لم يعد غريبا تكرار اسم بلدنا العزيز على الصحف والاذاعات والمحطات الفضائية الخاصة والعامة بشكل يومي وأحيانا ساعي حتى أننا أصبحنا نشعر أن سوريا هي محور الكون لتخصيص هذا المقدار من القدرات المالية والبشرية وطاقات العمل لأخبار ومقالات وتفنيدات وتحليلات منها العسكري ومنها الاقتصادي ومنها الاجتماعي تتكلم عن الواقع الأمني أو الاقتصادي منها ما تعني الإنسانية كاملة كمجزرة قام بها طرف واتهم الطرف الآخر أو نقص حاد بالمواد الطبية داخل البلاد الى أخبار تتناول أبو أحمد الخضري وكيف يقوم بتقضيه يومه وتدبير أمور معيشته في ظل هذه الازمة التي تعصف بالبلاد حتى أن أبو أحمد نفسه قد يتفاجأ انه على رأس أخبار أحد وسائل الاعلام ونصف سكان البناء الذي يقتنه لا يعلمون باسمه او مهنته.
مظاهر الازمة لم تقتصر على وسائل الاعلام وانما
تشعبت بكل تفاصيل حياتنا من لحظة الاستيقاظ على أصوات الرصاص والمدفعية والهاون الى
العدد الا متناهي من الحواجز الأمنية التي قطعت اوصال بلدنا الحبيب سوريا منها
المطهر ومنها المحرر.
وانا هنا لست في سبيل تصديق أحد أطراف النزاع وتكذيب الأخر وانما انا بصدد تحليل
أسباب وتداعيات ومظاهر الأزمة وتحليل الية عملها واستخدم كلمة هذه الكلمة كي أنوه
ان طول فترة الازمة غير النظام المعيشي لملايين السوريين ولكي نستطيع تحليل الازمة
يجب علينا البحث في عناصرها.
فالأزمة بحاجة الي تمويل وهو أهم عناصر الازمة فالمال هو المحرك الأساسي لباقي
العناصر و أما العنصر الثاني وهو القاعدة الشعبية التي تؤمن الموارد البشرية والدعم
الاقتصادي واللوجستي من موظفين ومسلحين وأطباء والعنصر الثالث وهو الدافع لتحريك
الموارد البشرية من فكر وعقيدة وفي حالتنا هي حزب سياسي ومؤسسة دينية لتوجيه
الأفراد وتحفيزهم حيث يلعب رجال الدين دورا أساسيا في تحريك هذه الموارد والعنصر
الرابع والأخير وهو قنوات الاتصال بين إدارات طرفي النزاع من جهة وبين الجماهير او
الموارد البشرية من جهة أخرى وعادة هي وسائل الاعلام بشتى أنواعها وتكون جهة
الاتصال من الأعلى الى الأسفل.
فالمال هو الوسيلة للحصول على السلاح ودفع رواتب المسلحين والموظفين بشتى انواعهم
من أطباء واعلاميين وغيرهم وطول مدة الازمة مرتبط بالتمويل بشكل أساسي حيث أن طرف
يملك مقدرات الدولة بما فيها والطرف الثاني ممول من الخارج كما هو معروف للجميع.
وتؤمن القاعدة الشعبية الموارد البشرية المطلوبة من مسلحين وأطباء وكوادر إدارية
ومفكرين وليس من الضرورة أن تكون محلية كون أبعاد الازمة إقليمية.
والموارد البشرية بحاجة محفز ودافع الا وهو العقيدة التي تتمثل بأحزاب سياسية
ومؤسسة دينية وكلاهما هنا يتشاركان بدور الحفز بالنسبة لهذه الموارد يدفعها لتقديم
أفضل النتائج المطلوبة منها حيث يقوم الدولة بالتسويق أن المعارضة هي عبارة عن أيد
أجنبية على أراض سوريا والمظاهرات والميليشيات ليست الا خدمة للعدو الصهيوني
وأسلحته في أرضنا وانها امتداد لتنظيم القاعدة الذي سيقوم بذبح الأقليات وحتى
المعتدلين من المسلمين بينما يقوم الحفز عند المعارضة وخاصة المسلحة عن طريق
المؤسسة الدينية كتصوير العمليات العسكرية ضد الدولة وكأنها نوع من الجهاد ضد
الاحتلال النصيري والتركيز على النعرات الطائفية.
وتقوم المؤسسات الإعلامية بدور الاتصال والتوجيه للموارد البشرية فهي مؤسسة ربحية
بالدرجة الأولى وتتماشى مع فرضية ان جميع المؤسسات تبغي الازدهار ولكنها تقوم
بأدوار أخرى أيضا في النزاع السوري الا وهو دورها بالاتصال بين أطراف النزاع وبين
المتابع الا وهو الداعم الأساسي لكل منهما.
كما تقوم وسائل الاعلام وهي أحد وسائل الحرب المستخدمة بالترويج لفكرة ما أو طرف من
الأطراف على أنه الخلاص للمجتمع والطرف الأخر هو الجحيم له وكلا أطراف النزاع مدعوم
إعلاميا فالدولة لديها مجموعة من وسائل الاعلام منها محطات تلفزيونية واذاعات
والمعارضة لديها أيضا ومعظمها أجنبي.
وبعد تحليل الية الازمة لا يسعني الا ان أرى الأرض السورية كملعب كرة قدم يتنافس
على الكأس فريقان هما طرفا النزاع وحيث يقوم افراد الفريقان بتسديد الأهداف الى
مرمى الفريق الأخر عبر ركل الكرة الا وهي المواطن السوري.