ببديهيات المنطق ومسلّماته ، وبلا التشاطر وبهلوانيّاته وجهابذة أقزامه ومسرحيّاته ، كائناً من كانوا ، وهم ـ بكل أسف ـ كُثر ، وكلّ هؤلاء الكُثر ، كلّهم ، بعيدون عن ضريبة الدم التي يدفعها الوطن ، أو بعض شرائحه لنكون أكثر دقّة
لا بل بعضهم نهّاز فرصٍ رخيص بين تاجرٍ فاجرٍ ومحتكٍرٍ أثيم ، وبعضهم مفسد فاسد في مواقع مهمّه ، عموميّة رسميّة ، أو خاصّة مرعيّة ، وخاصّة من أصحاب المال السياسي المشبوه ، بالمصدر والدّور والغاية ، فليس من عاقلٍ يسمع الدعوات السعوديّة ـ القطريّة للقتل والتسلّح والفتنويّة في سورية ، ثم يرى مرشحاً بالمال وللمال السعودي والقطري يطرح نفسه مرشحاً ليمثّل دم الشهداء الذين صرعهم ـ غيلة وغدراً ـ الرصاص السعودي القطري ـ بل والأنكى والأدقّ رقبة ، أنْ تصل الوقاحة ببعضهم أنْ يقدّم نفسه محسناً كبيراً ، تقيّاً ، نقيّاً ، ورعاً ، محزوناً ، وحدوباً على الشهيد وأسرته !!!!! ، أبعد نفاق وزندقة وزنىً بالأخلاق ؟!!!!!
أمّا بعض المسؤولين في الدولة ، وممن كانوا في قيادة الدولة والمجتمع ،
بموجب المادة الثامنة من الدستور القديم ، والذين مازالوا في مواقعهم
متشبثين ، وعليها مسمّرين ، والتي لم تعد شرعيّة في بعض جوانبها بموجب
الدستور الجديد لسوريّة المتجدِّدة ، فإلى الأقسام التالية ينتمون وعليها
يتوزَّعون :
١ـ معظمهم من أهل كهفٍ في سباتهم سادرون ، فبعد ثلاثة عشر شهر من حربٍ ضروس
ظالمة تخوضها قوى الشّر على سورية ، تجدهم يتصرّفون كموظفين بيروقراطيين ،
وأجراء مياومين ، ينتظرون الراتب وفق منطوق العقود ، ويناقشون امتيازات
المنصب وميّزات العمل ـ الوظيفة ، ومنها النضال المأجور الأشهر ( التّفرّغ
) ، وربّما : السيّارة وموديلها ومهمتها ، والسائق وتفرّغه ، و و و و
.........
٢ـ قلّتهم ـ ويا لمحاسن الصدف رغم مأساويّتها ـ كشفوا عن أنفسهم بخساسةٍ ،
من وإلى التّخلّف ، مصدراً ومساراً ومصيراً، وكشفتهم الأحداث خارج رجال
السياسة ، مجموعةً منتفعةً ، وصوليّةً ، شلليةً ، لا بعثيّة ولا عقائديّة ،
كلّ همّها التنصّل من مسؤوليّاتها ، وما فيه البلد من مفترق مصير ، وتوزيع
المسؤوليّات ـ التّهم ، والتخطيط لاستمراريّة خطّها ، وغرائب ممارساتها ،
التي مهّدت البيئات الفاسدة ، الحاضنة لكلّ الموبقات ، بما فيها التشوّهات
البنيويّة ، الدّولتيّة ،السياسيّة والإقتصاديّة ، والمجتمعية ،
المفاهيميّة المشتبهة ـ المشبوهة ، الشّالة لقوى المجتمع الحيّة ، تلك
التشققات الموهنة لحصانة البلد ومناعته ، والتي منها نفذت كلّ الكوارث
والمؤآمرات :
فهل سيتاح لتلك الفئة المخرّبة الحصول على صكوك البراءة من جنايتها ؟ !!!!!
وهل ستستمرّ في حبل غاربها لاستكمال دورها ، الذي أوصلنا والوطن إلى حافّة
هاوية المصير الدموي المرعب ؟ !!!!! وأسئلة كثيرة أخرى ـ بعضها كابوسيّ
كافكاوي ـ ينوء بها متن مقال .
٣ـ صفوة تجسّد إرادة التغيير والتجدّد ، وتمارسها بشكيمة الإنتماء والعقيدة
والإخلاص ، وتعمّدها بزكيّ الدّم الطّاهر، وعليها يعوّل الوطن وإنسانه
الجديد ، رمزها جيشنا العربيّ السّوري ، من قمّة قيادته في مؤسسة الرّئاسة
ومخلصيها ، إلى نبيل قاعدته المضحية بالنفس في ميدان حرب الوطن المقدّسة ،
على أعداء الحقّ والحريّة وصادق الوطنيّة ، فلتلك الصفوة يتطلع الوطن لنَصف
الحقّ ، وإليها يسلم الأمانة لصونها أيقونة انتماء ، ولذلك معها ينتظم في
خنادق المجد والشرف والشهادة .
ومع ذلك ، بل ولذلك ، ومع كلّ ذلك ، فلكي تكون درب سوريّة المتجدِّدة آمنةً
، موصلةً الوطن وإنسانه إلى غدِ الرفعة والأمن والأمان ، فإنّ الانتخابات
القادمة لمجلس شعب سوريّة المتجدِّدة ، يجب ضبط مسارها بضوابط ترفعها إلى
سويّة الحدث السوري الإستثنائي ، منذ استولدت سوريّة ـ الدولة ، على
الخريطة الجيوبوليتيكيّة الدوليّة ، في أعقاب الحرب العالميّة الثانية ،
وماأحدثته من توازنات وتسويات بنيت عليها .
على أنّ كلّ ما قلته وأقوله وسأقوله ، يندرج في منطوق رأيِّ شخصيٍّ لمواطنٍ
، أو مشروعه ، يطمح لممارسة مسؤوليته ـ كمواطن أو طموحه ـ ويعتبر ذلك واجب
واجب ، فله وفيّ ، وعليه يعوّل ، وبه يكرّس وجوداً ، ومن فهمه يصنع وطن ،
به يرضى ومنه يستمدّ الكرامة والحريّة وشرط البقاء ، وإذاً وببساطة استقامة
الخطّ المستقيم ومسلمتها :
١ـ يجب الإلتزام بالدستور نصّاً وروحاً بعد إذْ أُقرّ ، بغضِّ النّظر عن
آرائنا الفرديّة ومعارضتنا المبدئيّة لبعض مواده ، فتلك هي الديمقراطيّة ،
فأنا كنت وما أزال ضدّ المادّتين : الـ ٣ والـ ١٥٢ ـ مثلاً ـ ومع ذلك التزم
الآن بهما كجزءٍ لا يتجزأ من دستور كلٍّ لا يجزأ ، استُفتيَ عليه وأُقرّ
بأغلبيّة الأصوات وأصبح نافذ التطبيق بمرسوم إصداره .
٢ـ أنْ تكون الدولة ، بكل مؤسساتها ، على مسافة واحدة من المرشحين ،،
مستقلين ومنتمين حزبيين ، ومن كلّ الأحزاب المشرعنة المرخصة بموجب قانون
الأحزاب الناظم لشرعيتها ونشاطها ، بغضّ النظر عن تاريخيّة تواجدها في ساحة
العمل السياسي ، يستوي في ذلك الحزب الشيوعي وحزب البعث العربي الإشتراكي
وآخر حزبٍ رُخص له بموجب القانون المعمول به .
٣ـ مع احترام العمل الجبهوي ، والتحالفات الإنتخابيّة ، المشروعة والمفهومة
، إلاّ أنّها يجب أنْ تكون على المستوى الوطني ، لكي يتحقق الهدف منها ،
الوحدة الوطنيّة والإندماج الوطني العضوي ، فنتجنب الجهوية والمناطقيّة
والإنتماءآت القبل ـ وطنية القبلية والعشائرية ، واستغلال المعتقد بحرفه
إلى استغلال الدين بتوظيفه في السياسة ، أو بتشويهه عبر تكريس طائفيٍّ هنا
أو بيعٍ وصائيٍ هناك ، والواقع المعاش شاهد ناطق ، فلا يصح ولا ينسجم مع
هدف الوحدة الوطنيّة والسلم الأهلي ، وقانون الأحزاب ، أنْ يقوم حزب بتقديم
قائمة في محافظة له فيها غلبة ولا يعمم ذلك على بقيّة محافظات القطر ، لأنّ
ذلك يعيده مناطقياً ، متنافياً مع شرط إنشائه حزباً على مستوى الوطن ،
فضلاً عن سحق فرص المستقلين ، والأحزاب الشرعيّة الأخرى أنْ تتكرس وطنيّة
التواجد تمثيلاً ونشاط .
٤ـ أنْ يجرّم المال السياسي ، وخاصة مشبوه المصدر ، وأنْ يكون مصروف سقف
الحملة الإنتخابيّة محدّداً ومقونناً ، فلا تصل الحيتان ولا البقرات
المقدّسة ولا القطط السمان .
٥ـ أنْ يجرّم ، ويعاقب دون إبطاء ، صرف النفوذ وسدنته ، كائناً ما كان
موقعهم ، فكفى سوريّة فساد ومفسدين وفاسدين .
بقي جملة تساؤلات ـ أسئلة معلّقة ، تكتنف الضبابيّة إجاباتها ، وطرحها ليس
مفيد فقط ، بل وضروري في خضم معركة الديمقراطية في سورية ، على استثنائيّ
صفيح ساخن دماء شهداء معركة ولادتها المتجدّدة :
١ـ إنّ السيّد رئيس الجمهورية هو رئيس كلّ السوريين ورئيس الوطن ، وفي كلّ
الديمقراطيات عندما يُنتخب رئيس حزب رئيساً للجمهورية ، يستقيل من رئاسة
الحزب ، أو يعلّق عضويته بحكم مسؤولياته الدستورية الرئاسية وسامي رمزيتها
، أعرف أنّ الوضع في سوريّة استثنائي ، ولكنّ مؤسسة الرئاسة ورأسها مؤسسان
لتقليدٍ مستقبلي ، تلك نقطة لا تحتمل الإستثناء ، والبتّ فيها مفصلي وحاسم
لمستقبل سورية المتجددة ، التعددية والديمقراطية .
٢ـ ما مصير النقابات العمّالية والإتحادات الفلاحية والمهنيّة والطلابيّة
و..... ، والتي كانت تابعة لحزب البعث العربي الإشتراكي بموجب الدستور
القديم ومادته الثامنة ، ما هو وضعها القانوني في ظل الدستور الجديد ؟ نقطة
لا زالت غامضة .
٣ـ إنّ الجيش العربيّ السوريّ جيش عقائديّ ، والقوات المسلّحة من أجهزة أمن
وشرطة مدنية ، حُصر النشاط السياسي في مجالاتها بحزب البعث العربي
الإشتراكي بموجب الدستور القديم ومادته الثامنة ، ما هو أيضاً وضعها
القانوني في ظل الدستور الجديد ؟ نقطة لا زالت غامضة أيضاً ، وهل سيمنع
النشاط السياسي في الجيش والقوات المسلّحة ، فيصبح الجيش وطنياً كالجيش
المصري مثلاً ؟ نقطة غامضة أخرى تحتاج لجلاء .
٤ـ إنّ حزب البعث العربي الإشتراكي لا زال يشغل ببعض مقرّاته مبانٍ عامة
وأجنحة من مؤسسات حكومية ، وهذا وضع لا قانوني في ظلّ الدستور الجديد ،
فلماذا استمرار القديم على قدمه بمخالفة دستوريّة صُراح ؟ وأين القدوة
النضاليّة والإلتزام الحزبي ، واحترام
الدستور ؟!!!!!
كلمة أخيرة :
أعرف أنني مباشر ، لكنّها وجهة نظر من طامح أنْ يكون مواطن سيّد في وطن
سيّد ، رفض دائماً ويرفض مخلصاً أنْ يكون ، أو يبقى فرداً في رعيّةٍ ،
كرسها تاريخ ظلاميّ منذ السقيفة التي تحاول ـ ولقرون ـ اغتيال فيه الإنسان
الحرّ ، و اليوم تدفع سورية المتجددة ثمن الحريّة دماً زكيّاً ونبل شهيد ،
فلا أقلّ من أنْ نكون أوفياء صادقين لـ (الشهيد أكرم من في الدنيا وأنبل
بني البشر) .