارتكاب احداث عنف واغلاق الطرقات وحرق العجلات، احتجاجا على هذا التكليف وانتصارا لبطل الأتاري في حرب تموز الطفل المعجزة "سعد الحريري". اعمال العنف هذه قوبلت بالصمت في واشنطن واوروبا وعواصم وإعلام دول محور الاعتدال العربي، او ما تبقى منها، لو كان انصار المقاومة هم الذين نزلوا الى الشوارع لقامت القيامة ولم تقعد ضد سوريا على أنها وراء ذلك معيدين نفس الاسطوانة المملة.

 اللقاء الشهير بين السنيورة و وزيرة الخارجية الأميركية السابقة كوندوليزا رايس حيث ظهر "السنيورة ينتظر حمالة الحطب الى ان تأتي الى السراي ولا تنزل من السيارة في مشهد بعيد كل البعد عن اللياقات"،  لم تنزل من السيارة حتى أتى السنيورة وفتح لها الباب وقبّلها...  لقد كان لقبلات و دموع المقاوم العنيد السنيورة الفضل الكبير بل و السبب الرئيسي في نصر تموز و سلاح فتاك أصاب الميركافا في مقتل.

 

 لن ننسى و السما زرقا كيف دمرت دموع السنيورة البارجة الإسرائيلية، أثناء خطاب سماحه السيد حسن نصر الله الشهير، التي كانت تقصف بيروت. لن ننسى و السماء زرقا كيف بثت قبلاته لكوندي الزعر في قلب جنود جيش العنكبوت و بسببها خضعوا لعلاج طويل في المشافي النفسية بعد أن دحرتهم دموعه و جعلتهم يهربون كالفئران، حتى أنها صنفت كنوع جديد من اسلحة الدمار الشامل المحرمة دولياً".  من بن علي الى مبارك الى صبي قريطم و مانديلا لبنان، كل حلفاء المحور الصهيو-أمريكي يسقطون.

 

 رحيل مبارك هو "سقوط لنظام تابع، ومعه تسقط كل الجدران الفولاذية السميكة، والأسلاك الشائكة، وحقول الألغام التي فصلت مصر لأكثر من ثلاثة عقود عن محيطها العربي، ووضعتها في خدمة المشروع الأميركي الصهيوني، بعد أن كانت رأس الحربة في مواجهته".... سقوط النظام المصري، بعد أن انهار التحالف السابق مع تركيا،  يضع إسرائيل في ضائقة إستراتيجية، حيث تبقى بدون حليف في الشرق الأوسط، الآن، تجد إسرائيل صعوبة وعزلة متزايدة في المنطقة.

 

فعليا لم يسقط مبارك و نظامه فقط، بل سقط اتفاق كامب دايفيد وسقط الحل المنفرد الذي قام به السادات مع اسرائيل وحافظ عليه حسني مبارك، لقد صحح التاريخ مجرى مصر الحقيقي بعد ان قام كامب ديفيد بتغييبها عن مجرى الصراع العربي-الاسرائيلي وإلغاء دور مصر في العالم العربي وتحجيم دورها و ابتعادها عن الشرق الاوسط حتى باتت تلعب دورا صغيرا.

 

صحح التاريخ نفسه واعاد مصر الى الواجهة واذا كانت واشنطن و أوروبا تقولان بأن من يقرر في مصر هو الشعب المصري وليس احدا من الخارج، فلأنه خلال ايام اشتعلت مصر بشكل لم يعد لا لأميركا ولا لأوروبا اي دور في امكانية مساعدة مبارك، النظام الذي سيخلف مبارك هو نظام سيعيد النظر بالعلاقة مع اسرائيل لأن الشعب المصري سيفرض هذا الامر ولقد عاشت مصر منذ اتفاق «كامب ديفيد» وحتى الآن عصر الاذلال وعصر الاتكال على المساعدات الاميركية وعصر السكوت عن كل المجازر التي ارتكبتها اسرائيل ضد الشعب الفلسطيني وهي متفرجة.

 

تغير التاريخ سقط «كامب دايفيد»، ستواجه اسرائيل في الجغرافيا السياسية واقعا جديدا فلن يكون بمقدورها بعد الآن التركيز كل طاقتها ضد حزب الله وحماس وسوريا بل ستضطر رئاسة الأركان في الجيش الإسرائيلي الى دراسة الوضعية المصرية من جديد.

 

 في تصريح للاعلامي غسان بن جدو قبل خلع مبارك، قال إن "سقوط النظام في مصر الذي يلعب دوراً بارزاً في المنطقة في "ارساء السلام "، وفق معايير الأميركيين والاسرائيليين،  بعد توقيعها اتفاقية كامب ديفيد بينها وبين كيان العدو، سيؤدي بطبيعة الحال الى تخلي مصر عن تلك الاتفاقية، وهذا ما يجعل إسرائيل في مأزق كبير كونها تراهن هي وأميركا على الدور المصري في حماية ارضها عبر ما يسمى بمحور الاعتدال العربي.

 إذا سقط النظام المصري سيصبح زوال اسرائيل حتميا...

"إذا سقط النظام المصري، فإنه سيخلق منظومة جديدة ممانعة في الوطن العربي، وسيصبح زوال اسرائيل حتمياً وقريباً. طبعا لا اتحدث عن فترة زمنية قريبة، ولكن في المدى المنظور"، يقول بن جدو. "ما الذي تملكه اسرائيل بعد سقوط النظام المصري وتداعي الانظمة التي تشل محور الاعتدال غير ترسانتها العسكرية التي لا تفيد في حالة كهذه؟ هي لا تملك شيئا، وهذا ما يبشر بأن الحرب المدمرة القادمة سينتج عنها نهاية ما يسمى بدولة إسرائيل".

 

 ثلاثون عاماً اختصرت فيها مصر العظيمة .بمهرجانات الاستقبال المهينة لمجرمي الحرب من امثال تسيبي ليفني وايهود باراك وشمعون بيريز وبنيامين نتن ياهو لحبك خيوط المؤامرات حول كيفية خنق وتجويع مليون ونصف المليون عربي  في معتقل غزة... وصلت الدعارة السياسية لرئيس محور الاعتدال لمستوى غير مسبوق تمثل بإعلان تسيبي ليفني لعدوان غزه 2008  من مصر أم الدنيا.

 نسي مبارك في خطاباته عندما كان يعدد انجازاته عن ذكر كيف حول دور الجندي المصري الى مجرد ضخ الغاز السام داخل انفاق غزة او هدمها كي يحصل على شهادة حسن السلوك من أسياده في تل أبيب و واشنطن ... نسي كيف كان يمنع  الأطباء المتضامنين مع شعب غزه المرور من معبر رفح لتقديم المساعدات و الاسعافات لضحايا عدوان النازية الصهيونية. و بعد ذلك يأتيك حفنه ممن يصنفون أنفسهم بالفنانين مدافعين عن مبارك واصفينه بالأب لكل المصريين  ربما من منطلق أنه احتفظ بكل أموال الشعب المصري ؟

 

هؤلاء الثوار قلبوا كل المعادلات التي اعتقدنا انها راسخة رسوخ الاهرامات... تفكك محور الاعتدال و انهار تحالف الرابع عشر من آثار في لبنان، واصبح القرار الاتهامي و المحكمة الدولية الخاصة بأغتــيال الحريري مجرد ورقة نتنة في ملفات الفبركات الامريكية والاسرائيلية لقتل روح المقاومة... سقط كل ما بنته اسرائيل و امريكا على مدى ثلاثين عاماً من التطبيع والاذلال وقتل روح المقاومة والكرامة لدى الانسان العربي... اسرائيل سوف تعود الى المربع الاول، مذعورة منبوذة بالكامل في جوارها العربي... مصر مبارك شكلت حاجزاً بينها وبين العرب المعادين لأكثر من ثلاثين عاماً، وتواطأت معها في فرض الحصار وتشديده في قطاع غزة، وهو اكبر عمل غير اخلاقي ومشين في التاريخ .

 

آخر الأخبار في مسلسل الفضائح لما يسمى بالمحكمة الدولية  أن القاضي الهولندي بيرت سوارت Bert Swart استقال من المحكمة لأسباب "أخلاقية ـ مهنية".  سوارت  يتمتع بسمعة مهنية وأكاديمية عالمية ، لاسيما في أوساط محكمة الجنايات الدولية الدائمة والأوساط الحقوقية الدولية التي صاغت معاهدة روما للعام 1998 التي أدت إلى نشوء المحكمة الدولية الدائمة مطلع العام 2000 .

 جدلا مهنياً مطولاً دار خلال الأسابيع الأخيرة بين القاضي سوارت، هو أستاذ في مركز القانون الدولي بجامعة أمستردام، وعدد من القضاة في هيئة المحكمة ومكتب المدعي العام دانيال بلمار حول العديد من القضايا والتدخلات السياسية في عملها أدت إلى استقالته” .

 

القاضي سوارت أثار بشكل خاص عددا من المشكلات المهنية المتعلقة بالتعديلات التي أدخلت في تشرين الثاني 2010 على نظام الإجراءات والإثبات في المحكمة ، وأعرب عن قناعته بأنها لا تتماشى ومعايير العدالة المتعارف عليها دوليا ، لاسيما منها ما يتصل بالمحاكمة غيابيا . حيث أشار إلى أن المحكمة خلقت، من خلال إقرار مبدأ المحاكمة الغيابية، سابقة خطيرة في تاريخ القضاء الدولي تؤدي إلى ما يشبه أنظمة المحاكم العرفية Martial Courts وفق المصطلح الحقوقي الأنكلوسكسوني. 

 

"المساعدة القانونية للأمين العام للأمم المتحدة حاولت إقناع القاضي سوارت بعدم الاستقالة، لكنها فشلت في ذلك. وعندها لجأت إلى الرجاء منه بعدم إصدار بيان استقالة من قبله، وقد جرى التوصل إلى اتفاق بأن تسجل الاستقالة لأسباب صحية"...

فأي عدالة يمكن أن تستولدها تلك المحكمة؟ بعد ان أصبحت خروقاتها القانونية، وفق معايير القانون الجزائي الدولي العام، لا تحصى بسبب التسييس الواضح و المفضوح، ما يجعلها مجرد أداة ابتزاز سياسي بيد المحور الصهيو-أمريكي المشغول حالياً بتقبل التعازي في فقيدهم حسني مبارك... إنها عدالة و ديمقراطية  المحور الصهيو-أميركي في أبهى عزتها وجلالها ... كما يبشرنا بها  قوادي" جبهة الخلاص و خدام و ثوار الحئيئه و الاستئلال " الذين ولدوا في زواريب السفارات الأجنبية ومؤسسات التمويل التي تقف وراءها وكالة المخابرات المركزية الأميركية.

 

نتن ياهو اتصل بقادة دول العالم ... هل تريدون حلفاً إيرانياً، مصرياً، سورياً ممتدا إلى غزة والنبطية ؟ نتن ياهو حانق على العالم ، بسبب فقيده حسني مبارك الذي قال عنه باراك وبيريز أنه "ذخر استراتيجي لإسرائيل".

 مبارك كان بالنسبة لهم ، وكذلك عمر سليمان "اليد التنفيذية لمبارك"، التنسيق الأمني في مواجهة غزة وحماس والأنفاق وتهريب السلاح، هو أكثر من   200   كيلومتر من الحدود المضبوطة...هو الرصاص الحي على المهاجرين الأفارقة، يطلق على ظهورهم وهم يغادرون الأراضي المصرية، أو وهم يهمّون بأختراق الحدود المصرية السودانية، أنت لا تقتل إن تسللت خلسة إلى الأراضي المصرية ، أنت تقتل إن أنت تسلل خارجاً منها وإلى إسرائيل بالذات...

لم نسمع عن إفريقي واحد قتل وهو يدخل مصر أو يغادرها إلى ليبيا، بيد أننا نسمع يومياً عن أفارقة يقتلون برصاص مصري، على الخط الحدودي بين مصر وإسرائيل.

 

مبارك هو الغاز الرخيص الذي يتدفق من دون عوائق وبأبخس الأثمان، ودون انتظار لمعرفة أسعار البورصة العالمية ، إلى عروق الصناعة ومنشآت توليد الطاقة وأفران الطبخ في كل بيت إسرائيلي... مبارك بالنسبة لهم، هو القنوات المفتوحة و"الأنابيب المفتوحة" في كل الظروف ومختلف الأحوال، حتى في ذروة انسكاب الرصاص المصهور على الأطفال والشيوخ في غزة، وإغلاق كل البوابات والمعابر والأنفاق وشرايين الحياة مع القطاع المنكوب بجواره.

مبارك هو رأس الحربة في يد الإستراتيجية الأمريكية في المنطقة، وهل ثمة إستراتيجية أمريكية خاصة في هذا المنطقة غير الإستراتيجية الإسرائيلية؟...مبارك هو الحرب الشعواء على إيران... الإصرار المتعنت على عزل سوريا و شيطنتها ألخ...

 عبد الناصر بنى السد العالي بينما هو بنى السد الواطي مثله، لتركيع شعبنا في غزه، لذا أعد له المصريون بطاقة ذهاب دون اياب الى مزبلة التاريخ، كم هو سيء حظ تلك المزبلة؟ 

حقاً فيروز مصر عادت شمسك الذهب

 

* باسل محمد يونس :أخصائي في القانون الدولي الانساني العام 

2011-02-21
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)
المزيد