يا يسوع الناصرة، يا من تركت السماوات بمجدها، كي لا تحل فيما بيننا وحسب، بل لتحل خطايانا ومشاكلنا.
أنا كمسيحي عربي سوري، أخجل من نفسي، إذ عليَ أن أستقبلك في الغد، وقد صلبتك أربعة آلاف مرة، في بلد هو مهد المسيحية، كما أن ناصرتك هي مهد لك.
نحن العرب قد بعنا سنة1948 بلد مهدك، وسنة 2003 مهد صورتك ومثالك. واليوم وبعد63سنة من فلسطين، وثمان سنوات من العراق، نتسابق كعرب كي نبيع أوطاننا بأبخس الأثمان، ولولا وعي البعض منا لكنا شابهنا الغيهب البري، ولصرنا كالبومة المنفردة على الصخر. ولكن هذا لا يعني ولا ينفي كوننا كنا قاب قوسين أو ربما أدنى من شفير الهاوية. وتشارك بعضنا مع غريبين، وغربيين لإعدام الوطن.
لا أعلم إن كنت مستحق لاستقبال ميلادك، وقد صلبت صورتك ومثالك. ولكني على يقين من غفرانك للصالبين الجدد ممن لا يعرفون ماذا يفعلون، وإن كانت خطيئتهم تتدلى من فروة رأسهم، إلى أخمص أقدامهم. لكن... ماذا علينا أن نفعل مع من يعرف ماذا يفعل؟ ذاك القاتل والسافك لعرض الوطن، ودم أبنائه؛ إن كنت مكاننا. ماذا كنت فعلت؟ إن رأيت ناصرتك، تذبح أمام أعينك. هل ستقول يا ناقضي الهيكل وبانييه بثلاثة أيام، دمكم ليس علينا، ولا على أبنائنا، اذهبوا سامحكم الله، ساعدوا نفسكم، يساعدكم الله.
يا سيد المزود، أصبح سيدي هو المزود. ولم يعد سيد المزود. لقد نسيتك، وتناسيتك. أشغلني كل شيء عنك، ولا أعرف إن كانت إرهاصات أملي لمسحنة العالم بأعمالي، قد تلاشت شظاياها في جو معبأ بالفساد والدمار. لن أشكِ لك حالي؛ لأنك أعلم مني بنفسي، فأنت الذي ولدتني في أدم من قبل، وأوجدتني ووهبتني ضمير وعقل؛ كي أحافظ على استمراري. ولكن إذا تكلمنا وقائع. لا أعلم ماذا بقي لي منك، أو بالأحرى (ماذا سمحت لنفسي أن يبقى لي منك).
آمل أن يكون إكليل السنة الجديدة، متسربلًا بمجد ناسوتك، من خلال لاهوتك. أنت الذي علمتنا كيف يبذل الإنسان نفسه عمن حوله، وأنت الذي حولت هدا العالم إلى غير ما كان, وذلك من خلال محبتك، علمنا أن نتعلم منك كيف نحب بعضنا، لئلا يعود قابيل ويقتل هابيل من جديد، وتضطر أن تنفي القاتل، وتأتي بشيء أخر. أنت الذي عودتنا لا التدخل بل الحل، قد سئمنا انتظار أعاجيبك. فيا سيدي وحبيبي يسوع، هذا الوطن الذي أحببته سوريا، مشتاق إليك ويفتقد لك عالمنا يفتقد للشعور الفعلي,أو بتعبير أدق الحسي لوجودك. أنت الذي تحبنا أكثر مما نحب أنفسنا، أسوة بمعرفتك لحقيقة لمصالحنا، قد أضعنا البوصلة، وما عدنا نفرق بين برنا وبحرنا، ولا شرقنا من غربنا، ولا حتى فروة رأسنا من أخمص قدمينا. أخلق فينا الباعث والحافز؛ كي نكون أقرب منك، وأن نسعى إليك، فنحن فقدنا زمام المبادرة. لا تنشغل بمشاكلنا السياسية، فهي لا تزل تتحرك، ولن تزول. هي شجون ألهتّنا عن شؤون كان علينا,أن نقوم بها.
يا سيدي المزود، يا سيد المزود. لا أعرف إن كنا سنشتري هده السنة، ألعابًا نلهي بها أطفالنا عن التفكير بما أعده لهم كبارنا، لكني أعرف قولك الأحلى، لمرتا أخت لعازر: (أنا القيامة، والحق، والحياة). وقولك: (من آمن بي، وإن مات فسيحيا) ولماذا نربط هذه الأخيرة بالموت الجسدي! أليس نصابها الصحيح، هو القيامة. فهي برهان جلي على وجود القيامة، في كل شيء حتى الموت. ويا يسوع الناصرة أقم بلدي الجريح سوريا، قبل أن يموت. فأنا مؤمن بك، فكن مؤمنًا بي، وأوعز إلي، وإلى من حولي كي نكون بمجملنا جنود أوفياء، كلٌ منا بمكانه