news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
قصص قصيرة
هذا ليس زماني ... بقلم : سالي اسلامبولي

في اللحظات القليلة التي اعتزم بها التفكير بصغري اتذكر أجمل وقت كنا ننتظره هو ذاك الوقت في الصيف الذي كان جدي يجعلنا نجلس معه ليحكي لنا قصصه ..
 كانت أكثر قصة أحب أن تُداعب سمعي هي ( قصة الشاطر حسن الذي أحب أميرة وفعل المستحيل لأجلها و واجه كثير من الصعوبات ليذهب ويتزوجها من بلاد الواق الواق !!! )


 وتلك القصة الأخرى التي يحكي لنا فيها كيف كان يمشي في حارته الشاغور واضعاً في طرف حذائه خنجره ليحمي به نفسه وكيف سافر من  بلدٍ لبلد كذلك حاملاً روحه على كفه وخنجر فقط يحميه ليعمل ويكسب رزقه ويشكل الإمبراطورية التي يملكها ...
ما كان دوماً يُعلمنا إياه عندما يأخذنا معه للمعمل أن نأكل كالعمال وأن ننتظر إلى نهاية اليوم لنحصل على أجرنا في عمل صغير لأطفالٍ لم نكن نفعل آنذاك شيء ولكن لنتعلم أن الرزق ياتي في نهاية اليوم بعد عمل ..


 كان يغرس بداخلنا بكل مايحكيه قوة لندافع بها عن حقنا طالما نحن على حق وأن نُدافع عن أنفسنا بكل ما نملك وأن نعمل ونكون أشخاص لهم قيمتهم و نفرض على الجميع احترامنا  وأن نملك قوة في التعبير عن رأينا ..
لم يكن يفرق بين شاب وفتاة فليعمل الجميع وليدرس الجميع وليتكلم الجميع وأن نكون أقوياء وفي نفس الوقت القوة لا تعني أن تموت قلوبنا ...


فقد كان يحفظ ويُحضر لكل ابن وحفيد كل مايحب ويحب دوماً أن يجعلنا نحتفل بأعياد ميلادنا ونكون في قمة سعادتنا ..
لم تكن القوة لديه ان نُلغي المحبة والطيبة من قلوبنا .. إن الشاطر حسن بطل روايتنا كان قوي وفعل كل ما يستطيع ولكن فقط لأنه أحب فتاة ...


وبعد وفاة جدي  بدأت الكثير من حجار القلعة التي بنيتها في خيالي تتلاشى رويداً رويداً .. يا جدي أريد أن أخبرك الكثير ..
فبلدي ضاقت ذرعاً بأولادها .. وأولادها بات المنفى ملجأهم ..
الغني لم يعد يعطف على فقير كما كنت تفعل بل امتلأت قلوبهم حجارة بل لربما أشد ..
 الشاغور مازالت ولكن حجارة بلا حياة بلا كلماتك ( أنا فتحي الشالاتي من الشاغور !! )


 والأمير حسن أو الشاطر حسن ذاك انقرض وتلاشى من على سطح هذه البسيطة ولربما بات ( الشاطر ؟!! ) الذي يحصل على مايريد بأي طريقة كانت !! ..
والأخلاق والمثاليات باتت تفصل على مقاس كل شخص !! ..


 جدي لم يكن مخطئ في ما علمنا ولكنه علمنا أشياء لزمانٍ ليس لزماننا وكل ما بُني داخلنا حطمه واقع حقيقي قاسي وصفعنا صفعة قوية وأخبرنا أن هذا هو الواقع والباقي مجرد قصص ..
زمانٌ يحطم كل ما يُبنى داخلنا في الصغر ويكون الفائز هو ذاك الذي نشأ على قسوة بدون مشاعر تكسر قوته أو محبة تفطر قلبه ..


 شكراً يا جدي .. شكراً ايه الزمان .. تأخرنا في اكتشافك ايه الواقع .. وحتى إن بقيت بمفردي سأبقى أعيش في زماني وليبقى لكل شخص زمانه الذي يحب أن يعيشه وأنا سأعيش بزماني وقلعتي التي لن اتخلى عنها ويكفيني عند رؤيتي لأحدهم ترن في أذني جملة ( الله يرحم جدك )


وشكراً  لكل شخص أثبت لي أني لا أعيش في زماني ..  وأنا اليوم أتركه لكم بكل مافيه فلتسعدوا بقسوتكم وبكل ما ملكتم ...

 

https://www.facebook.com/you.write.syrianews
 

2014-07-26
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)
مساهمات أخرى للكاتب
المزيد