من البديهي عندما يمرض أحدنا أن يقوم بزيارة الطبيب لمعرفة المرض وللعلاج. حيث يقوم الطبيب بكل مهنية و شفافية بتشخيص المرض و إعطاء النصائح الوقائية للمريض ثم يوصف له الأدوية المناسبة، إن لزم الأمر، لعلاج المرض.
وأثناء هذه العملية، قد تقع بعض الأخطاء التي لا يحمد عقباها أحياناً، نتيجة مجموعة من العوامل منفردة أو مجتمعة مثل :
- تشخيص خاطئ للمرض (فالطبيب يبقى إنساناً و معرضاً للخطأ).
- إهمال المريض للناحية الوقائية، حيث يكون فيها أحياناً بعض المنغّصات النفسية و/أو الجسدية للمريض.
- وصف الدواء غير المناسب لعلاج المرض.
- استعمال المريض للدواء بطريقة خاطئة.
وهذه العوامل ستؤدي إلى هدر الوقت والمال و تأخير علاج المريض، حيث سيقوم المريض بإعادة الكرّة، من خلال إعادة التشخيص (عند نفس الطبيب أو عند طبيب آخر) و/أو التأكيد على عامل الوقاية و/أو تغيير الدواء و/أو تثقيف المريض ليتعلم استعمال دوائه. وأثناء هذا الوقت الضائع، قد يتفاقم المرض و/أو تظهر أمراضاً جديدة لم تكن بالحسبان في أول تشخيص. وهكذا نتيجة التراكمات المرضية قد يصل المريض إلى التهلكة.
وبعيداً عن هذه العملية المنطقية المألوفة لدينا، نجد أخطاءً شائعة ًعجيبةً مثل :
- يقوم المريض بدور الطبيب ثم يذهب ليشتري الدواء من الصيدلية، وهذا ، كما نعلم، لا يمكن أن يحدث في دولاً كثيرةً، حيث لا تقدم الصيدلية دواء بدون وصفة طبيب.
- يذهب المريض إلى الصيدلية مباشرة، و يقوم الصيدلي بدور الطبيب.
- يتناسى المريض مرضه و يترك نفسه عرضةً للمفاجئات.
فإذا أسقطنا هذا الوصف على واقع الدول و المجتمعات، نستطيع القول :
- يعاني كل مجتمع (أو دولة)، مهما كان متطوراً ومتقدماً بالمنظار الذي نعرفه حالياً، من أزمة أو أزمات.
- هذا يستدعي القيام بتحليل ودراسة الواقع لتفادي تفاقم هذه الأزمات و لإيجاد حلول لها.
وعندما تغيب هذه العملية في المجتمع فإن كل أزمة ستولد أزمات أخرى و هكذا حتى تقع الواقعة، وعندما تقع الواقعة فلا تشخيص و لا وقاية ولا علاج سينفع شيئاً، فنحن أمام كارثة. مثل الزلزال الذي يضرب منطقة جغرافية، حيث يقوم بتدمير ما يستطيع تدميره و سيستفيق الناس على النتائج بعده، و عندما يروا النتائج، ليس بوسعهم إلا السعي للحفاظ على ما تركه لهم هذا الزلزال و التفكير بإعادة الأعمار بطريقة أكثر تصدياً لمخاطر الزلازل.
وحتى لا نبحر كثيراً في المحاكاة، فإن كل مجتمع و دولة يحتاج إلى مجموعة من الناس تحت مسميات كثيرة (مراقبين، نخبة، مستشارين، مفكرين، علماء، حكماء،....الخ) ليقوموا بعمليات السبر و التشخيص و وضع حلول وقائية و علاجية لأزمات المجتمع، ثم يضعوا دراساتهم بين أيدي أصحاب القرار. ويجب أن تتمتع هذه المجموعة بالميزات التالية :
- الموضوعية و الحيادية و الشفافية المطلقة.
- الابتعاد عن أية غايات شخصية أو فئوية.
- غير معروفة على الصعيد الإعلامي (أي أنها ليست في مواقع سلطوية و/أو قيادية).
- أن تحب اسم وطنها و ناس وطنها و أرض وطنها.
أي أننا نستطيع أن نصف هذا المجموعة بأنها العقل السليم للمجتمع و قلبه النابض بالحياة السليمة و بالخير، أو أنها رادار المجتمع أو مركبة فضائية تسبر الأعماق.
https://www.facebook.com/you.write.syrianews