عندما أكون في موقع المتلقي... وفي أحيان كثيرة أتعلم وأنسجم إلى تلك الدرجة التي تثير الاستغراب... وأحياناً أخرى أستغرب شعوري بغرابة ما أتلقى...
مرةً سألت مدرب الكاراتيه لماذا أتقنت تلك الحركة بسرعة على الرغم من تعقيدها، بينما أجد صعوبة في تقبل أخرى...؟! أجابني ربما أسلوب حياتك يعتمد على حركات تجعلك تؤدي هذه التقنية بشكل أفضل مقارنةً مع تلك... إذاً كل ما في حياتنا هو استحقاق لأفعالنا...ربما حتى لأفكارنا...طبعاً السابقة... أو إن صح الكلام الحالية اليوم... السابقة غداً.
أعجبتني وأقنعتني كثيراً فكرة تشبيه حياتنا بسباق للتتابع كإسقاط لحياة مصغرة تجسد التجربة الإنسانية في التعامل مع مفهوم الاستحقاق... فلم أجد غير هذه الكلمات لأكتبها في دفتره كذكرى من أب لابنه:
"أنت الدفء الذي أعيش به والجزء الذي لم أعيشه بعد والعالم الذي كنت أرغب بعيشه.. والصفات التي رأيتها ولم أستطع أن أكونها والمعاني التي أحسستها ولم أستطع ترجمتها... أنت كل ما هو دفين في داخلي... أنت كل ما لم يستطع أن يطفو في عالمي... أنت ذلك العمق الذي لم يستطع أحد أن يصل إليه لكنك بدأت منه..
فأعدني أيها الغالي أن تواصل رحلتك مع تلك المعاني... وتصل بها إلى ذلك العمق الذي يمنح العالم المحبة والسلام...فلربما ستفخر بك الإنسانية يوماً...".
بعد أن دونت تلك الكلمات كنت على يقين بأن ابني نورس لن يرى فيها الآن الكثير وربما تلاشت لكنني على ثقة أنها لن تتلاشى إلا إلى العمق... إلى ذلك العمق الذي ستطفو منه يوماً لتوجهه في أيامه القادمة... فأنا لازلت أسيراً لأفكار ورغبات والدي رحمه الله.....
كم نحتاج اليوم إلى زرع أفكار المحبة والسلام في نفوس أطفالنا... كم نحتاج إلى بذل ما يتوجب علينا من جهد لقطع المرحلة الخاصة بنا من سباق التتابع، فربما يصل أطفالنا يوماً أو على الأقل ربما سينتظروا وصول أطفالهم....
إذ يكفيك أحياناً أن تمتلك حق الانتظار...