بعد مرور سنة ، أو أكثر قليلا ً، وهذه الأحداث المؤسفة ما تزال تعصف ببلدنا الحبيب ، والقضية لم تحل بعد ؟!
وفي الأصل ، هناك طرفان . جانب تمثله الحكومة بما فيها من مؤسسات وجيش وقيادة .. أعني مكونات الدولة بكل ما تعنيه الكلمة من معنى . وطرف آخر ، وهو عبارة عن مجموعات أو افراد مسلحون أو بدون ، لكنهم يقومون بأعمال عنف خلسة وغدرا ً، وقد أطلق عليهم من تبناهم بالثوار أو الجيش الحر ..الخ . اما لماذا حدث ما حدث وما يزال فإنني كمواطن اعتقد ما يلي :
- سورية ، وليس على زمن حافظ الأسد رحمه الله ، أو بشار الأسد حفظه الله وحسب ، بل منذ عرفت سورية عبر التاريخ ، وخاصة منذ الاستقلال ، كانت وما تزال ذات نهج قومي وطني يتأرجح خطه البياني حسب الفترة والحاكم ، لكنها عموما ً كانت وطنية قومية بامتياز دائما ً.
- اسرائيل المدللة هذه ، لا يمكن أن تحارب إلى ما لا نهاية وحتى تنعم بشيء من الأمن والأمان كما يتهيأ لها ، لا بد من اطفاء جذوة الفكر القومي المحرض المتأصل في سورية ضد وجودها ، فكانت الحروب والمؤامرات والحصار .. وكانت الأدوات مختلفة بدءا ً من بعض اصحاب الضمائر المريضة في الداخل ، وصولا ً إلى أولئك الذين اشتروا كراسي حكمهم وخاصة دول الخليج بالدولار .. وان ما يحاولون فعله اليوم يبدو انه السهم الأخير ...!
- واليوم ، وقد مضى أكثر من عام على هذا الوضع المأساوي لنا ان نسأل : ما الذي حققه كل من الفريقين ؟ اما الحكومة ،وهي الطرف الأقوى بالمطلق فلم تنه الأمر حتى اليوم ليس لأنها عاجزة ، بل لأن اسلوب هذه الحرب يؤخر عادة حسم الأمور حتى لو كانت الدولة واحدة من أقوى دول العالم .. اما ما يسمى بالمعارضة ، وهنا نقصد الخارجية تحديدا ً ، فقد تبنت هذه المعارضة السلاح وسيلة للوصول إلى الهدف الذي كلفت بتحقيقه. وهي لن تنجح في تحقيق هذا الهدف لأسباب عدة ، اهمها ان ليس لهدفها المحدد اية ملامح وطنية بقدر ما يفهم منه خراب سورية وحسب !!؟؟
واذا ما نظرنا نظرة مقارنة فإننا نجد ما يلي :
- تدعي هذه المعارضة انها على حق كما تتوهم . وانها لم تحمل السلاح إلا لحماية الشعب من حكومته وكأنها حققت مستوى من الأمن والأمان أكثر مما كان قبل هذه الأحداث !! وهكذا يحاولون أن يبرهن على ذلك كل من يؤيدهم فما يفتأوون ينبقون علينا من الشاشات المغرضة ويفرضون انفسهم كحكماء زمانهم ولكنهم ينسون أو يتناسون عمدا ً ما يلي :
- لم يسجل التاريخ البشري يوما ً ان الثورات تقتل شعوبها
- لم يسجل التاريخ يوما ان الثورات تنشأ اصلا ً لتحقيق اهداف الغير خاصة اذا كانوا من أعداء هذا الشعب اصلا ً!!
- لم يظهر وحتى تاريخه ومنذ بدء هذه الأحداث أن ً من الذين يتعاطفون مع هذه الثورة ويختبئون في فنادق النجوم الخمس في تركية وسواها ان لهم خلفية وطنية حقيقية أو نزاهة على الأقل ، بل ان أغلبهم مدان وهارب من العدالة لسبب يتعلق بنزاهة أو خيانة وان دافعهم الأساس لكل ذلك هو الانتقام بدافع الحقد الشخصي وليس الدافع الوطني !! وبالتالي فهم ابعد ما يكونون عما يدعونه نظريا ً انهم ثوار ويؤيدون حركة ثورية!؟
- اذا كان من يدعم هؤلاء هي امريكا ودول الغرب واسرائيل ودول النفط العربي المشبوهة ، فهل ثمة من في العالم كله يستطيع ان يثبت لنا ان هذه الدول كان قلبها وهمها على مصالح سورية والعرب والاسلام ذات يوم ؟
- من يستطيع ان يبرهن ولو لمرة انه لا يحق لأي دولة ان تعالج أي اخلال بالأمن والأمان وبالطريقة المناسبة ؟ ولماذا لا يحق لسورية ذلك بينما يحق للحكم في البحرين والسعودية مثلا ان يفعلا ذلك !! ولماذا لم يتنكر أي من أولئك لما قامت به بريطانية عندما عصفت فيها احداث فوضى انعكست سلبا بمقياسها على ابناء شعبها منذ شهور ، علما ً انها استخدمت الشرطة والجيش والآليات الثقيلة عندما استدعاها الأمر ذلك !؟
- هذه التي سمت ذاتها ثورة ، مضت عليها سنة ولم تحقق سوى المزيد من القتل والاغتصاب والسرقات والتخريب والتدمير وقطع الطرقات ! كل ذلك حصل ، لكن الذي لم يحصل ان الدولة لم تضعف قيد شعرة ، وما تزال الثورة تركب رأسها ! اما آن لهؤلاء الرعاع ان يفهموا وان يقتنعوا وكما يقال في لهجة اهل الشمال :أن ينجقروا ويأكلوا الهوى ؟!.. الا يدعوهم ذلك على الأقل إلى التغيير في الأداء رأفة بهذا الشعب وهؤلاء الأبرياء الذين ما فتئت ثورتهم الهمجية تحصد ارواحهم بكل صلف وقسوة ؟!ما الذي جنوه حقيقة من كل هذا الخراب والتفجيرات وقتل الأبرياء وقطع الطرقات واغلاق المدارس وتدمير المنشآت العامة ؟!
- ثم هذا الوهم الذي ما يزال الثوار الانتيكا يكررونه على كل وسائل الاعلام ان العالم كله يقف إلى جانبهم . الا يدركون والعاقل يدرك ، ان اكثر من نصف العالم يقف ضدهم عددا ً ونصف مجلس الأمن حيث للقرار جدواه ومفعوله ؟ ثم الم يفهموا بعد ان وقوف هؤلاء ضد غيهم ليس طمعا ً في ثروة أو عطاء ذلك ان سورية بلد فقير نسبيا ً ويعيش بكده وعرق يومه ، لكن وقوف هؤلاء المبدئي إلى جانب سورية الحكومة والشعب ليس الا مناصرة للحق وقطعا ً للطريق مستقبلا ً امام القوى الغاشمة من ان تفعل يأية دولة لا ترضى عنها امريكا وحلفاؤها كما تريد فعله في سورية فيعيش العالم في غابة يحكمها الأقوى وهذا ما لا يمكن ان تسمح به أو ترضاه كرامة الانسان والدول .
ثم يا أخي غريب امر هذه الآلة الاعلامية الهائلة التي تبنت ما اصطلحت ومعها كثيرون على تسميته: بالمعارضة ! والغريب هذا الانحدار الذي وصلت اليه قنوات كالجزيرة بعد ان أوهمتنا ذات يوم بمصداقيتها والحرفية والمهنية عالية المستوى فصارت بناء على أوامر موجهة ترتكز في صدقيتها على ما تقوله ما تسمى بلجان الثورة أو التنسيقيات التي لا تعرف قرعة ابيها من اين كما يقال ، وعلى ابو محمد وعبد الله ...وسوى ذلك من القابضين الممتهنين حرفة الخيانة بثمن !! ويا ليتها اتبعت اسلوبا آخر أقرب للمنطقية مما تفعله الآن وهو ان تستعين ولو بمصدر آخر ، أي مصدر ، فقط للايحاء بشيء من الصدقية التي تدعي !!
ان الجزيرة والعربية ، والعربية كاذبة منذ ولدت لأنها متناقضة مع اسمها قولا ً وفعلا ً ، فهاتان ومن يماثلهما يتصلون مع من يعتبرونهم موالين للنظام في امر ما ، وما ان يتفوه هذا المتحدث بكلمة في صالح النظام حتى يقوم المذيع بتحويل دفة الحديث أو ينهي الحديث متذرعا ً بضيق الوقت ، ويدعون بعد ذلك بديموقراطية الحديث ، بلا قافية !!
- وطالما ان القيادة في سورية حزمت امرها وقررت المضي في طريق الاصلاح الحقيقية حتى النهاية فماذا يمنع هذه التي تسمى اسمها بالثورة من الجلوس إلى طاولة الحوار ؟ لماذا يضعون شرطا ً مسبقا ً بأنه لا بد من مغادرة النظام أولا ، وماذا يسمون ذلك اذا كانوا يتهمون النظام بالاقصائية ؟ واذا كانت حجتهم انهم لا يح أورون قاتل الشعب ، فماذا بفعل ثوارهم وجيشهم الحر كل يوم وفي كل مكان ، هل هم ملائكة تمشي على الأرض ؟؟!!
ان الشعب السوري بوعيه وحسه الوطني المرهف يقدر ان يميز بين الوطني وغيره وبين العميل وسواه ، وهو في النهاية لا بد ان ينتصر وليس القتلة الذين ينفذون اجندات مأجورة . وبعد الانتهاء من هذا المخاض العسير ستولد سورية جديدة تختلف عن سورية اليوم والأمس كل الاختلاف حتما ً.. وستكون النموذج الأحلى والأجمل والأقوى .. كي يحتذى به دائمـــا ً .
ونحن كمواطنين لا ندعي النظرة الستراتيجية في السياسة لكننا نشعر ونحس ونعبر عما يجيش في اعماقنا . فنحن مع قيادتنا وجيشنا ومستقبلنا الواعد وعلى ثقة مطلقة بكل ذلك . وانطلاقا ً مما عانيناه في هذا الزمن الصعب نحلم ان نحقق ما يلي :
- ان نسير في اجراءات الاصلاح التي ننشد بكل قوة وان نتبع نظاما في الانتخابات ايا ً كانت بكل حرية وديموقراطية وحيادية مطلقة .
- ان يحاسب اللصوص والنصابون ومن تاجر أو يمكن ان يتاجر بحقوق الشعب شريطة أن يكون حسابا مبنيا على العدل والنزاهة والصرامة اياً ومهما كانوا .
- ان نتحكم في مشاعرنا وعواطفنا منذ اليوم ونغلب عليها العقل وخاصة النواحي القومية . ونعامل الناس جميعا ً بالمثل ....فالوطن لنا وليس لغيرنا الا ما يصدر عنا كرما ً وعطاء ً ، وليس بالضرورة ان نتخلى عن دعم قوى المق أومة الشريفة والوطنية ولكن بلدنا هو الأهم دائما ً . ان ما كنا نقوم به جعل بعض البغاث يسخرون منا في اللحظات السوداء بدل ان يشكرونا على ما قدمناه لهم ولسواهم من تضحيات ذات يوم .
- لا يجب علينا بعد اليوم ان نلزم انفسنا بأفكار ومباديء مستوردة ونجعل منها شعارات دونها حبل الوريد كما يقال . وليكن اهتمامنا الأول هو مواطننا ومستوى معيشته ، وبقدر ما يحترم ويهتم الوطن بأبنائه بقدر ما يتشبث المواطنون بوطنهم ويعشقونه ويدافعون عنه بحياتهم. ولنبتعد عن ترديد الشعارات المدوية ذات الأثر الخادع وعن الخطب الرنانة والمهرجانات الملونة والتي لم تأت لنا بغير الأذى طالما كانت بلبوس وطني أكثر ما يميز الكثير منه الكذب والرياء في حقيقته وللأسف !؟
- ان الدين اساس الحياة وهو وجد اساسا لتكريس حالة المحبة والسلام . ولذلك لا بد من صون الحرية الدينية وممارسة الشعائر ما دام ذلك لا ينال من حرية الغير أو يسيء اليها . وطبيعي ان يكون الأساس دين الأغلبية ولكن دون ان يقلل ذلك من احترام ايمان الغير وما يعتقدون .
وسورية ، ونحن متأكدون تماما ً انها ستنتصر . ستنتصر بوعي ومحبة شعبها العظيم . وان كل شيء ذاهب الا الوطن والقادة العظماء ما دام الزمان .. وإن غدا ً لناظره قريب .