حولت بيتها لغابة... كانت تحب النباتات الخضراء, وتوزع أصص الزرع في جميع الأركان.
تسقيها وتعتني بها وتسّلقها على الجدران , كان بينها واحدة ليست على ما يرام , لا تنمو ولا تضمر ,, لا تزهر ولاتموت , فنقلتها يوما الى الشرفة ووضعت مكانها قطعة أثاث.
هي تعرف أن الجو بارد ولن يلائمها , فتركتها لتنتهي ونسيتها تماماً , لكنّ هذه النبتة رفضت الموت وصمدت أمام تقلبات الطقس واكتفت ببعض قطرات من المطر.
بعد شهور عدّة , أدخلتها ودستها بين مجموعة أصص وجثت على ركبتيها تتمتم لها بكلمات اعتذار , تفتحت على إثرها خمسة براعم
*******************************************
دخلت الأم غرفة ابنها فوجدته يرسم على جدرانها بألوان صارخة, أشكالا غير مفهومة. جنّ جنونها .. صرخت به , أنبته وتوّعدته , فأجهش بالبكاء ..
ولمّا سألته عن سبب هذا الأذى الذي ارتكبه أجاب : رسمت أحلامي ولونتها كي تكون أمام عيني صباحا ومساءً مخافة أن أتقاعس عن تحقيقها فتصبح حياتي صفحة بيضاء كجدران الغرفة .
في اليوم التالي .. أهدته علبة ألوان
*******************************************
دائماً تكتفي ببضع لقيمات لتشعر بالشبع, لكنها لا تستطيع أن تتأخر ولو قليلا عن مواعيد طعامها, عندها تقع فريسة الصداع والدوار والغثيان
كانت تعد وجبة الفطور ذاك الصباح عندما رنّ الهاتف وتلقّت نبأ وفاة عمها , تركت كل شيء وانتقلت لهناك بدقائق معدودة
الموت مفاجئ والصدمة كبيرة, وحالة من الارتباك تسيطر على كل أفراد العائلة, مما أدى الى التأخر في انجاز مراسم الدفن والتشييع الى ما بعد العصر
وبدأ الصداع والدوار يتزايد في رأس تلك الصبية والموقف لايسمح لها بطلب شيئ من الزاد
وعند لحظة الوداع الأخيرة للفقيد , كانت لم تعد تقوى على مقاومة الجوع , فخارت قواها وارتمت على الأريكة نتيجة الدوار
عشرون عاماً مرت وفي كل اجتماع تقر زوجة المرحوم .. أن لا أحد حزن وتأثر لوفاة زوجها حزن ابنة أخيه المحبة
********************************************
جاءت أباها ليلاً باكية وحقيبة ملابسها بيدها ... الموت ولا العودة إليه .. أرجوك يا أبي طلقني منه ... كررتها بإلحاح ربما للمرة الألف
حضنها بقوة ووعدها أن يفعل, لكن بعد مضي شهر .. ولم تفهم سبب التأجيل
بعد عدة أيام سألها : هل مازلت مصّرة على الطلاق؟ أجابت : بالتأكيد يا أبي
بعد عشرة أيام عاود السؤال , ترددت وتلعثمت
بعد عشرين يوما كرر السؤال , فلم تجب
في نهاية الشهر لم يفِ بوعده , سمعها تدندن..... ما أحلى الرجوع إليه
*********************************************
ذات أمسية من أمسيات الألفية الثالثة أقيم في بلدة صغيرة ما زالت محافظة , حفلة تنكرية شارك بها معظم أهالي البلدة
فازت بالجائزة الأولى .. صبية وقفت بعيدا تتفرج , في وجهها احمرار وحياء وآثار خفرٍ عربي أصيل