news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
خواطر
لوحة من الزمن ....بقلم : المحامي سري حاتم كحيل

قرب ذاك الحائط البارد ..... كان ينتظر مبللاً .... حائر النظرات ... مشتت الأفكار رغم ابتسامته الواضحة المعالم .....


 كان أشبه بلوحة تعبيرية اختلطت خطوطها فبات اللغز المختبئ خلف أسوار ألوانها يكشف تاريخ مبدعها ..... لم يعتد الانقياد إلى غضبه الدفين في لحظات اليأس من مواقف الحياة الكثيرة ..... كان يهوى المفاجآت التي قلما تحاكي أمنياته رغم براءة روحه ....

و طال الانتظار .... و لم يأبه بالبرد المحيط بالعظام المصطكة فحرارة المفاجأة التي بان أحد جوانبها قد طغت على أحاسيسه المتجمدة .....

قضى ليله الأخير يفكر بحديث يرويه رغم إيمانه بأنه يملك مفاتيح الأساليب المؤدية إلى مبتغاه دون عناء ....

 

" عندما تجور الأيام على حساب أوقات سعادتنا ..... نسعى لملئ فراغات الحظوظ العاثرة بين طيات الزمن بالأمل المقيد ... الأسير ... العائم على سطح المستحيل ..... فنتمسك بحبائل الهواء كي لا نسقط في فجوة الفشل المحدق خلف أبواب اليأس التي لا نعلم متى تفتح مصراعيها على نفوسنا الساكنة .... "

كانت نظراته تعانق تلك الطبيعة كما العشاق .... و هو يسمو بخياله في خضم تاريخه المليء بالأحداث و الوشائج ... لم يؤمن يوماً بالنهايات الشرقية لطرقه اليائسة الملتوية .....

 فالقدر يربض على مشارف السعادة المطلقة .. كالمصيدة ... و أن النظريات مهما تعاظمت بالمثالية يجب ألا تترجم على أرض الواقع كي لا تفقد صدقيتها و تصبح مجرد كلمات هامشية مسلوبة الإبداع و الثوابت و المنطق رصفت على أوراق الزمان الصفراء .... أو تمسي مجرد ترهات طرزتها العقول المبدعة على جدران الذاكرة بغية التذكار .....

 

و طال الوقت .... و أسدلت ستائر الصبر ببطء أمام عينيه التي مازالت تأبى الخنوع للواقع .... كان مازال يرسم للمستحيل أنياباً .... رغم إدراكه أن المعركة التي تبدأ بالمهاترات و الصراخ ستنتهي حتماً بالعناق .....

امتدت آخر التأملات علها تجد بين ما يثلج القلب حتى تكسرت عند نهاية حدود البصر ..... لم يكن يبحث حينها عن منارة .... بل كان يسعى دائماً كي ينير ظلام القدر الدامس ببصيص لفافة تبغه العفن .....

 

سكن المكان .... و خيم هدوء مطبق لا يشوهه سوى حفيف أغصان أضناها التعب .... مؤججاً فتات الهمس المنسي في الأعماق .... لم يبق عارياً هناك سوى الصمت الذي يحتضن تلك النظرات الهائمة كشبح هارب في ليالي الطمأنينة الباردة ...

سقطت آخر أوراق المفاجأة إلى قاع العلن .... و كشفت أوجه الحقيقة المنتظرة باكراً .... مازال مسمراً لا يحرك ساكناً رغم نداءات القلب المدمر الجانب .... لم يع حينها ماذا يعني السقوط حين تألف النفوس طعم العلقم .... و لم يكن لطول المسافات بين القلوب ذاك الأثر لديه في قلب موازين الاعتبارات ....

 

" رقدت أحلامنا الرضيعة على سرير الأمل الموعود أخيراً بانتظار لحظة المجهول التي لن يطرق ناقوسها عالم النسيان ما لم تستعد زوارق أمنياتنا الهائمة في عباب الزمن مجاديف التصميم المتآكلة فوق زبد الأيام ..... عندها تصبح أحلامنا كفيروس عنيد في هذه السلسلة الوراثية المظلمة ... "

وحيداً كان يحاكي القدر الهاجس بعينين خاويتين من روح الدموع .... تجمدت فرحة اللقاء على شفاهه اليابسة .... و رغم إدراكه أن الرحيل في زمن الضياع هروب مستتر و استسلام لكنه يحمل في جعبته نوعاً من المنطقية ..... عدا بخطواته مثقلاً بالآلام ... و نظراته الحائرة الخجلة تعتذر لكبريائه الجريح كما جرت العادة .... بصر هناك عند حدود الخيال آخر فلول الهزيمة المتوارية وراء أسوار الجفون .... فأسدل أهدابه على جراحه كي لا تهتز أكثر صورته أمام من كان خبيراً بحاله ....ذبلت أفنان ذاك الحلم قبل أن يرويه و لو لمجرد الحديث العابر ... و باتت ذكرياته تناجي حلماً جديداً لحلم لم تكتمل جوانبه .....

 

مازال يعدو وحيداً !!! مترنحاً .... كقشة فوق الأمواج محاولاً إيصال أفكاره المتلاطمة إلى أقرب شاطئ أمان يلوح في الأفق ... ذاك التخبط أيقظ براعم الذكريات المغيبة تحت غبار الغموض ... و سحب البساط من تحت أقدام التهور .... و أضاف إلى سلسلة الروتين حلقة جديدة و ليست جديدة ...

تزعزعت دعامة أخرى من دعائم المبادئ القائمة على أرض قاعة الانتظار الموصدة الأبواب بسلاسل الظروف .... فطوت معها قصة أخرى من قصص ألف ليلة و ليلة ....

مازال يعدو دون التفات ..... دون تمحيص للملامح ..... دون لحظة استدراك عابرة لما مضى ..... دون بداية .... دون ذاكرة ..... إلى حدث آخر و قصة روتينية أخرى تبدأ بحلم رضيع و تنتهي بقطار لن يأت ......

 

1/11/2007

__________________

الحقيقة خرافة أبدعتها عقول الأمس و حرفتها ألسنة الحاضر

2011-04-03
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)
المزيد