عندما يختار الله شخص دون غيره وينعم عليه بنعمة تجعله متفوقاً بها على الكثير من أقرانه فهو يبين لنا عظمته وقدرته على إعطاء هذه النعمة لعبده وبغض النظر إن كان غنياً أو فقيراً , وقد تتجلى نعمه بمستوى ذكاء متقدم أو إبداع في أحد المجالات أو قدرة على الإختراع والإبتكار وكل هذا فيه خير للشخص وللناس وللبلد الذي ينتمي إليه , وطبعاً كل هذا متوقف في قدرة الدولة على إستيعاب هذا الشخص المبدع أو المخترع وتقديم التسهيلات اللازمة له وكل المساعدات التي من شأنها أن تجعله ينجح في إبداعه ويحقق الغاية المطلوبة ..
ولكن من أكبر المصائب التي يتعرض لها الإنسان المبدع هو أن تكون الدولة عاجزة عن مساعدته وغالباً ما تكون حجة من المسؤولين فهم لديهم إهتمامات أخرى وهي أهم من الإهتمام بالإنسان المبدع ولعل حججهم تتعلق دائماً بالتوفير والخوف على مصلحة البلد ولا يفكرون بالفائدة التي يجنيها البلد من الإختراعات والإبداعات التي يقدمها هؤلاء المبدعين والتي تكون موضع إهتمام وتقدير من الدول الأجنبية ويدفعون ثمن هذه الإبداعات ملايين الدولارات بالإضافة لإهتمامهم بالشخص المبدع وتقديم كل التسهيلات والمساعدات اللازمة له ويعتبرونه ثروة يجب الحفاظ عليها والتعامل معها بكل إحترام
بينما في بلدنا يبقى المبدع على الوعد يا كمون ولا يجد أي مساعدة أو إهتمام وكأنه منبوذ وغير مرغوب فيه أو يشكل خطراً على المجتمع الذي يعيش فيه ويبقى موضع قلق وثرثرة من تصرفاته وردود أفعاله التي تختلف عن الناس الذين يعرفوه ويعيشون معه في بيئته ولكن لا أحد يحاول فهمه أو معرفة طريقة تفكيره وبأنه مختلف بكل شئ لأن صفاته الموجودة لديه وأطباعه هي نتيجة لإبداعه وتفكيره الذي يتقدم به عن غيره , ولولا خوف الدول الإمريالية والإستعمارية من المبدعين والمخترعين السوريين ما كانت أعطت التعليمات من أجل تصفيتهم خلال الأزمة السورية وقتلهم من باب أنهم مؤيدين للنظام إلا أنهم لا يعرفون حقيقة الواقع وبأن قتلهم لم يؤثر بشئ فهم وحتى في حياتهم لم تهتم بهم الدولة ولم تقدر إبداعهم , فهل ممكن أن تصل درجة تقديرنا للشخص المبدع والمميز إلى الدرجة التي يقدرون بها
ثلاثة أشخاص يعملون في شركة لتصنيع مادة الإسبريسو والقهوة في إيطاليا حيث أنعم الله عليهم بلسانٍ لتذوق طعم القهوة والإسبريسو وتقديم النصائح اللازمة من أجل أن تكون النكهة مميزة ولذيذة في أي طبخة يتم تحضيرها لأن الطعمة تختلف على غرام واحد أو أقل لذلك قامت هذه الشركة بصرف راتب ضخم لهم وبيوت وسيارات ومرافقة شخصية بحيث أنهم لا يحتاجون شئ وليس لديهم أي سبب يجعل إبداعهم يتأثر وهكذا فهم يقدمون أفضل ما عندهم وتجني الشركة التي يعملون بها الأرباح الطائلة وهذا مثال بسيط جداً لما يمكن أن يقدمه الإنسان المبدع فكيف إذا كان إبداعه في مجالات الصناعة والزراعة والصحة
فيجب تعيين الأشخاص المبدعين في المناصب الحساسة والقيادية والوزارات والمديريات بدلاً من تعيين أشخاص مغامرين لا يملكون شيئاً يقدمونه ولو حتى على مستوى الأفكار بل على العكس دائماً المحسوبيات تلعب دورها وتنتج مسؤولين فاشلين لا تستفيد منهم الدولة ولا حتى المواطن وتبدأ الأمور تزداد سوءً وتدهوراً لمجرد إستلامهم لمناصبهم , وأخيراً سبحان الله الذي يعطي عبده وينعم عليه من دون مقابل ولا حول ولا قوة إلا بالله من مسؤولين يكونون السبب في وأد هؤلاء المبدعين والمخترعين خوفاً على الكراسي التي يجلسون عليها من أن تطير من تحتهم وهم ليسوا أهلاً للجلوس عليها فهم هماً وداءً أصاب الدولة والمواطن .