تساؤلات كثيرة يطرحها العقل على الإنسان وإن كان التساؤل هو أهم ما يميز العقل الواعي الباحث عن الحقيقة فهناك تساؤلات غريبة يستغربها حتى العقل الذي طرحها كما يستغرب منبعها أو أصلها ومن هذه التساؤلات :
ما الذي يجعل الشكل الكروي هو أحب الأشكال وأقربها , لماذا الكرة محببة للصغير قبل الكبير ؟
وللإجابة على هذا التساؤل يخطر للذهن :
ربما كروية العين هي ما يخلق الإحساس المحبب بالأجسام الشبيهة فتجعلها أكثر انسجاماً وقرباً انطلاقاً من الشبه والتشابه .
أو أن الشكل الكروي يجعلنا نتذكر البيئة التي وهبت لنا فيها الحياة فيكون انجذابنا لها شكلاً من أشكال الحنين
أو أن القوة البسيطة التي نمتلكها تحدث تأثيراً حركياً كبيراً في الأجسام الكروية وتعطي نتائج ملموسة نتيجة انعدام الفاقد الحركي للشكل الكروي وهذا ما يجعلنا نشعر بقدرتنا على الإنجاز وبالتالي إثبات الوجود .
أو أنه الانتباه الواعي أو اللا واعي بأن الكروية هي ما يميز الكواكب والأجرام السماوية فالأرض كروية والشمس كروية وحتى مظهر السماء يبدو قبة كروية
أو أن الجانب الحسي القائم على أساس العدل بما يعنيه المحل الهندسي لمجموعة النقاط التي تبعد بعداً متساوياً عن نقطة تشكل مركز هذه الكرة , أو أنه الإيمان الباطني غير الملموس بأن أساس الوجود هو المركز الذي بث الحياة قبل الحياة كما أوجد الكون قبل التكوين
وانطلاقاً من هذه المقدمة ومن أجل الوصول إلى نتيجة صحيحة يجب علينا إتباع نظرية قد تكون جديدة ولنتفق على تسميتها " كروية التفكير " وهذه النظرية تقوم على ضرورة التمركز في المركز والرؤية المنفتحة التي تضمن النظر على مدار الزاوية الكاملة المكونة للكرة والتي تساوي ثلاثمائة وستون درجة وفي كل الاتجاهات الأفقية و الشاقولية والمائلة يضاف إلى ذلك ضرورة التأكد من عدم وجود العوائق والحواجز التي تحجب الرؤية أو تؤدي إلى تضيقها وحصرها ضمن مجال محدد
ويمكن تطبيق هذه النظرية على الكثير من المسائل الحسية كالعدل والخير والوطنية
فإذا أردنا تطبيقها على ما نمر به في هذه المرحلة نقول :
إن الأزمة التي نعيشها هي أزمة وطنية فالكرة التي يجب أن نتمركز في مركزها وأن نحميها من التشوه الطبيعي أو المصطنع هي الكرة الوطنية
ولأننا بشر ولأننا خطاءون فمن الطبيعي أن تكون هناك انحرافات تؤدي إلى تشوهات في كرتنا الوطنية وأن يكون بعضها ضمن الحدود المسموحة بمسبباته التي يطلق عليها العيوب الإنسانية كالهوى والغريزة والأنانية والتي تختلف من شخصية إلى أخرى تبعاً للبيئة والتربية وهذا ما لا يمكن نكرانه إن أردنا التزام الحيادية والموضوعية وما يطمئن أن التشوهات الناتجة عن هذه الانحرافات على مستوى الوطن بسيطة وقد تكون غير ملموسة
أما ما يقلق فهو تلك الانحرافات التي تسبب تشوهات ليست ضمن الحدود المسموحة والتي تؤدي إلى نتائج كارثية في بعض الأحيان وكبيرة في معظمها ومن هذه الانحرافات :
تبرير القتل مهما كان الدافع أو الحجة
تبرير اللجوء إلى الحل الأمني أو المسلح للأزمة
تبرير حمل السلاح مهما كانت الأسباب
الاستماع لأي صوت آخر غير صوت الوطن
تغيير الحقيقية تلبية لنزعة أو رغبة
السماح لأناس بعيدين عن بيئتنا وحياتنا بغرس أفكارهم الهدامة في عقولنا
صم الأذن عن صوت الحق اقتناعاً بكلام يناسب الميول والأهواء مهما كانت هذه الميول والأهواء
الاقتصاص من الأخوة في الوطنية على ذنب عابر سبيل في الوطنية
ويمكننا القول اعتماداً على قوانين الفيزياء الوطنية أن معظم هذه التشوهات التي تصيب كرتنا نتيجة هذه الانحرافات هي تشوهات مرنة أي أن تأثيرها يزول وتعود الكرة إلى شكلها الطبيعي بمجرد التخلص من هذه الانحرافات شريطة عدم استمرار هذه التشوهات لمدة زمنية طويلة أو ألا تكون الانحرافات كبيرة لدرجة عدم إمكانية إعادة التمركز الصحيح
وليس خافياً على دارسي علم الطبوغرافيا أن أي انحراف في التمركز تجعل القارئ الذي يقوم بالرصد معرضاً للخطأ وهو ما يسمى خطأ التمركز وبالتالي ستكون القراءات التي يقوم بها خاطئة وهذا سيعطي إحداثيات خاطئة وبالتالي استنتاج للتضاريس والأبعاد خاطئ ويؤدي هذا بالضرورة إلى اتخاذ مسار خاطئ
عدا عن أن التشوه في شكل هذه الكرة سينعكس على ازدياد الفاقد الحركي الذي يعاكس القوة المطبقة عليها وصولاً إلى مرحلة لا يمكن تحريكها مهما بلغت القوة المطبقة
فيا أبناء سوريا الراغبين بحمايتها من التشوه لضمان انتقالها إلى أعلى درجات المجد
خلصوا ذاتكم من كل الانحرافات في الوطنية فهذه الانحرافات تسبب أخطاء التمركز فتولد القراءات والتضاريس والمسارات الخاطئة
وعليكم أن تعودوا إلى سوريتكم لتصفوا أفكاركم من كل حواجز وعوائق الرؤية الواضحة السليمة
واعلموا أن أخوتنا وتلاحمنا هي ما ستؤدي إلى المحافظة على شكل الكرة وانعدام الفاقد الحركي للوصول بالوطن إلى ما نصبو إليه أما اقتتالنا وتضادنا فسيعني تشوه كرتنا وبالتالي ازدياد الفاقد الحركي وقد نصل إلى درجة لا يمكن فيها تحريك هذه الكرة مهما طبقنا عليه من قوة وهذا يعني أن نقبع في جهلنا وتخلفنا إلى أن ندرك أن تقاربنا وانتقالنا باتجاه مركز هذه الكرة هو الوسيلة الوحيدة لتحريكها إلى ما نصبو إليه من منعة وعظمة وصمود
عشتم وعاشت سوريا