تداخلت مطالب الشعب السوري وتطلعاته في الآونة الأخيرة ،ووصلت في بعض الأحيان حد التطرف، وخلق فجوة بين شباب ثوري متحمس يطالب بالحرية والتغيير ومواكبة التطورات الإقليمية
و بين فئة تريد مكافحة الفساد و(الإصلاح )ولكن بمنهجية منظمة و مدروسة وفق تسلسل زمني معين تلافيا للفوضى والانزلاق في نفق الضياع وعدم الاستقرار ... وبين آخرين مستفيدين من الوضع الراهن ولا حاجة لهم للتغيير والذي قد ينعكس سلبا على مشاريعهم ومصالحهم الخاصة و مستقبلهم في هذا البلد ...
من هنا بدأ التصعيد من كلا الأطراف على حساب الطرف الأخر وبدأت الاتهامات و رشق الكلمات والألقاب وبدأ التخوين والمزاودات الوطنية ..وقد وصل الحد الى سفك الدماء الزكية من أبناء شعبنا البطل ..وهذا ما يؤلمنا كثيرا"... ونرفضه تحت أي هتاف أو شعار لا نرضى أن تهدر نقطة دم واحدة على مذبح الحرية.. لأن الحرية حق.. لنا أن نأخذه، وواجب علينا ألا نحتكره .. ونطلب بشدة محاسبة المسببين والمسيئين لسوريا ومواقفها المشرفة والتي كان شعبها يبكي دم أي فلسطيني أو عربي فكيف الأحرى بدم أبنائها ..!! وما الى ذلك من أمور غير صحية لوطن.. متأصل بالوطنية .. ولا يبحث عن هوية.. بل يمنح هوية بالمواقف العربية والقومية بشهادة عالمية ...
هذه التناقضات خلقت نوعا من الفوضى الهدامة .. حيث تعارضت مطالب( الإصلاح) والتغيير والحرية (التي بالحقيقة مهما اختلفت طريقة التعبير عنها هي مطالب مشتركة ينادي بها الشعب السوري بكافة أطيافه) مع بعض الشعارات المسيئة لللحمة الوطنية وللتعددية الدينية والعرقية التي يتمتع بها الشعب السوري ، وذلك من بعض الفئات القليلة التي تتخذ من الدين منبرا سياسيا لتدغدغ به الانتماء الطائفي والذي قد يتجاوب الشارع الشعبي له في ظل سقوط شهداء .. وغياب المنبر السياسي الحر الذي لا يعتلي الا منبر (الوطن فوق الجميع)..
وهذا خطأ كبير يفرغ ثورة (الإصلاح ) من مضمونها الوطني ليضعها على محك التسرع والإسراع، مما يسبب تشنجات على المستوى الفردي وعلى المستوى الشعبي وإثارة حالة عامة من القلق والذعر على مستقبل البلد خاصة وأن الجميع في حالة ترقب وانتظار لما ستؤول إليه الأمور في القريب العاجل... وأصبح الوقت يحسب بالساعات...والقرارات المعلنة من جدول (الإصلاح) تعطي نفسا قصيرا مريحا لبضع ساعات لا أكثر بانتظار القرار التالي .. مع تخوف من سقوط المزيد من الشهداء والذي يوئجج السخط الشعبي ويؤخر انفراج الأمور ..
وهكذا دخلنا في عجلة( الإصلاح )ودوامة الوقت ...
ومع ذلك ظهرت من ناحية أخرى ايجابية اللحمة الوطنية التي يعيشها غالبية الشعب السوري وتعالت الأصوات لرفض الطائفية ونبذ الفتنة التي تحاول أيد خفية ترويع المواطنين بتحريكها عبر بعض القنوات الداخلية والخارجية مستغلة دماء الشهداء الأبرار ليعلو هديرها على هدير عجلة (الاصلاح )..
والآن أين نحن من كل ما سبق..
نحن مع كل ما يريده الشعب .. مع الاصلاح.. الحرية..الغاء قانون الطوارئ ..تحرير معتقلي الرأي ..مع حرية التعبير ..
و لكن نحن لسنا مع الفوضى و العشوائية المسيئة والتي تريد تخريب و تشويه بلدنا وزعزعة أمنه واستقراره من خلال بث الفتن والمتاجرة بدماء الشهداء .. نحن ضد الدم وضد العنف و ضد مصادرة الرأي والاساءة للمواطن والذي من شأنه أن يزيد الهوة بين محاولات( الاصلاح )
ورغبات الشعب ويصعد المواقف ...
نحن مع تأسيس معارضة وطنية بنخب مثقفة تقود سخط الشارع وثورة الشباب الى بر الأمان في حضن الحرية وتحت سماء الوطن تكون رديفا" للنظام وداعما للرئيس في تحقيق آمال الشعب من قائد الوطن.. وتشارك في عملية البناء و(الاصلاح) لتساعد القائد ليرقى ببلده وشعبه الى مستوى الطموح ... وأخيرا نحن مع كل من يريد الخير لسوريا ..
نريد السلام والأمان والعيش الحر الكريم تحت مظلة الوطن الذي هو وأمنه وحريته فوق الجميع ..