مؤلم جداً أن نتمنى أخيراً فقدان الأمل ، فقط .. فقدان الأمل ، كي ننجو بأنفسنا من مرارة الخيبات ..
ولكن حتى هذه الأمنية – على بساطتها - تبدو وكأنها شهاب يلوح في الأفق ، لا يمكن الإمساك به حتى بالنظر ولو للحظات !!
كنت دائماً أقول عندما يُخيِّب ظني شخص ما ، أو يقسوَ علي أو ينأى بنفسه بعيداً عني .. كنت أقول : عليَّ ألا أستاء كثيراً فهو موجود وسيكون بجانبي عندما أحتاجُه ..
كثيراً ما أقنعت نفسي أن من يغادر اليوم وهو يقول لي وداعاً بلطف ، سيعود مسرعاً عندما يشعر أني أناديه وفي حاجته ..
وكثيراً ما اعتقدت أن هذه المشاعر والعواطف الإنسانية التي ربتنا المدرسة والقصائد ودروس الدين وقصص الأهل وحلقات المسلسلات التلفزيونية عليها .. ستظهر واضحة كاليد التي تظهر فجأة للغريق الذي يلفظ ما يعتقده آخر نفس له في هذه الحياة لتنتشله من الموت المحتم ، وتمسح رأسه ، وتهدِّئ روعه ، وتفتح له باباً جديداً للحياة .. بعد أن تعثر به الموتُ خطأ وأجّله ..
وكنت أبتسم بسعادة عندما أجد نفسي محاطة بعشرات الأشخاص الذين أحبهم وأفهمهم ، ظناً مني أني لابد سأجد يوماً من يحبني و يفهمني ..
ولكن يبدو أن الصورة كانت معلقة على جدار أفكاري بالمقلوب ظهرها إلى ظنوني واعتقاداتي و باطنها الحقيقي إلى حيث لم أكن أرى .. إلى الواقع ..
يبدو أنني كنت كمريض الوهم ، الذي يقتله وهمه و ظنه واعتقاده الخاطئ .. ولا ينفعه اكتشاف الحقيقة متأخراً ..
أعرف أن هناك من يقول ، وما نفع كلامك هذا هنا ؟ وما غايتك من هذا المقال إذاً ؟!!!
أبداً ، لا نفع ولا ضرر ، لا غاية ولا وسيلة .. إنما بوح فحسب ، لا يثريه ويعطيه قيمته إلا صدقُه ، وحاجة البعض إلى من يبوح عنهم ..
إنه القلب الذي إذا دَميَ فار منه دمُه ، وظهرَ أثر جراحِهِ على الجوارح فأعملَ العيون بالدمع ، والأنامل بالكتابة .. !
إنه الذي لا يسكت رغم نداءات العقل المتذمرة على مرارات الخيبات المتكررة ، إنه كالطفل الذي إذا حاولتَ عقابه وردعه علا صياحه و زاد بكاؤه ..
إنه القلب .. الذي لا رباط عليه ولا ضابط .. الذي جعله الله بين أصابعه ليتحكم فيه هو وحده ، فكيف لنا أن نصلَ إلى مفاتيحه وأقفاله ؟!
إنه الذي يتحرك اليوم على لساني وأصابعي ليقول لكل مارٍّ من هنا وقارئ :
"" إياك والأمل ، فإنه آفة العمل ، ومرآة الأجل ""
أعللُ النفس بالآمال أخدعها أرقبُ الشَّمس في دارةِ زحلِ
ما أضيق العيش لولا فسحةِ أملٍ وما أكدرَ العمرَ يُرجى على أملِ
على أمل ..
أن يعجبَكم