news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
قصص قصيرة
تحت إشراف الجهات المعنية ... بقلم : فواز هاشم

غادرت الوطن قبل عشر سنوات وشهرين وخمسة أيام ، باحثا عن لقمة العيش ، قضيتها في إتمام تحصيلي العلمي والعمل في شركة مرموقة ضاعفت لي راتبي خلال هذه الفترة ثلاث مرات نتيجة إجتهادي وعملي الدؤوب ، وأكملت نصف ديني مؤخرا بالزواج من فتاة أحببتها وأحبتني من تلك البلاد ، وكان قرارنا أن نقضي فترة شهر العسل في وطني .


كانت جوليا – إسم عروستي ، زوجتي الآن – متحمسة جدا للفكرة فقد كانت تتوق لرؤية بلد الرجل الذي تزوجته ، خاصة بعدما حكيت لها عن جماله والحضارات التي تكتنز أراضيه ، ومن شوقي وشوقها اتفقنا أن نسافر على متن الطائرة السورية ، على الرغم من أن توقيت إقلاعها ووصولها غير مناسبين ، فالطائرة تصل دمشق الحبيبة الغالية حوالي الساعة الثالثة بعد منتصف الليل وهو وقت غير ملائم نهائيا لإخبار الأهل لاستقبالنا في المطار ، فتوصلنا بأن لا نخبرهم بموعد وصولنا وننام في تلك الليلة في الفندق أي فندق وفي الصباح – الصباح رباح ، كما يقال – نذهب ونرى الأهل ؛ وهكذا كان .

أقلعت الطائرة بموعدها وكانت الرحلة ممتازة من جميع الجوانب فالطائرة من أحدث الطرازات والإبتسام على وجوه أفراد الطاقم لم يفارق ثغرهم الجميل ، وبالمختصر كانت رحلة رائعة ، وسررنا – أنا وجوليا – بالرحلة أكثر من غيرنا ، بسبب تدليلنا من قبل المضيفين والمضيفات الذين بمجرد أن عرفوا بأننا عرسان جدد احتاروا بطرق إسعادنا فهذا يعطينا قطعة كيك إضافية وتلك تفاجئنا بإعطائنا وردتين حمراوتين كانت تخبئهما خلف ظهرها ، وأكثر ما أسعدنا ، تهنئة كابتن الطائرة عبر ميكرفونات الطائرة وتصفيق الركاب ومباركاتهم لنا ، لقد غمرونا بالحب مما جعلنا لا ننام من فرط سعادتنا ، على الرغم من طول زمن الرحلة . 

 

وصلنا مطار دمشق الدولي في الوقت المحدد تماما ، وكانت تستقبلنا أسفل سلم الطائرة مضيفة أرضية – سبحان الذي خلقها – لو كانت في كندا لانتخبوها ملكة جمال الدماثة واللطافة ، مشت أمامنا حتى أوصلتنا قسم الجوازات ، وعندما سألتها إلى أي نافذة تتجه زوجتي كونها أجنبية قالت : لا داعي لذلك ، فأنتما الاثنان يمكنكما الوقوف سوية أمام أية نافذة وسيقومون بخدمتكم. خلال مدة لا تزيد على العشر دقائق كنا بقاعة إستلام العفش حيث ركض أحد الحمالين وحمل حقائبنا لخارج مبنى المطار وعندما حاولت إعطائه بقشيشا رفض بكل أدب وتهذيب قائلا : هذا ضد سياسة الشركة التي أعمل بها ، أهلا وسهلا في وطنكم . يا سلام على هذه العفة وعزة النفس.

 

وبلا طول سيرة ؛ ركبنا التكسي ويالها من تكسي نظيفة من الداخل والخارج والسائق حليق الذقن ويلبس زيا نظيفا وجميلا ؛ "من فضلك ،ممكن تقل لي إلى أين بتحب وصلكم ؟ "

-    إلى فندق الأحلام من فضلك .                                 

-     حاضر ، على راسي ، أنا بخدمتكم .

 

إنطلقنا بالسيارة بسرعة معقولة وكان طريق المطار مضاء بأنوار تمكّن السائق من القيادة المريحة على إسفلت أشبه بالسجادة المخملية لا حفر ولا مطبات ، ونحن في الطريق سمعنا صوت صفارة إنذار ، نظرنا خلفنا فرأينا شرطي على دراجته يلحق بنا ويشير للسائق بأن يتوقف . قلت في نفسي : الله يستر .

توقفنا وجاء الشرطي وقال للسائق بعدما حياه التحية العسكرية ، بضعة كلمات لم نفهمها تماما وحياه مرة ثانية وعاد لدراجته ونحن استأنفنا المسير ؛ سألت السائق – بدافع الفضول – عما جرى ، فأجابني السائق : لقد أوقفني الشرطي لينبهني بأن لمبة الضوء الخلفي الأيسر بحاجة لتغيير ، وأنا من جهتي شكرته . يا سلام على هذه المحبة والاحترام . "والله لنصير أحسن من أوربا خلال بضع سنين . "

 

وصلنا الفندق ونزلنا من السيارة بعدما دفعت للسائق أجرته وفق قراءة العداد ، ودخلنا الفندق ، حيث استقبلتنا هناك فتاة – أنا أؤكد أنها أخت المضيفة التي استقبلتنا في المطار- ونمنا ليلتنا تلك بسعادة وهناء وقرابة الظهر ذهبنا لبيت أهلي الذين استقبلونا بالأهلا والسهلا وقضينا مدة إجازتنا بين بلودان الساحرة وشواطئ اللاذقية النظيفة وحلب ومأكولاتها الشهية ، لقد كانت إجازة أجمل من الجمال : المناظر الخلابة والمعاملة اللطيفة والنظافة التي لم أشاهد مثيلا لها في أي من البلدان التي زرتها . إني أنصح كل معارفي وأصدقائي – بكل صدق وصراحة – أن يزوروا وطني الجميل .

 

دمشق 15/12/2010

V

V

V

V

 ملاحظة : كتبت القصة تحت رعاية وزارة السياحة وإشراف الجهات المعنية

2010-12-23
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)
المزيد