إن ما تمر به الأمة العربية من اضطرابات و معمعة شعبية يضعنا أمام مسؤوليات جسيمة لا بد أن ندرك عواقبها جيدا و التي تنبئ عن مستقبل مجهول المعالم و مصير مشوه لذلك لابد أن يدرك كل فرد عربي حقيقة الواقع بتجرد كامل و دون إغفال عواقب الأزمة الحالية و مسبباتها و ما تجره على الوطن العربي من مخاطر...
و هنا لابد لي من أن أوضح بعض النقاط الأساسية التي لابد لكل عقل حالم من الإلمام بها و أخذها بعين الاعتبار قبل معرفة ما هو الغزو الفكري الصليبي ...
*إن الوضع العربي الراهن أشبه ما يكون بحياة الجاهلية قبل الإسلام حيث كان التشرذم و الضياع و الموالاة لطرف و الاستنصار لطرف أخر سائد كشريعة حياتية نابعة عن جهل و تخلف و قد برزت بين انتساب القبائل إما للمنازرة أو للغساسنة و هي بدورها إما للروم أو للفرس...و هذا يشكل تبعية واضحة مهملة الهوية العربية بشكل واضح و الاقتتال بين هذه القبائل لصالح هذا أو ذاك دون أية ضحايا أو خسائر تمس الطرفين.
*بقدوم الإسلام استطاع هذا الدين السمح إن يطهر النفوس العربية من الطائفية و العشائرية و أن يوحد الأمة بأسرها كصف واحد في إعلاء كلمة الحق فتوحدت كلمة العرب جميعا بكلمة رجل واحد و قائد واحد فحازت المجد و السمو و الرفعة و تألقت كحضارة من أروع و أبدع الحضارات و كانت مثال الحرية و الشفافية قائمة على مبدأ العدل و المساواة و من نتائجها انتهاء العبودية و الرق و عدم التفريق بين الأجناس و الألوان و التآخي مع كافة الأديان
*بسبب الفتن الداخلية و التي كان سببها ضعاف النفوس ضعف كيان الأمة و لحمتها الداخلية لتكتسب الفرصة الأمم الأخرى بتشكيل الحملات الصليبية لتنال من عروبة الأرض و الشعب و ليزوروا الحقوق و يدعوا حقهم الديني و الشرعي بهذه الأراضي المقدسة و لا بد ان نعرف ان الناصر صلاح الدين ابرز من جابه هذه الحملات حيث حرر القدس و طهرها كما و اعاد توحيد كيان الأمة ليضعف من بعده مجددا و يقوى وهكذا استمر الحال حتى أواخر خمسينيات القرن العشرين
* طبعا عبر التاريخ و من خلال التجربة أدركت الأمم المعادية و المستعمرة أن السيطرة على الأمة العربية شيء يستحيل بقوة السلاح والجبروت و يعود ذلك لأسباب كثيرة منها
1- وحدة التاريخ العربي المشترك
2-وحدة اللسان و اللغة
3-وحدة الدين و تآخيه مع الأديان الأخرى
5-قدسية الشهادة و التضحية في سبيل الوطن
كل هذه الأسباب و غيرها كانت السبب في الوقوف بوجه الاستعمار للنيل من هويتنا العربية و نهب ثروات بلداننا كما أن الدم العربي ما يزال يغلي بالنخوة و المروءة ووحدة المصير..
*بقدوم وسائل الأعلام بدأ الفكر الغربي أو الصليبي بتطويرها جيدا بحيث تخدم مصالحه الاستعمارية وفق خطط مبرمجة و مناهج مدروسة استطاع فيها أن يشرب أفكاره و يعشقها في أذهاننا بشكل لا شعوري أو عن طريق الفطرة الحياتية و السليقة الثقافية التي تنمو يوما بعد يوم طبعا بدأت بالراديو و التلفاز و انتهت بالانترنت حيث كان يشيع فكرة التقدم و التطور و قد تلاها بالفكر التحرري و كل من وقف بوجه غزوه الفكري دعاه بالدكتاتوري أو غاصب الحريات .
و هنا لابد أن أذكر أن هذا الفكر التحرري هو انفلات عام لكل ما هو مباح و غير مباح يتمازج في بوتقة فساد يديرها عقل الكتروني يحكمه إخطبوط الغزو الأميركي بالدرجة الأولى حيث يستطيعون حكم العالم عن طريق الانترنت و تسخير طاقاته لتصب في النهاية لمصلحتهم و نعلم ذلك من تطور نظام النقد الالكتروني و بطاقات الإئتمان و غيرها ولكن الطامة الكبرى هي في انفلات مواقع التواصل و التعارف دون ضوابط و رقابة و من أهمها ما سمي بالفيس بوك و الذي أصبح أحد مطالب التحرر لدى شبابنا والمؤسف أنه و بسبب الضغوطات الداخلية استطاع هذا الجرثوم أن يستغل عقول شباب الأمة و يولد تسيب عربي عام لا ندري إلى أين مصيره و الحاكم و المدير الحقيقي ثلة الصليب التي تضع سياستها كمواصفات فنية لهذا الموقع و انشغالنا به هو التزام بالفكر السياسي الغربي تماما و تطبيق و بالتالي إعادتنا الى نقطة البداية من العصر الجاهلي
...طبعا لا أنفي بعض الثغرات و لكني أؤيد الحق المشروع لحكوماتنا العربية بالتحفظ على هذه المواقع و حجبها لأننا رأينا ماذا حصل بسببها و بذلك يكون الغزو الفكري و الثقافي الصليبي هو الثورة التحررية لدى الشعوب النامية و عندما تثور تكون قد هدمت التطور و عادت إلى تخلفها يملئ حياتها التناحر و الفراغ و التشتت و الضياع و بالتالي و تحت ستار الحفاظ على الحريات تتدخل الدول الغربية عسكريا لقمع حكوماتنا و ضربها عسكريا و ليس الهدف من ذلك الدفاع عن شعوبنا و إنما ضرب البنى التحتية و هدم مقدرات البلد و إعادتها الى نقطة الصفر..
كل هذا و أكثر بكثييير مما ذكرت يحصل اليوم و يتسلل إلى بيوتنا و عقولنا و يغزو حتى طريقة طعامنا عن طريق وسائل الإعلام و أهمها القنوات الفضائية و الانترنت
و هو سلاح الحملة الصليبية الحالية على الأمة العربية و الذي أنا أدعوه الغزو الفكري الصليبي....
لذلك أؤكد على وحدة الصف و التلاحم في وجه المخططات الهادفة لزعزعة لحمتنا الوطنية و ضربنا ببعض لهدم ما بنيناه إذ أن سياساتهم المعادية تهدف إلى إضعاف القوي و تقوية الضعيف و من ثم أضعاف من قوي و تقوية من ضعف لتبقى السيطرة بأيديهم متحكمين بمقدرات و كنوز العالم بما يصب في بوتقة مصالحهم...دمتم و دام الوطن بخير