news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
مقالات
ما الفرق بأي وطن بين المجرم الذي يغتال الكفاءات وبين المسؤول الذي يُقصي الكفاءات... بقلم : د. عبد الحميد سلوم

كم يُحزِن الإنسان حينما يسمع بنبأ اغتيال إحدى الكفاءات من أبناء وطنهِ !! فهل من أحدٍ يغتال عقول وطنه وشعبهِ !! من يفعلُ ذلك إنما يمارس قمة الإجرام ، بل والعمالةِ والحقد غير المسبوق بتاريخ البشر !!. كم من السنين يحتاج الإنسان وهو يدرس ويبحثُ ويكدُّ ويعمل حتى تتكوّن لديه الخبرة الكبيرة ويصبحُ كادرا من كوادر وطنهِ وشعبهِ ثم يأتي شخصٌ مجرم جاهلٌ وأميٌّ ليضع نهاية لكل ذلك بأقل من ثانية !!.. كيفَ لمن يفعل ذلك أن يكون من فصيلة بني البشر؟.؟. كيفَ لهُ أن لا يكون عدوّا لشعبهِ ومتآمرا عليه !!.


وبالمقابل بماذا يختلف السؤول الذي يُهمِّش خيرة كوادر مؤسسته ويقصيهم وهم في عزِّ خبرتهم وعطائهم ومقدرتهم !!. النوعان يغتالان العقول في الوطن ، ولكن النوع الأول يغتالهم بالرصاص أو المفخّخات أما النوع الثاني فيغتالهم بالقلم والقرارات والحبر الأخضر !!.

لم تكن مشكلة العديد من البلدان بالمجرمين والإرهابيين فقط ، وإنما بالكثير من مسئوليها أيضا !! فالمجرم لا يفكّر بمصلحة وطن ، والمسئول الذي يُحرّك سلوكه ودوافعه الكيد واللؤم والشخصنات والمحسوبيات والازدواجية وتنعدم لديه المعايير وتكافؤ الفرص ، إنما هو أيضا لا يُفكّر بمصلحة وطن !! ولا يمكن أن نصدّقه حتى لو ردّد مليون مرّة باليوم (بكتب اسمك يا بلادي...) .. وحتى لو ألقى مائة خطاب باليوم أمام أنظار العالم وتغنّى بها بحبِّ الوطن وعشقهِ لهوائهِ وترابهِ وسهولهِ وجبالهِ .. وحتى لو وقفَ كل يوم صباحا باكرا وقبل صِيَاح الديك، أمام مؤسسته وهو يغنّي مع علي الديك ( سمعت الشمس بتهمس همس صباح الخير سورية..)، وذلك حينما تكون أفعالهُ تخالف ذلك ... فالمسألة ليست بالخطابات ولا بالكلام وإنما بالأفعال !!

 

فما فائدة الكلام إن كان الفعل نقيضا له ؟؟ هذا يصبحُ نفاقا !! ومصيبة أوطاننا كانت دوما بالمنافقين الذين يتبوأ أحدهم موقع المسئولية سنينا وعقودا ومن خلال النفوذ والسلطة يصبح مليونيرا هو وأبنائه ثم ما أن يخرج من السلطة حتى يظهر على الشاشات واليوتيوبات ليصف المرحلة التي كان هو أكبر قادتها ومسئوليها بكل الأوصاف القبيحة وكأنه لم تكن له علاقةٍ هو ، بل ينكر أن كانت له علاقة !! ويتحدّث عن العفّة والشرف وكأنه كان البتول بعينها ، والكل يعرف أنه كان كما عاهرة بابل ، الشخصية التي تحدّث عنها (العهد الجديد) في رؤيا يوحنّا !! أو كما اليهودية (سالومي بنت هيروديا) المشهورة بالعهر وقلّة الأدب التي رقصتْ عارية بين يدي هيرودوس وكان قطعُ رأس يوحنّا المعمدان هو المكافأة !! ألمْ نعِشْ هذه الحالة ؟؟. ألا يُقيم أمثال هؤلاء المنافقين اليوم في باريس ولندن والكويت وأبو ظبي والدّوحة وسواها !!.

الدولة في أي بلدٍ هي مؤسسات ، والمؤسسات في أية دولة ليست مجرّد أبنية وكتُل إسمنتية عليها اسم المؤسسة ، أو كاميرات مراقبة أو بصمات دخول وخروج ، بل هي المعايير والأنظمة والقواعد والقوانين والتراتبية والأقدمية والواجبات مقابل الحقوق، وكلّ هذه يجب أن ترقى لمستوى القدسية من حيث الاحترام والالتزام بها وتطبيقها بأمانة وضميرٍ وأخلاق دون تمييزٍ ومحاباة ، وإلا لا نكون أمام مؤسسات وبالتالي لا نكون أمام دولة ، ولا نكون أمام مسئولين مؤهلين لقيادة مؤسسات دولة مهما تشدّق أحدهم ومهما بلغ حجم رأسه ورقبته وكرشهِ !!.

من يتمتّع فعليا بمسئولية وضمير وغيرة وطنية ، لا يخلقُ مائة عدوٍّ لحكومته مقابل محاباة بضعة أشخاص وتمييزهم عن الآخرين واستثنائهم من كل المعايير والأنظمة !! من لديه النيّة الصادقة لبناء مؤسسات دولة لا تحكم عقليته المحسوبيات والشخصنات والعلاقات الخاصّة ( مهما تكن خصوصيتها) !! من يبتغي العدالة وتكافؤ الفُرَص لا يضع في مؤسستهِ مراسيم عنصرية بغيضة تميِّز بين الزميل وزميلهِ على أساس الدعم والمحسوبية والواسطة ِ !!..

كم من الأسئلة تم طرحها عن ماهية المعايير لتنصيب هذا الشخص أو لتفضيل هذا الشخص أو لاختيار هذا الشخص أو للإبقاء على هذا الشخص عقدا وأكثر يتقاضى بالعملة الصعبة ، وكأن المناصب بالدولة تخصخصت أو كأن أرحام الأمهات عقمت والوطن فقير بالكفاءات ، بينما هو مُصدِّرٌ لها !!.

كم من الأسئلة طُرِحت عن سر تعيين شخص لم يحمل الإعدادية في أهم موقعٍ بإحدى المؤسسات ويصبح فيها الآمر والناهي !!. وحينما تحتدم الشكاوى والتذمُّر يتم نقلهُ إلى مكانٍ قريبٍ ليتقاضى مخصصاتهِ الشهرية بالعملة الصعبة وبآلاف اليوروات ، وبما لا تتقاضاه عائلات خمسين شهيدا ، بينما أصحاب الخبرة والكفاءة والشهادات العليا مقصيين وجالسين في بيوتهم !! ثم تقولون لي أن من يفعل ذلك يكون وطنيا ؟.؟. أو أن هذه العقول تصلح لصنع انتصارات !! لا يوجد تفسير لهكذا ظواهر سوى أن من يفعل ذلك لا تهمّه مصلحة وطن ، تماما كما ذاك الذي يغتال الكفاءات لأنه لا يفهم بمصلحة الوطن ، أو لأنه مدفوع لتدمير الوطن !!. أفهمُ أن شخصا فقد أخيه أو أبيه أو ابنه في سبيل الوطن يمكن أن يتكرّم ، أما على ماذا يتم تكريم من لم يقدّم نقطة دم للوطن ، بل كان كما الحشرة مصاصة الدماء على ظهور الخيول يمصُ دم الوطن حتى بات من طبقة (الأغنياء) بعد أن كان منتوفا يُرقِّعُ بنطلونه !!..

حينما يتحدّث الإرهابيون والقتلة عن حبّهم للإسلام بينما يظهرون باليوتيوبات وهم يقطعون الرؤوس ، فمن سيصدّقهم ؟؟ وحينما يقوم مسئول بإقصاء الكفاءات وخيرة الخبرات لصالح الأقل بكثيرٍ وكثيرٍ أو من لا يصلحون إلا من طلّابهم ،ويعتمد على الجهلة الذين لم يتجاوز واحدهم المرحلة الإعدادية ، ثم يحدّثك بالوطنية ، فكيف سنصدّقه ؟. أجيبوني بالله عليكم ؟. كنا نحتار دوما لماذا ينقلب الشخص على الدولة ولكن بعد أن خَبِرنا بعض المسئولين وعشنا ممارساتهم أصبحنا نحن نتساءل : كيف في ظل أي مسئول يدعس على المعايير ولا يفهم إلا بالشخصنات والمحسوبيات ويغيب لديه مبدأ تكافؤ الفرص ويمارس الظلم بأقبح أشكاله ، ولا أحد يستطيع أن يفعل شيئا ، والكل يقف عاجزا عن تصحيح الخلل ، فكيف حينها سيبقى الشخص مع الدولة؟.؟.

 

كما السؤال : كيف سيكون الإنسان مع القاتل والمجرم الذي يقطع الرؤوس ويغتال الكفاءات ويدمّر البنى التحتية ويسرق ثروات الوطن ويقطع حتى الماء عن البشر ، ولو تمكّن لقطع الهواء أيضا !!.. الأول يقول أنه يفعل ما يفعله من أجل الوطن !! والثاني يقول أيضا أنه يفعل ما يفعله من أجل الوطن !! ولكن العقل ماذا يقول ؟؟ العقل يقول : أعان الله الوطن وأعان الشرفاء بالوطن لأنهم يتقطّعون وهم يرون الوطن يتقطّع وليس بيدهم حيلة ولا قوّة !!..


https://www.facebook.com/you.write.syrianews
 

2014-12-01
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)
مساهمات أخرى للكاتب
المزيد