صديقان جمعتهما الطفولة ببراءتها
والشباب بطيشه وجرأته
والرجولة بهمومها وتقلباتها
أحدهما يحترف التجارة ومن يحترف التجارة غالبا ًما يمس ماله بعض خسارة
يعيش حياته بطولها وعرضها بعد أن بسط الله الرزق له بغير حساب
والثاني يحترف الأدب ومن يحترف الأدب قليلا ًما يبلغ الإرب
خبزه كفاف يومه ملتزم راض بعيشته يغض الطرف قسرا ً
عن منصرف أحلام تقض مضجعه بين الفينة والأخرى ...
سأل صديقه ذات فضفضة
إلى متى ستظل غارقا ً في فيضان مجونك
تستبيح الملذات وخاصة في أجساد النساء وتغدق عليهن رزقك دون فائدة أو رجاء
أما آن لك أن تستقر و تضع حجر أساس لأسرة ترى ذريتك من خلالها
رد عليه وهو يبتسم بخبث وتهكـّم
أرجو أن توفـّر نصائحك يا أخي
ولا تكن من المنظرين الكثر على ضميري و المزاودين بالأخلاق على مصيري
فأنا مدرك لـما أفعل ولست بحاجة لأحد ينصحني
رد عليه صاحبه
أنت تعلم علم اليقين أني لست من هؤلاء
وأنني صديق حق والصديق من صدَقك القول
وليس من جاراك أو تزلـّف لك
فأجابه بعد أن ارتشف ما تبقـّى من كأسه
إذا ً إسمع يا صديقي
النساء هوايتي ومعاشرتهن غايتي ولو كان بذلك نهايتي
فكف عن تعكير مزاجي وإفساد ليلتي
لكن .. بما أنك صديقي الصدوق الذي لا أتنكر لفضله في استمرار صداقتنا
والوحيد الذي أثق به في هذا الزمن المعطوب
سأضع بعضا ًمن أموالي أمانة في عنقك
إذا حدث لي أي طارئ تصدّق بها عن روحي
رد عليه صديقه معتذرا ً وفي عينيه نظرة شفقة وحزن
لا طاقة لي على حمل أمانتك هذه فانظر ماذا أنت فاعل بها
لكني أسألك أمرا ً واحدا ًقبل أن يبلغ الندم محله
أن ترحم قلب أخ لك شقّ عليه ما أنت فيه يكاد ينفطر حزنا ً عليك
يخاف من فقدانك قبل أوانك
فـ اطعن أنانيتك واستهتارك ولو لمرة واحدة في حياتك من أجله ..
مرت دقائق صمت تحاور شاردات عيونهما
لم يقطعها سوى رنين جرس الباب
بعد ثوان دلفت إحداهن ألقت تحية باردة
وكأنها فوجئت أو اُحْبـِطت لوجود أحد ما لم تكن تتوقعه
فاستودعه صاحب الأدب بخافت الصوت ساخراً ً::
تمنياتي لك بقضاء أوقات ًسعيدة ..
---------------------------------
مؤلم ومحزن جدا ًأن نرى اُناسا ً عزيزين على قلوبنا يتجهون ببطء نحو الهاوية دون أن نستطيع فعل شيء لهم سوى نصيحة تذروها رياح الأنانية والإستهتار وعزة النفس من قِبَلهم ....