news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
قصص قصيرة
الصبر مفتاح الفرح . . . سوريا بخير ... بقلم : م فواز بدور

حطّ على كرسيه منهزماً ونظر بذهول شديد إلى درجة الشرود دقق النظر في قبضة الباب


ثم ألقى نظرة أخرى على الكتاب الذي بين يديه ثم رسم ابتسامة استغراب ثم قطب حاجبيه و نظر إلى كل ما حوله ثم هز رأسه مستغرباً و رفع الكتاب وكاد يصرخ بأعلى صوته لكنه وضع الكتاب  بهدوء على الطاولة  ثم شبك يديه خلف رقبته وعاد بجلسته إلى الخلف ورأسه إلى الأعلى  و قال " لا حول ولا قوة إلا بالله "

 

" يطلب إليكم تطبيق دراستكم المعنونة بـ " الدائرة النموذجية " على تركيب قبضة الباب ليصار إلى تقييمها من قبلنا ورفع النتيجة إلى الإدارة  . . .  رئيس الدائرة  " تلك هي آخر حاشية على الكتاب أي أن  المطلوب منه تطبيق دراسته - التي أفرغ بها خلاصة دراسته  الإدارية وخبرته  العملية في مقارنة بين دائرة افتراضية حالية  ودائرة نموذجية بموظف مثالي - على تركيب قبضة الباب

 

حاول أن يأخذ الأمور على محمل المزح المكتسي ثوب الجدية واستعرض الأفكار الكرتونية  ليصل إلى القدرة الخفية لتطبيق دراسته على تركيب قبضة الباب ففتح دراسته وذهب إلى الباب وراح يتفحص القبضة  ويقارب بينها وبين الدراسة  ففتح على المقدمة وقرأ الحقيقة هي الأساس الذي يجب أن تقوم عليه الدراسة . . . نعم حقيقة علمية تطبق على القبضة و بشكل كامل أما الإطار العام للعملية الإصلاحية  فيمكن تطبيقها بتحويل الإطار من المعنى الفكري المجرد إلى المعنى الفيزيائي  الحقيقي أي إطار القبضة  – وهذا أجدى وأكثر نفعاً -  أما تقوية البنية التشريعية فيمكن تمثيلها بشد البراغي السفلية للقبضة والبنية الإدارية فلا شك أنها البراغي العلوية أما وظائف الإدارة فببساطة هي القبضة التي تتحرك بحركة دورا نية مقيده بزاوية محددة  نعم هي القبضة بحد ذاتها

 

انتقل بعد ذلك إلى الواقع الحالي للدائرة والبيئة الداخلية والبيئة الخارجية والضياع بالديوان وعدم استخدام الكمبيوتر ونتائج التجارب واعتماد الدائرة على عدد قليل من المقربين من رئيس الدائرة ووجود العناصر السلبية والعمل على إفساد العناصر وعدم المتابعة من قبل رئيس الدائرة والإحباط الواضح لدى العناصر الشريفة والإبعاد والتهميش للعناصر المؤهلة  فهز رأسه وهمس بتصميم  يمكن تطبيقها على القبضة بل راح بحركة مسرحية يلوم ذاته لأنه لم يفكر حتى تاريخه  بإجراء دراسة عن تأثير تركيب القبضة على دفع العملية الاقتصادية ومنعكساتها الاجتماعية

 

انتقل بعد ذلك إلى خطة العمل للانتقال إلى الدائرة النموذجية  فنقر على القبضة بسبابته اليسرى كأنها أوتار قانون أو تشيلو وقرأ تفعيل الأتمتة  دن دن دن تغيير آلية عمل الديوان دن دن تفعيل المتابعة الإلزامية  دن  .    وعندما شعر بالإعياء عاد إلى كرسيه  وضع كوعيه على الطاولة وضغط على رأسه حتى شعر بالألم يجتاح رأسه ورقبته

 

وكبت صرخة من أعماقه لماذا لا يريد القائمون على هذا الوطن جهدنا وخبرتنا  ؟ ؟؟ لماذا ندفع ثمن  نزاهتنا وراح يتذكر وهو يتحسر أو بالأحرى  يتحسر وهو يتذكر كيف تقدم بمصغر عن دراسته هذه للمحافظ السابق فقام بتحويلها إلى أحد مستشاريه لتنام في درجه إلى الأبد وكيف استبشر خيراً بتغيير المحافظ وأعاد تقديم الدراسة وكم سر بتحويلها إلى مديرية التطوير بحاشية " للدراسة وبيان الرأي حول النقاط التي يمكن الاستفادة منها والعرض " وكيف بدأت صدمته الأولى تخفف من  سروره بالكتاب المعد من قبل مديرية التطوير والموجه  من المحافظة إلى مديريته  " للاهتمام بالدراسة وتكليف المذكور بتنفيذها في إحدى مشاريع المديرية وتطبيق الحلول المقترحة من قبله على المشروع ومن ثم تقييم التجربة ومدى الاستفادة منها وإعلامنا النتائج " متسائلاً لماذا يتم تقزيم الدراسة من مستوى دائرة إلى مستوى مشروع  ولكن لا بأس ربما يحق لهم التأكد من نجاعة الدراسة على مستوى صغير قبل اعتمادها على مستوى دائرة  لا بأس المهم أن يتم الاستفادة من الدراسة

 

حاول أن يفهم  حاشية السيد المدير " الفني يرجى إجراء اللازم "والتي قد تبدو حاشية طبيعية وإن كان يشوبها ضعف إداري يستند على عدم القدرة أو الرغبة باتخاذ قرار ولكن ما هو غير طبيعي هو معرفة المدير بالعلاقة المتوترة بينه وبين  رئيس الشؤون الفنية على خلفية معرفته بفساد رئيس الشؤون الفنية واختياره لرؤساء الشعب ليكونوا سماسرة بينه وبين المتعهدين بل أكثر من ذلك أنه قد تقدم بأكثر من شكوى للمدير يبين فيها قيام رئيس الشؤون الفنية بالتعاون مع رئيس الدائرة بتهميشه وإبعاده

 

انتقل إلى حاشية رئيس الشؤون الفنية التي كانت متوقعة وفيها يطلب من رئيس الدائرة اقتراح مشروع لتطبيق الدراسة عليه وبيان الرأي بإمكانية تطبيقها والمتطلبات لذلك وطبعاً هو يعرف أن رئيس الدائرة سيتناغم معه ويحقق رغباته  فتابع قراءة الردود

" السيد رئيس الشؤون الفنية نظراً لصعوبة تطبيق الدراسة على مستوى المشروع وعدم توفر الإمكانيات لذلك  أقترح تطبيق الدراسة على مستوى  أضيق  . . .      رئيس الدائرة "

 

"السيد رئيس الدائرة مع الموافقة على اقتراحكم  يرجى العمل على تنفيذه فوراً . . .  رئيس الشؤون الفنية "

" يطلب إليكم تطبيق دراستكم المعنونة بـ " الدائرة النموذجية " على تركيب قبضة الباب ليصار إلى تقييمها من قبلنا ورفع النتيجة إلى الإدارة  . . .  رئيس الدائرة  "

 

وبينما هو يزداد أسىً مع كل  قراءة لكل تفاصيل الكتاب  وأرقام دخوله لدواوين المديرية المختلفة دخل ساعي البريد يحمل طرداً وقال له هذا الطرد لك وبعد أن قام بالتوقيع واستلام الطرد وخرج ساعي البريد فتح الطرد فوجد فيه عدة ألعاب أحدها  على شكل سيارة نقل القمامة مرتبطة بحاوية تقوم برفعها وإلقاء ما بداخلها في قلب السيارة ومكنسة صغيرة ومجرود صغير "سفاية " وعدة دمى أحدها على شكل لص يحمل كيسه على ظهره والثانية رجل يرتدي طقم وجيوبه منتفخة والثالثة رجل بنظرة استعلاء وغرور والرابعة رجلين أحدهما يصرخ ويرفع يده اليمنى  والثاني يضع النقود في يد الأول اليسرى

 

لم يفهم بداية فقرأ الكرت المرفق مع الطرد " الصبر مفتاح الفرج . . . التوقيع سوريا بخير " ارتسمت الابتسامة على وجهه وحمل المكنسة الصغيرة بيده اليمنى والمجرود بيده اليسرى وراح يكنس الدمى ويضعها في الحاوية وبعد أن انتهى من كنس كل الدمى ووضعها في الحاوية كبس مفتاح تشغيل سيارة نقل القمامة فقامت برفع الحاوية وإلقاء الدمى في السيارة وانطلقت وعندما وصلت إلى حافة الطاولة أمسكها

 

فقام بقلبها لإفراغ كل الدمى منها واتسعت ابتسامته أكثر فأكثر وهو يعيد العملية بكنس الدمى ووضعها بالحاوية وتشغيل السيارة   وشعر بسعادة لم يشعر بها منذ زمن طويل  وعندما توقف ولم يجد شيئاً على الطاولة تسأل هل ذهبت سيارة نقل القمامة لإلقاء القمامة في مكب القمامة  أم أنه لم يكن هناك سيارة ولا طرد  . . . الصبر مفتاح الفرج

2011-11-03
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)
المزيد