قالت له أمه ارتدي ثيابك هيا بنا
اليوم سنترك بلادنا .. وسنغادر إلى مكان نكون به بخير ... قام وارتدى ثيابه بكل
براءة وهو سعيد
برغم انه يسمع والدته تهمس لوالده ( وين بدنا نروح يا رجال .. حنترك بلدنا ؟! )
ووالده يرد عليها ( وكيف بدنا نعيش هون ؟! إن شاء الله رح نرجع )
ولكنه انهى ارتداء ملابسه وحمل لعبته تحت إبطه وجهز
نفسه لتلك الرحلة التي اخبرته أمه عنها .. اخبرته أنه هناك لن نسمع الأصوات المخيفة
التي كانت تفزعه ليلاً
لن يسمع أي قصف ولن يصبهم أي خطر ... و ركض ليرى أصدقائه كانوا مجتمعين لرؤيته
للمرة الأخيرة ووداعه .. وهو يقول لهم ( حنروح على مكان حلو بس ماحأقدر شوفكم ...
انتو زوروني .. )
وفعلاً ركبوا الحافلة والطفل يرمق ناظريه من النافذة وهو يرى دموع أمه ولا يفهم
لماذا تبكي؟
إن كنا سنكون بخير فلماذا تبكي ؟!
وكلما تباطأت حركة الحافلة يعلو صوته ليخبر أمه ... أمي يا أمي ها هي مدرستي ...
ويعيد أمي يا أمي هنا تناولنا الغداء الأسبوع الماضي ..
أمي أليس هذا جارنا ..
أمي .. يا أمي .. يا أمي .. ومع كلمة أمي تلك ... أصبحوا بألف خير .. هربوا من
الموت ففاجأهم القدر بالموت على الحدود بين البلدين بعد ارتطام الحافلة بحائط صغير
... فعلاً أمه لم تكذب عليه
و فعلاً الآن أصبحوا بخير ... ولربما بلدهم كانت تحبهم أكثر ولا تريدهم الخروج منها
... لأنها تعرف ما سيحصل لهم بعيداً عنها .. والله أراد لهم أن يكونوا بخير فهو
أرحم من البشر بعباده ...
بلدنا دوماً تحتاجنا معها .. أن نكون معها ونحبها .. أكثر من رغبتنا أن نكون بخير
فحسب .. وعندما ستأتي ساعة موتنا فلا يعلم الإنسان بأي أرض يموت .. فقط ستعلم بلده
أنه تركها في وقت محنتها وهرب .
https://www.facebook.com/you.write.syrianews