news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
فشة خلق
ليس هناك ما يزعج..! ... بقلم : باسم عبدو

لم أتوقع أبداً، ولم يتوقع المواطن، أن البهجة الناهضة من بين الأضلاع، تخرج إلى العلن بهذه السرعة! ويتحول الحلم لأول مرة منذ سنوات إلى واقع، ينعكس إيجاباً على حياة المواطنين الذين تخلّصوا من (عقدة أكل اللحم).


ومن كثرة حكي الناس الميسورين عن المصروف الشهري الكبير، خاصة في ظل أحداث شلّت الحياة الاقتصادية وعطَّلت السياحة  فمعظم المطاعم أغلقت أبوابها، وأحجم السياح عن القدوم إلى سورية.. وتم تسريح عشرات ألوف العمال من معامل وشركات القطاع الخاص. وبدأت الحلول الجزئية تبرز، منها (تسريح ما يسميه رب العمل بـ (الفائض)، ثمَّ إعطاء نصف الراتب لمن يبقى.. وهكذا..).

 

ليس هناك ما يزعج، بعد أن شكَّل الحلم كميناً سلمياً غير مسلّح. ولم أصدّق ما يجري، في أول يوم من شهر أيلول، عندما نهضتُ والبهجة ترسم أبهى صورها، رغم قصف الناتو وقتله مئات المواطنين الليبيين الأبرياء، ورغم التحالف العربي الرجعي- الأمريكي- الأوربي- التركي- الصهيوني.. رغم كل ما يجري نفض الحلم من رأسي هموماً ملبَّدة بغيوم الهواجس.. حاولتُ مرغماً أن أجيب عن سؤال زوجتي الملحاح، وأن أتذكّر تفاصيل الحلم، دون التفريط بحرف واحد.

 

قلتُ لها رنَّت في أذنيَّ أنغام الأغنام في سهل فسيح، يصل طول الأعشاب فيه إلى نصف متر. كانت الأغنام في ثغاء وغناء كأنها في عرس، ترفع رؤوسها فرحة على أنغام مزمار الراعي..تصوّرت أنه حلم مارق، لكنَّ ذاكرتي التي استعادت حيويتها ونشاطها من جديد، احتفظت به ولن يتزعزع بناؤه مهما زأرت الرياح واشتدت العواصف، بينما كانت زوجتي تنتظر بفارغ الصبر. وحبست أنفاسها وأنا أنظر إليها وأرى قلبها يخفق صعوداً وهبوطاً.. وهي تعرف أنها إذا كررت السؤال، أتوقف عن سرد الحلم.

 

قلتُ  وأنا في عزّ النّوم ولا يزعجني أحد، وارتقى ذهني إلى الصفاء كزرقة ماء البحر، تناولت جريدة (تشرين) من مكتبي وقرأتُ خبراً انتظرتُه طويلاً. يقول الخبر الذي جاء تحت عنوان(كشف عن نية الحكومة بالعودة للتسعير). وكان الخبر قصيراً، لكنه سريع الوصول إلى أي قرية في سورية، مفاده أن وزير الاقتصاد أصدر قراراً رقم ،2443 يقضي بإيقاف تصدير الأغنام. وعندما قرأتُ أسعار الفروج والسمك والخضراوات والفواكه، لم أصدق أن سعر كيلو الليمون قد انخفض، وأن سعر كيلو السمك في هذا الطقس الحار ما يزال مرتفعاً. وكان السوق مزدحماً بالناس وأصوات الباعة.

 

لم تنتظر زوجتي وقاطعتني مراراً، فتجمَّد لساني واختبأ في حلقي خوفاً من يوم أسود تتكاثف فيه غيوم غضبها. وإذ رعد جنونها وأمطر صراخها، لا أعرف كيف أواجه حممها، وبركان الغلاء الفاحش وارتفاع الأسعار الجنوني.. وماذا عليَّ أن أفعل؟!

 

ارتجف الحلم واقشعرّ بدني..توقفت بعض الشعيرات الباقيات في جلدة رأسي، كأعواد يابسة في حقل فلاح لم يضع سكَّة فيه منذ سنين..قلتُ قبل أن أغطّ في نوم عميق من يزرع الشوك فسيحصد الهشيم..أما زوجتي فبدأت تقلّب أفكارها، وتبحث عن زورق ينقلها إلى شاطئ آخر كي تستعيد أجمل أحلامها..!

 

2011-09-28
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)
المزيد