news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
قصص قصيرة
المسؤول والعلاقة بين الشمّاعة والعلّاقة - 11 -... بقلم : م فواز بدور

كأي تحفة شرقية يتم المحافظة عليها بإبعادها إلى مكان ناءٍ لا تصله الأيدي تُركن في بلدنا النزاهة كي لا يصلها التلوث أمّا المحافظة عليها فتتم بأن يبقى أصحابها بلا عمل وصديقي كان نزيهاً ومركوناً ككل الشرفاء ولأن الزمن يمضي رغماً عن معاييرنا ومقاييسنا ونظرتنا للأخلاق والضمير و النزاهة ولا يتوقف حتى نقرر ماذا سنفعل بشأنها


 فقد مضت الأيام وانقطعت أخباره وفي يوم لا يعنينا منه أن تكون شمسه مشرقة أو أن يكون غائماً فوجئت بخبر عن تعينه بمنصب مهم وكانت دهشتي الكبيرة ملونة ببعض الأمل رغم أنني على احتكاك مباشر بما يجري وأعرف ما يعانيه الشرفاء في ظل هذه الظروف من بروز المتسلقين ومعاناة المؤهلين نتيجة لاختلال الموازين وانعدام المعايير و محكوماً بالأمل ومدفوعاً بسلطة الذكريات على اللا وعي مع تجلي العيب الإنساني المتمثل بالغرور والتكبر والتباهي عند معرفة أحد المسؤولين

 

 قررت الاتصال به والمباركة له ومحاولة إعادة الأيام الخوالي من السهر والرحلات والأسرار وردّ بعتب الأصدقاء وشوقهم محدداً لي موعد للقائه رغم انشغالاته الكثيرة كمسؤول جديد وذهبت وقد ازداد أملي وتوهج أكثر وحدثت نفسي متسائلاً أتراه حقاً الزمن الذي لطالما انتظرناه أتراه زمن البحث عن الكفاءات والنزاهة والأخلاق استقبلني بحفاوة وقد لفتتني قوة شخصيته وغياب نظرة الانكسار التي تلون عيوننا نحن المهمّشين بلون الانكسار الناتج عن الشعور بالغربة عن الزمن وعدم الانتماء

 

وبعد الأسئلة عن الأهل والتغيرات التي طرأت على حياة كلٍّ منّا والانتهاء من تعابير المجاملات التي لا نجيدها كلانا فاجئني بالقول تستغرب كيف تم اختياري ؟ قلت بلهجة جازمة بلى لقد استغربت . فسأل ألا زلت مركوناً ؟ فأجبته مع انعدام الشعور بالحرقة بل أكثر فلم يعد لي أي توقيع إلّا على دفتر الدوام فتفتق ثغره عن شبه ابتسامة وقال أحسن والله أحسن فلا يمكن العمل في هذا الوقت فقلت الحمد لله وهنا عادت في عينيه نظرة الانكسار التي لطالما كنت أعرفها و قد صارت أوضح وتحمل من الذل أكثر فقلت في نفسي لعلّها نظرة رثاء وتعاطف معي وكأني أردت الهروب من التفكير بالموضوع بدافع من أنانية الأمل

 

 وتابعت مصرّاً على تجاهل ما كانت تريد أن تبوح به العيون الحمد لله وطالما أنهم اختاروك فلا زال هناك أمل وليس مهماً أن أكون أنا المهم أن يكون هناك فرصة لمن هو مثلك بتأهيله وخبرته ووطنيته هربت عينيه بسرعة البرق فوقف مسرعاً متناغماً مع هروبه ومد يده مودعاً وقال سررت بلقائك ولا شك أننا سنلتقي رغم إصرارك على فرض كآبتك على كل من يلتقي بك فوقفت مندهشاً وأجبت ولا زلت تقلّعني عندما لا يعجبك كلامي وقد صرت تتهرب من نظراتي سنلتقي وعدّت إلى قوقعتي وقد خف بريق أملي وإن لم ينتهي

 

ولم تمضي إلا عدة أيامٍ وإذ برفيقي في التهميش وغرفة المغضوب عليهم ذلك المسكون بخوف من سلبته الحياة القدرة على المواجهة يباغتني بسؤاله القلق وصوته المرتجف أبداً هل حقاً قام صديقك بتغيير كل رؤساء الدوائر ولم يفكر حتى باختيارك فقلت لا أظن أنّه سيقوم حالياً بأي تغييرات فهو مؤهل وسيقوم بدراسة وضع كل دائرة على حدا وإيجاد نقاط الضعف والقوة في كل منها ومن ثم إذا تبين أنّ الخلل في رئيس الدائرة فسيقوم بتغييره بعد انتقاء الرجل المناسب بناء على معايير علمية ومدروسة منها التأهيل والشرف والنزاهة وهذا ما سيحدث غالباً حيث أن معظم رؤساء الدوائر إذا لم نقل كلهم غير مأسوف عليهم وسوف ترون الفرق بين من يحمل شهادة عليا في الإدارة العامة وبين المدراء السابقين الذين تم تعينهم بالواسطة و المحسوبيات

 

شق شفتيه عن ابتسامة مصطنعة أشعرتني بضيق أفقي وانعدام وعي ولكني لم أكترث وقلت في نفسي غداً سيعرفون أي قفزة ستحدث في الإدارة عندما يتم تفعيلنا نحن خريجي المعهد الوطني للإدارة العامة وجاء الغد وإذ بالتغييرات التي كذّبتها وقلت عنها شائعات تحدث وكما قال صديقي المرتاب أبداً المشكك دائماً ولم يفاجئني أنه لم يتم اختياري ما لفتني أن معظم من تم اختيارهم أسوء ممن تم تغييرهم مع كل السوء المعتق فيمن تم تغييرهم فكيف للتغيير غير المدروس والذي لا يستند على معايير علمية ولا قواعد منطقية صحيحة ولا على أي من نظريات الإدارة التي تم تدريسها لنا بما فيها إدارة التغيير أن يلحظ مشاكس مشاغب لم يسعَ يوماً لإرضاء مسؤول

 

فاعتكفت اعتكاف جندي مهزوم بعد أن أدرك أنّ ما هزمه ليست مواجهة أعداء الوطن بل طعنات الغدر والخيانة ممن يدّعون أنهم يحملون على كاهلهم أعباء الوطن ويقفون معه في نفس الخندق لمحاربة الفساد والفاسدين وجلست شارداً على الكرسي الذي بقي لي بعد أن تم تجريدي من ميزات شبه المنصب لاكتشافي التلاعب والتواطؤ بين الإدارة والمتعهدين بوضع شروط فنية عالمية عالية لموادٍ بأسعار غالية كي يتم أثناء التنفيذ تقديم مواد مخالفة لهذه الشروط ووضع نتائج لتجارب وهمية أو حتى بدون نتائج لأية تجارب عليها ومن ثم يتم توزيع الفرق بين ما يُدفع للمتعهد عن هذه المواد وبين كلفتها الرخيصة على المتعهد والإدارة وجهاز الإشراف كلّ حسب موقعه وإسهامه في العملية الإفسادية

 

وأمّا تجريدي من مكتبي فلعدم استلامي لهذه المواد ومطالبتي بتحويل الموضوع للرقابة الداخلية وإن لم ينتج أي شيء عن التحقيق ببساطة وبجرة قلم وإضافة اسم باللون الأخضر ولهدف محدد هو رأس المشتكي الذي هو أنا ولأنهم لم يستطيعوا إدانتي فقد نام الموضوع في الأدراج ولا زال يحلم بأن يتذكره القلم الأخضر وأمّا تجريدي من جهاز الكمبيوتر فكان لتقديمي دراسة عن دائرة نموذجية لتطوير العمل باستخدام الأتمتة في محاولة نجحت حتى الآن بمنعي من تطبيق الدراسة التي قدمتها أمّا عن تجريدي من ثيابي فلم يتم ولله الحمد حتى الآن وهو ما يتم العمل عليه حالياً من قبل هؤلاء والداعمين لهم والمستفيدين من فسادهم ولأن بعض الظن إثم ولا ينقصني آثاماً فقد كسرت على أنفي بصلة فنزلت دمعة فكسرت بصلة ثانية فنزلت دمعة ثانية فأدركت أن البصل لم يعد ينفع وحزمت أمري واتصلت به وطلبت مقابلته وحدد لي موعداً بعد انتهاء الدوام واستقبلني

 

 بحفاوة الأصدقاء فسألته مباشرة - " كيف كانت الشيلة - أي شيلة - شيلة البندورة - بندورة شو, بتعرف إني ماني فاضي فاحكي اللي عندك " - هل تعرف من اخترتهم وأسندت لهم المناصب - بعضهم - فهل هناك مدير خفي هو من اختار الآخرين - لا ولكن الموضوع لا يرتبط بالمدير فقط هناك الإداري والتطوير والرقابة والأمين والجهات الوصائية والجهات الرقابية و . . . و . . . و

 

 - فهل تم الاختيار محاصصة على الطريقة اللبنانية - نوعاً ما وقد حاولت طرح اسمك ولكن أعدائك الكثر ممن تكتب عنهم وتشهر بهم . . . وقبل أن يتابع ويسترسل في مآثري وصفاتي قلت له دعني من موضوعي الشخصي فأنا أعرف أنهم لن يسمحوا لي بأن أستلم أي منصب وقل لي فأسكتني وقال بل قل لي أنت إلى متى ستبقى نائماً وتائهاً ومنفصلاً عن الواقع الذي نعيشه ألم تفهم بعد أنهم لم يضعوني على شمّاعتك اللعينة في منصبي هذا إلا بعد أن علقوني على علّاقتك اللعينة إلى أن صرت مثلهم وألبي رغباتهم وأنفذ طلباتهم وأوامرهم فقلت حتى ولو كانت طلباتهم وأوامرهم مخالفة للقوانين ولقناعاتك وتأهيلك العلمي والإداري ؟

 

فتنهد قائلاً قوانين وقناعات وتأهيل عما تتحدث في هذا الزمن العفن هل تعلم كيف تم تعيني ؟ قلت لا . قال هل سمعت بقصة العبوة الناسفة التي انفجرت في السيارة المرافقة للموكب بحادثة محاولة الاغتيال ؟ قلت أجل . قال فأنا من فبرك الموضوع بعد حادث السيارة الذي صار مع أحد أقربائه المدنيين الذين لا يجوز أصلاً أن يأخذوا سيارة وكانت هذه هي السيارة الثانية التي يدمرها خلال أقل من شهر فاقترحت عليهم وقمت من موقعي بفبركة حادثة محاولة الاغتيال بعبوة ناسفة وكمكافأة لي تم تعيني مديراً هل تريد أكثر , أنا لست إلّا قلم على شمّاعة وكل ما أقوم به هو أن أوقع على قراراته التي يريدها كإعطاء السيارات والغرف وانتقال المديرية فخرجت وأنا أدندن : شهريار يا شهرزاد . . . عاد لقطع الأعناق . . . أعناق الرجال و النساء . . . وكل من يقول له لاء


 
2013-04-24
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)
المزيد