على كرسي بقرب النافذة جلست (حياة) تتأمل الناس في الشارع ،كان في عينيها نظرة حزن يرافقها ابتسامة خفية ،في دقائق قليلة هطل مطر غزير
وتراكض الناس ،نهضت (حياة )عن الكرسي ووضعت شالها الصوفي ثم أشعلت النار في المدفأة ،مشت بضع خطوات باتجاه المرآة لتشاهد خطوط العمر مرسومة على وجهها الأصفر النحيل ،وعينيها الكبيرتين السوداويتين توارتا خلف عدساتها الطبية .
شعرت (حياة )بحزن في داخلها وبأن قطرات المطر ما هي إلا دموعا"تذرف من عينيها ،
كان الشباب قد مضى واشتعل الرأس شيبا.
لقد أمضت (حياة) عمرها في الانتظار،فمنذ زواجها كانت تنتظر أن تصبح أما"،ومرت سنين وهي تنتظر،وعندما جاء مولودها الوحيد وبعد أن كبر أمام عينيها وأصبح شابا" يافعا" سافر إلى الخارج وتزوج هناك.
كان ابنها يتصل بها في السنة مرة أو مرتين،كما أنها لم تشاهده منذ أربع سنوات .
وبينما هي غارقة في أحزانها وأشواقها سمعت صوت باب البيت يفتح،
لقد كان زوجها ،زوجها الذي كان إلى جانبها في كل لحظة حزن أو فرح ،لقد تمسك بها منذ أول لحظة رآها فيها ابتسمت (حياة) عندما رأت زوجها عائدا ونظرة الشوق في عينيه لم تتغير رغم مرور السنين ،
سامحت (حياة) ابنها ودعت له بالتوفيق رغم أن نار الشوق لرؤيته مازالت مشتعلة في قلبها وجلست بالقرب
من زوجها وهي تشعر بالسكينة والأمان .