news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
قصص قصيرة
ضيعانك يا وطن فينا ...بقلم : م فواز بدور

ابنة أخي شام . . . رائعة كالشام . . . عمرها عام ونصف ويسكن القمر في ضحكتها و تسقط أنظمة من أجل دمعتها و تهتز تيجان وعروش مع كل حركة من حركاتها

ورغم القصف العنيف وإطلاق النار الكثيف اللذان رافقا ولادتها نتيجة هجوم الارهابين على أحد حواجز الجيش في باب تدمر إلّا أن همجية ودموية دعاة الحرية لم تؤثر على هدوئها ووداعتها وبراءة الأطفال في عينيها


شام الأميرة مازالت ملجأي حين أفرّ من كل هموم الدنيا ومستنقعاتها

فكلما تباهى مسؤول بإنجازات وهمية ألتجئ إليها

وكلّما ادعى أحدهم محاربة الفساد وسلّم زمام أمورنا إلى أفسد خلق الله ألتجئ إليها

وكلما تم تغيير مسؤول فاسد بمسؤول أفسد منه وأمسينا نترحم على أيام المسؤول السابق ألتجئ إليها

 

وعندما سمعت أنّ أهم مسؤول في المحافظة وضمن كلّ هذه الظروف وتعقيدات الأزمة نتيجة لجشع البعض ولا مسؤولية البعض ولا وطنية البعض الآخر رفض أن يساعد إحداهن لأنها لم تتجاوب معه بالحديث عن نوع العطر الذي تضعه وولت هاربة عندما انتقل للسؤال عن نوع أحمر الشفاه الذي تضعه التجأت إليها ولم أنتبه وأنا ألاعبها إلى هزّات رأسها المتناغمة مع أغنية "طير وفرقع يا بوشار "القادمة من البعيد ولا لأداة الإشارة والتنبيه في نظرة عينيها التي كانت تقول لي إنّ بائع الفشار قد جاء فبدأت تضرب وجهي بيدها الصغيرة وهي تنادي بأداة النداء الوحيدة التي تعرفها  "مااا ما  " وتلخص بلغتها الخاصة القائمة على كلمتين هما " امه . . . انه " الموضوع الذي يتضمن ضرورة أخذها إلى عربة الفشار وإعطائها عشر ليرات سورية لتقوم هي بإعطائها للبائع الذي سيقوم بإعطائها كيس الفشار وعبرت بضحكة عينيها عن سرورها لأن رسالتها وصلت بوضوح عندما قمت بحملها إلى الخارج وأنا أقول لها بوشار وأومأت برأسها معبرة عن أنني عمّ ذكي

 

قامت بإعطاء البائع العشر ليرات الذي قال لي بأسلوب لبق أعتذر منك لم يبق لدي أكياس ويمكنني أن أضع البوشار في قبوع من الورق فهززت رأسي إيجابا فأخرج مجموعة أوراق وقام بشطر الورقة الأعلى إلى نصفين وبدأ بلف القبوع الورقي وفي أثناء ذلك لمحت اسمي مكتوب على الورقة التي ظهرت نتيجة لقيامه باستخدام النصف الذي فوقها فطلبت من البائع أن ألقي نظرة فقال تفضل فأخذت مجموعة الأوراق وقمت بتصفحها فتبين أنها نسخة من دراستي عن الدائرة النموذجية المحالة بالقلم الأخضر وبخط المحافظ السابق إلى مديرية التطوير والتحديث في المحافظة

 

فسألته من أين حصلت على هذه الأوراق

فقال من جيراننا في الحارة بعد أن يقوم الأولاد بالانتهاء من استخدامهم كأوراق مسودة وقمت بحركة لا شعورية بقلب الأوراق لأتأكد من كلامه وفعلاً كان عليها كتابات وعمليات جمع وطرح لأرقام و رسومات لأطفال في المرحلة الابتدائية

فقلت ما اسم بيت جيرانكم

فقال يقال لهم بيت أبو ثائر وأم ثائر تعمل في المحافظة

فقلت هل تعرف اسمها

قال لا ولكن إذا كان يعنيك الموضوع يمكنني أن اسأل زوجتي

 

فقلت له لو سمحت فاتصل بزوجته وسألها فقالت له اسم الموظفة التي تمت إحالة دراستي إليها لتقوم بتقييمها فطلبت منه أن أحتفظ بالأوراق فوافق برحابة صدر مترافق بلا فضول استغربته قبل أن أفهم أنه خريج جامعة ولأنه لم  يجد عملاً اضطر للعمل على عربة الفشار فأدركت أنّ لا مبالاته كلا مبالاتنا ناتجة عن كثير من الضغوط التي تتحول إلى لامبالاة عندما تتجاوز الحدود التي يستطيع أن يتقبلها الإنسان

 

فجهزتُ كتاب رابع للسيد المحافظ كتبت فيه بينت لسيادتكم في الكتب الثلاثة السابقة رغبة كل من المعنيين في الإدارات المتعاقبة لمديريتي بعدم تفعيل دراستي عن الدائرة النموذجية لما فيه من حد لظاهرة الفساد متوافقة مع لامبالاة القائمين على موضوع التطوير والتحديث في المحافظة ولكن الحمد لله تبين أنه تمت الاستفادة منها  كأوراق مسودة لأولاد السيدة المكلفة بتقييم الدراسة وحيث أنني لم أستطع إقناع أي من السكرتيرات الجميلات الأربع في مكتب سيادتكم بأهمية مقابلتي لسيادتكم لشرح ملابسات الموضوع لعدم خبرتي بأنواع العطور وماركات أحمر الشفاه وحيث أنني اقتنعت واكتفيت بالخدمة التي قدمتها الدراسة للأولاد كأوراق مسودة ولصنع القبابيع الورقية لتعبئة الفشار فأرجو نصحي بخصوص البرنامج المرافق للدراسة والذي أخذ من وقتي أكثر من سنتين من الجهد البرمجي ليقوم بحفظ ومعالجة  كل البيانات اللازمة لإدارة وتنظيم المشاريع وأتمتة عمل الدائرة النموذجية علماً أنه غير ممتع وغير صالح كلعبة من ألعاب الأطفال الإلكترونية بدليل أن الموظفة لم تطلب نسخة عنه لتجربته مع أطفالها وذهبت لأقدم الكتاب لمكتب السيد المحافظ ولكني فوجئت بشهرزاد تخرج من مكتبه وهي تقول لكل زمان رجال وشهريار فتحسست رقبتي و خفت من سيف الجلاد وعدت أعزي نفسي بانتصاري وعدم مصادرة كمبيوتري الشخصي لأنّ عليه البرنامج لو كنتُ تقدمت بالكتاب . . .

 

 وضيعانك يا وطن فينا 

 

2013-07-03
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)
المزيد