عاداتنا وتقاليدنا تفرض علينا أحيانا ضرائب لا بد من دفعها فهل دائما التقيد بهذه العادات فرض وواجب أم سنتحدى المجتمع لنفعل ما نراه صحيح ،وهل حقا يجب على الحب أن ينتصر أم أننا يجب أن نخضع لمجتمعاتنا وتقاليدنا
لماذا ينظر المجتمع من زواج الشاب لفتاة تكبره بالعمر نظرة الرفض والاستهجان بعد أن تسلح هذا الزواج برابط الحب بينهم ؟؟ وهل هي قضية فرد أم قضية مجتمع بأكمله أعطى حكمة وانتهى دون نقاش ؟؟ وهل يستمر هذا الزواج أم أنه ينتهي قبل أن يبدأ ؟؟؟
أسئلة لا يجيبها إلا من عاش بتجاربها ومرّ بحلاوتها ومرارتها فإليكم التحقيق التالي :
قصص واقعية
عندما يختلط مفهوم الحب مع مفهوم الغريزة الجنسية أو المعنى المغلوط بالحب تصبح المشكلة أكبر من أن تكتب بمقال أو أن تنتهي بكلمة سامحيني فعندما قرر{ س.ع } الزواج من حبيبته لم يسمح لأحد من المحيطين به بالتدخل في هذا الأمر بعد أن أعلن خبر حبه لها على الملأ وأنه لا يستطيع أبدا أن يعيش بدونها وبالفعل بدأت مراسم الزواج على شكل لافت للنظر فهو كان في الثالث والعشرين من العمر أما هي فكانت في السادسة والعشرين إلا أن بعد فترة قصيرة من هذا الزواج أصبح على وشك الانتهاء حيث أن {س.ع } كان رافضا لحمل زوجته مما جعلها تتخلص من الجنين وكانت فكرة رفضه للحمل تحير الزوجة فهو يريدها جميلة فتية كما أحبها بجمالها وأنوثتها وأرادها بالتفرغ الكامل له بعيدا عن الأولاد والمسؤوليات أما هي فأحبت أن تعيش كأي امرأة تحلم بأن تحضن جنينها ،وبعد سنتين من الجدال والنقاش رفضت الزوجة أن يحرمها من حقها بالأمومة فما كان على{ س.ع }إلا أن يقتل الحب بكلمة سامحيني أنت طالق .
وماذا إذا أسس الزواج مع نية الطلاق وهذا ما كان يفكر به {ع.خ } عندما أراد التزوج بأرملة تكبره بثمان سنوات بعد أن أقنعها بحبه لها وبأنه سيكون الزوج المثالي الذي سيؤمن كافه حاجيات أي عائلة متماسكة إلا أنه كلامه ما كان إلا حبر على ورق حيث كانت نيته واضحة إلا أن حبها له أعمى بصيرتها حيث كان { ع.خ } يعمل في متجر لبيع التحف أما هي فكانت قد ورثت من زوجها السابق شركاته وأمواله وما كان يشغلها إلا بالبحث عن شاب يحبها بصدق يعطيها ما كانت تفتقده وشاء القدر أن يجمعها به وبالرغم من العوائق التي وقفت بوجه هذا الزواج إلا أنها لم تكترث بل أرادت ما كانت تبحث عنه وهو الحب والنتيجة واضحة تماما فبعد مدة زمنية أدركت غايته في سيطرته على مالها وأن حبه ما كان إلا كلام ليصل لغايته لكنها كانت أوعى منه وفهمت لعبته الخبيثة متأخرا وقامت بخلعه بعد تأكدها من نصبه واحتياله لقلبها ومشاعرها
كثيرة هي القصص ولكن أغربها عندما أحب {ج. ر} البالغ خمس وعشرون من العمر لامرأة في الأربعين من عمرها حيث كان حبه صادق معها لا غايات ولا دوافع وهي أيضا أحبته بصدق وفهمته ورعته وحمته ووقفت بجانبه بأصعب المواقف فما كان على هذا الحب إلا أن ينتهي بالزواج وهنا حصلت المشكلة حيث أن {ج . ر} لم يستطع أن يدخل على زوجته في ليلتها ليس لضعفه الجنسي إلا أنه وبعد الزواج أحس أنه كان يشعر بها بمشاعر الأمومة التي كان يفتقدها منذ وفاة أمه من 15 عام وما كان حبه الصادق إلا وهم عاشه طفل بحاجة إلى حنان أم يفتقده
وعلى الرصيف الثاني المشرق من الحياة نشأت هذه القصة بين{ نور }وزجها المهندس المدني{ عماد } ورغم أنها تكبره بالعمر 8 سنوات إلا أنه أصر على هذا الزواج منها ولم يرى حبيبته إلا طفله صغيرة مدللة في نظره ، أحبها بكل ما تملك الكلمة من معاني وأحبته مثلما أحبها وأخبرته أنها لا تنجب الأولاد وظل مصرا على الزواج منها وبعد مرور عدة سنوات من زواجهم الناجح طلبت نور من زوجها أن يتزوج من أخرى تنجب له أبناء لكنه لم يستجيب لها وقال لها أنه يحبها ويعيش معها بسعادة ومازال هذا الحب مستمر إلى الآن
آراء كتَاب سيريا نيوز
قضيتنا هذه هي قضية مجتمع بأكمله وآراء المثقفين والكتاب تلعب دور هام لحل جزء من موضوعنا . وبثقافاتهم العالية وآرائهم الشخصية أجابوا زملائي عن رأيهم في هذه القضية
الأستاذ {إياد درويش } كان رأيه قريبا جدا من عقلنا وبأسلوب سلس وجذاب أجابني عن وجهة نظره الشخصية والاجتماعية والدينية موضحا لنا سبب معارضته لهذه القضية قائلا :
أنا لا أؤيد فكرة أن يتزوج الشاب بأكبر منه سنا وأفضل أن يكبر الشاب الفتاة بعمر من 3 إلى 10 سنوات لعدة أسباب طبعا تبقى أسباب شخصية ولكل رأيه بهذا الموضوع ونحترم جميع الآراء .. السبب الأول يتعلق بطبيعة المرأة وحالتها الفيزيولوجية و السيكلوجية بمعنى أن المرأة تصل لسن يسمى مجازا " سن اليأس " عندما تبلغ عمر الأربعين تقريبا بينما تستمر قدرة الرجل على الإنجاب طوال عمره ومن هنا يدخل موضوع الإنجاب والأولاد والجنس ويفرض نفسه خلافا لعلاقة الحب التي قد تكون أحد العوامل الهامة لبدء هذا الزواج ومن هنا حتى بالأغاني قالوا " البنت بتكبر قبل الشب " وهي حقيقة وواقع , وسبب آخر هو أن الفتاة ترغب في كثير من الأحيان بشاب يكبرها عمرا لعوامل عدة منها نضوج الشخصية .. لا أريد أن أطيل عليك .. فقط أذكر أن ذلك ليس قاعدة ومن وجهة نظر دينية لا يوجد مانع أبدا لزواج من هذا النوع فقد قال رسول الله [ ص ] تنكح المرأة لأربع وذكر دينها ومالها وجمالها ونسبها .. ولم يذكر عمرها .
السيدة { فاتنة الصباغ } وبالرغم من عدم تأيدها لهذه القضية إلا أنها أعطت فسحة واقعية للعاطفة المشاعر فإذا وجد الحب من الممكن أن تستمر هذه العلاقة قائله :
يقال أن المرأة تكبر قبل الرجل لذلك فعليه الارتباط بالأصغر منه سناً لكني أقول المرأة التي تبقى على اعتناء دائم بنفسها ولياقتها تحافظ على سنها ولكن المرأة تنضج أسرع ولهذا فعليها الاقتران بمن هو أكبر منها حتى لا يكون تفاوت بالتفكير والعقول لكن الفرق يجب ألا يكون كبيرا فنعود إلى فارق التفكير والحواجز التي لا تنتهي ولكن إذا حبوا بعضهم واستطاع حبهم أن يتجاوز كل الحواجز واستطاعوا أن يتفهموا بعض يبقى الله يسعدهم
السيد { عهد إبراهيم } يرى أن خبرة الرجل في الحياة تجعله قواماً على المرأة وهذا سر انجذاب المرأة للشاب حيث أنه يستطيع تحمل المسؤوليات ويكون أوعى لفهمه للحياة الزوجية قائلا ً:
أنا برأيي من الأفضل أن يكون فرق العمر للشاب وعلى الأقل خمس سنوات لأن أكثر النساء يفضلون الرجل الأكبر منهن بالسن من حيث خبرته ومعرفته بالحياة وممكن أن يستفيدوا من التجارب والنصائح اللي كونها الرجل خلال حياته وأيضا الرجل سيكون قادر على تحمل المسؤوليات أكثر .... ومن باب التوضيح المرأة التي عمرها ببداية العشرينات تفضل أن يكون عمر الرجل فوق الثلاثين وتحس بقربه بالأمان والطمأنينة حيث يكون مستوى التفاهم بينهم أفضل وكل ما ذكرته لك هو عن خبرة وتجربة وحتى أن هناك بعض الدراسات تثبت ما ذكرت
رأي علم النفس...
الأخصائية النفسية { رشا طيري } ترجح احتمال استمرر هذا الزواج وتقول إنه من ناحية التوافق بينهما ومن ناحية الحب ولكنها تشير إلى تضافر عده عوامل لاستمرارية هذا الزواج ولاسيما إتحاد العاطفة مع التفكير حيث تقول " الحب وحده لا يكفي لنجاح هذا الزواج لكن الحب ضروري والقناعة بالطرف الآخر ضرورية أيضا مع أهمية الاتفاق على تقبل الزوجين لوضع هذا الزوج اجتماعيا وعائليا ً فهذا ضروري جدا .لذلك أقول هذا الزواج برأيي من الممكن أن يستمر
رأي الطب ...
أشار الدكتور{ عيسى الحمصي }اختصاصي أمراض نسائية أن الطب تطور كثيرا في هذا المجال وقد وجدت الكثير من العقاقير التي تعيد الفيزيولوجية المفقودة من جسد المرأة إلى ما كانت عليه وهذه العقاقير عبارة عن كريمات أو حبوب ليست مقوية للهرمونات الضعيفة في جسد المرأة مع تقدمها بالعمر بل هي هرمونات حقيقية تعوض النقص التي تعاني منه . ولكن المرأة التي تستعمل هذه الهرمونات بحاجة لمراجعة طبيب بشكل دائم
رأي الدين ...
وكان رأي الدين واضحاً وصريحاً في قضيتنا هذه فالرسول صلى الله عليه واله سلم هو القدوة وقد تزوج خديجة في عمره 25 وهى كانت في 40
و قال رسول الله [ ص ] تنكح المرأة لأربع وذكر دينها ومالها وجمالها ونسبها .. ولم يذكر عمرها .
كثيرة هي العوائق التي تتحدى هذا الزواج ومبرراتها لاتعد ولا تحصى لكن العادات والتقاليد تتصدر قمة هذه العوائق التي تواجه حدوث أو استمرار هذا الزواج وهذه العادات فرضت وجودها على مجتمعاتنا تحت مسميات عديدة ومبررات ربما كان فيها شيء من المنطق لكنها بمجملها أدت إلى مشكلة كانت المرأة هي الضحية الوحيدة فيها .
أرجو أن أكون قد أفدتكم فهذا هو عملي وهذا هو واجبي اتجاه أبناء وطني العزيز سوريا ... ودمتم سالمين.
Hady Dokar