أيها السادة كما يقول المثل ( تعددت الأسباب والموت واحد )
وأقول تعددت السلطات والدعاية للتخريب واحدة .. فقد ولدت السلطة الخامسة من رحم التكنولوجيا والمعلوماتية وباتت هي القوة التي طغت على جميع السلطات التي سبقتها .. تلك السلطة الدخيلة الغريبة التي فرضت نفسها على جميع الأمم وأفراد المجتمعات وباتت تتحكم بوقتهم وحياتهم ومستقبلهم وبلادهم وشعوبهم وأمنهم واستقرارهم ..
تلك السلطة التي وقع في شباكها الجميع دون استثناء بحكم التطور البشري وحتى من ابتكروها وقعوا في شباكها .. فالسلطة الخامسة تختلف عن الرابعة بأنها لا تحمل في قلبها لا رحمة ولا إنسانية ولا عيب ولا حرام ولا خجل ولا تقاليد وعادات ولا احترام لأي شخص مهما عظم شأنه وثقافته وعلمه ومركزه الاجتماعي .. وهي بالنهاية سلطة غدارة لأنك لا
تعرف غريمك أو مخاطبك فخصمك يستطيع ولو كان شخصا واحدا أن يلبس ألف وجه واسم ولون .. ونستطيع أن نسميها سلطة عديمة الرحمة والضمير وقاسية بكل معنى الكلمة طبعا إن أريد لها ذلك ..
لقد بدأ الصراع الفطري من أجل البقاء بين البشر منذ بداية الحياة .. ولم يكن هذا الصراع يحتاج لأي نوع من أنواع المعرفة المسبقة .. وكان ما يحدد
المنتصر فيه هو ذكاء الفرد الفطري وحنكة وسرعة بديهته وقوته الجسدية كي يحافظ على حياته وحياة من معه .. وتنوعت الصراعات من زراعية لتجارية لصناعية فمالية وتكنولوجية حتى وصلنا الى هذا الصراع المعلوماتي الخطير بعد آلاف السنين من التطور والذي أطلقت عليه اليوم اسم السلطة الخامسة ..
وهذا الصراع يشبه تماما صراع البشرية الأول لكنه يختلف بأنه لا يحتاج لقوة جسدية بل لقوة معرفية وتكنولوجية من أجل البقاء أيضا ..
أيها السادة لقد بات الصراع بين الشعوب اليوم عن طريق السلطة الخامسة .. وتلك السلطة هي من تحدد اليوم المنتصر والخاسر بالقضايا المصيرية ..
فالأمر لم يعد يحتاج لقوة جسدية أو لسلاح وقوة عسكرية .. إنما لعقل ووعي وذكاء وحنكة وإيمان المتلقي أو المرسل بقضاياه أكانت قضايا أخلاقية أم دينية أم وطنية أم قومية أم اجتماعية أم شخصية .. فالنت بات اليوم في متناول الجميع من أمم وأفراد والمواقع الالكترونية بالملايين لأي مستقبل ومرسل
.. والأمة الأذكى في تلك السلطة هي المنتصرة أما الأغبياء فيخسرون قضاياهم ويخربون بلادهم وبأيديهم .. وبالرغم مما قلناه عن تلك السلطة وخطورتها لا ننكر إيجابياتها العظيمة في هذا العصر .. ومن أهم تلك الإيجابيات أنها لا تحتاج إلا لعقول نيرة وواعية ومؤمنة ووطنية ..
والحقيقة أيها السادة لا أعرف كيف يقبل أحدنا أن يوجه عن بعد وكأنه إنسان آلي يتحكم به من يشاء .. ويلعب بعقله أناس لا يعرف عنهم إلا اسماءً مستعارة وأوصافا كاذبة بإيميلات غير معروفة المصدر .. ومنهم من يدعي أنه سوري ويحب بلده وبهذا يسمح لنفسه أن يحرض ويبث الفتن ويثير النعرات ويطلب منا أن نثور أو نتظاهر وبكل وقاحة يحدد لنا اليوم الذي يجب أن نتظاهر به عن طريق تلك السلطة .. وبعضهم يطلب منا التضحية ويقول بأن الحرية تحتاج لتضحية مستهترا بعقولنا وذكائنا .. وعندما نحرجهم ونسألهم لماذا لا تتركوا العز الذي تعيشون فيه وتأتون لبلدكن وتضحون مع شعبكم إن كنتم فعلا شجعانا ووطنيون وصادقون .. أم أن أرواحكم أغلى من أرواحنا وأولادكم أغلى من أولادنا .. هنا ينكشفون ويشعرون بأن من يخاطبونه أذكى منهم فيقطعون إيميلاتهم ويختفون وينتقلون لأشخاص آخرين علهم يقنعونهم بأكاذبهم .. فعلا شيء مضحك ..! فهم يريدون جعلنا أكباش فداء لقضاياهم الشخصية وأحلامهم وخياناتهم كي يأتوا أخيرا على دبابات أعدائنا ويحصدون تضحياتنا ودمائنا على البارد المستريح ليدعون يدعون
البطولة كما فعلوا في العراق تماما ..
أيها السادة كل تلك الإيميلات والتحريض والإثارة والكذب والتلفيق لأخبار وحوادث عن بلدنا لا يحتاج إلا لعقولنا ووعينا وذكائنا .. وصراحة أقول أنه من المعيب علينا أن نسمح لهم بالتفوق علينا والضحك على عقولنا .. وقد أثبت شبابنا بحنكتهم وذكائهم أنهم على مستوى كبير من الوطنية والحب لقائدهم ووطنهم وشعبهم ومستعدون للتضحية في سبيلهم .. وكان هذا حين بدأت الهجمة على الفيسبوك في 5 شباط الماضي والتي أحبطها شبابنا بوعيهم .. وقد كرمهم قائدنا المفدى بعدها بقرار فتح تلك المواقع لثقته بهم .. وقد حمل شبابنا تلك الثقة بقلوبهم وحفظوها وصانوها .. ولهذا فعندما عجرت تلك الجهات تخريب بلدنا عن طريق السلطة الخاسة وشعروا بأن الشعب السوري ليس ساذجا ولا يمكنهم الضحك على عقول شبابه .. استشرسوا على بلدنا ولجأوا الى إرسال سياراتهم المليئة بالأسلحة والعناصر المخربة والتي اندست بين أهلنا وأحبابنا في مدينة درعا .. ظنا منهم أن شعب درعا بسيط وطيب وسيبلع الطعم ويحضنهم ويتستر عليهم ويتعاون معهم .. ولم يعلموا أن أهل حوران الكرام أبطالا وطنيون أبا عن جد ويتمتعون بوعي كبير وهم من أكثر المحافظات ثقافة وعلما .. هذا الشعب الأبي الذي يحب بلده وقائده تصدى لهم ولمؤامرتهم الدنيئة وأحبطها يدا بيد مع السلطات الأمنية .. وسيتصدى لأي محاولات أخرى مهما كانت .. فشكرا لهذا الشعب الأبي ولشعوب بلدنا قاطبة والتي تملك حسا وطنيا كبيرا جدا ..
وأخيرا نتمنى أن نكون على مستوى ثقة قائدنا الدكتور بشار أدامه الله لشعبنا ووطننا وشبابنا الواعي .. هذا الشعب الذي أثبت مرارا وقوفه بجانب قيادته الحكيمة وأحبط خلال عقود الكثير من المؤامرات والدسائس التي حيكت ضده .. واليوم يتصدى لأخطر سلطة في التاريخ وهي السلطة الخامسة بوعيه وحسه الوطني الكبير ويتصدى أيضا للعصابات المدسوسة من الجوار والخارج .. ونحن نردد دائما ( أن نبي الله لم يرضي أمته كلها ) فكيف يرضيهم من هو ليس بنبي .. والسلام .