لا ننكر أنّ ظاهرة بذاءة اللسان واستخدام مفردات خادشة للحياء للسُباب أو للتحرّش أو حتى للمزاح كانت تنتشر منذ القدم ، ولكنها قد كانت تُذكر بين الشباب بحذر وبمنأى عن الأكبر سناً أو عن الآباء والأمهات والأخوات.
أما الآن ، فإنّ ازدياد ظاهرة بذاءة اللسان بين الشباب والفتيات وحتى الأطفال ، هي عَرَضٌ لمَرَضٍ مستشرٍ ألا وهو الفساد الاجتماعي العام والشامل.
وبما أنّ الفساد يستفحل أخلاقياً وفكرياً ، فلا بدّ أن يرافقه فساد تعبيريّ ولفظيّ.
لكن المزعج هو الترويج لهذا الفساد التعبيريّ واللفظيّ من خلال الأفلام والمسلسلات ، وخاصة الأفلام الأجنبية ، وبما أننا شعب مقلّد يأخذ من الشعوب الغربية كل قبيح ويترك كل حميد ، فقد اعتبرنا أن استخدام هذه المفردات بالعربية أو بلغات أجنبية هو حضارة!
ولكثرة استخدامها ، اعتاد الناس وخصوصاً الشباب على سماعها وتكرارها ، حتى في جميع الأوساط وفي كلّ مستويات الطبقات الاجتماعية ، رغم أنها تخدش الحياء ، هذا إن وُجِد الحياء.
و بما أن التلفّظ بها مباحٌ بحضرة كلّ من حضر ، فإن أول من يحفظها ويردّدها هم الأطفال ، والأخطر من ذلك هو تعليمها للأطفال بشكل مقصود إما من باب الضحك والإضحاك ، أو بسبب انعدام الفكر التربوي السليم.
إنّ المشكلة ليست فقط في ازدياد هذه الظاهرة ، ولكن المشكلة تكمن من عدم اعتبار بعض الناس لها أنها مشكلة أصلاً ، وللأسف قد يعتبرون أنّ كل ما ورد هنا تعقيد ومبالغة لا ضرورة لهما ، وقد يهزؤون ويتندّرون. رغم أن هؤلاء أنفسهم يدّعون الحياء من كلمات علمية أو طبيّة أو فقهية مباحة لا حرج من ذكرها عند الضرورة.
ولا يمكن لأحد أن ينكر أنّ القرآن الكريم وهو كلام الله عز ّوجلّ قد أتى –عند اللزوم والضرورة- على ذكر كل الأحكام الدينية والفقهية باستخدام مفردات فصيحة وعلمية دون أن يكون لها أي وقع سيّئ على الأسماع والأفئدة.
لذلك فمن المهم أن يظهر دور الأم والأب والأسرة في التوعية اللفظية ، والانتباه إلى هذا الموضوع بإبعاد الأبناء عن الاختلاط برفاق السوء ، والحيلولة دون إسماعهم أي بذئ ، على الأقل ضمن حيّز المنزل والأسرة ونطاق الأصدقاء ، حتى لا يعتادوا على تكرار تلك الألفاظ ساعة الغضب.
أي أنّ الحلّ القويّ هو عدم تعويد النفس والغير على الكلام الفاحش حتى لا تصبح عادة مسيطرة على الشخص في حالة الغضب والعصبية ، و تهذيب اللسان وإنْ لم يكن بالصلاة على النبي والحوقلة لمَن لا يؤمن بهما ، فبالعدّ إلى العشرة.
فإذا الْتزَمَتْ كل عائلة بهذه القيَم الأخلاقية والتربوية ، وحاول كل فرد من أفرادها حفظ لسانه ، نأمل أنْ يحدّ ذلك من تفشّي هذه الظاهرة السلبية.
5.12.2010