news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
قصص قصيرة
جنة الآخرة... بقلم : عهد ابراهيم

وصلت مها إلى محطة القطار وبالصدفة كان المقعد الذي جلست عليه مع أحمد قبل سفره فارغاً  فسارعت لتجلس عليه قبل أن يجلس عليه أحد فهذا المقعد ودعت عليه حبيبها قبل ذهابه للحرب  وأحبت أن تنتظره وتستقبله أيضاً على هذا المقعد الذي دارت عليه أحاديثهما وقد وعدها أنه عندما  يعود سوف يتزوجان وقد دعت الله أن يعيده سالماً لها وأن يحقق النصر مع رفاقه الذين لبوا أيضاً  نداء الوطن ..  


وبينما هي جالسة نظرت من حولها ورأت الأهالي ينتظرون بفارغ الصبر عودة  أبنائهم وبعض الزوجات اللواتي ينتظرن أزواجهن والأولاد الذين اشتاقوا لآبائهم وكم كانت فرحتهم كبيرة بأن أبطالهم حققوا النصر بعد معركة قاسية وقد ذهب ضحيتها عشرات الشهداء ولكن الكل جاؤوا  لإستقبال الأبطال ولم يعرف أحد من الذين إستشهدوا أو الذين نجوا  وكلهم أتوا على أمل أن  يكون إبنهم على قيد الحياة ..

وأما أحمد فقد كان يتيماً وليس عنده أحد يسأل عنه إلا حبيبته مها التي  كانت تساوي عنده الدنيا بأكملها وهي تعرف كم يحبها وكم هو متعلق بها وبحاجة لها فهي الصدر  الحنون الذي يشكي له همه وهي من وقفت بجانبه في فرحه وحزنه وكانت معه في أي نجاح يحققه  وتشجعه عند فشله وبنى آماله وأحلامه كلها بجانبها وبينما هي جالسة تتذكر ما تعاهدوا عليه قبل  سفره للحرب وتنتظر لحظة وصوله ولحظة اللقاء التي ستطفئ نار الشوق والحنين .

 سمعت صفارة القطار  من بعيد فنهضت وركضت وهي متلهفة لوصول القطار وكان كل الأهالي قد إندفعوا أيضاً لإستقبال هؤلاء الأبطال وفعلاً وصل القطار وتوقف وبدأ الأبطال ينزلون واحداً تلو الآخر والأهالي  يستقبلونهم بالزغاريد ودموع الفرح تنزل من عيون الأمهات اللواتي إشتقن لأبنائهن وقد كانت فرحة  الأبطال لا توصف برؤية أولادهم وزوجاتهن وعندما نزلوا كلهم من القطار وكان بعض الأهالي لم  يروا أولادهم فقد عرفوا عندها أنهم إستشهدوا وبدأت دموع الحزن وزغاريد من نوع آخر غير  زغاريد الفرح بوصولهم وهي الزغاريد التي تعبر عن إفتخارهم  بمن  إستشهدوا فداءً لوطنهم

 وفجأة  سمعوا صوت ينادي أحمد وقد كان هذا الصوت أقوى من أي صوت نادى في المكان فهذا صوت مها

 التي ملت من إنتظار نزول أحمد من القطار ورؤيتها الأهالي يضمون أبنائهم والأزواج يحملون  زوجاتهم وأولادهم وذهبت بإتجاه البعض لتسألهم عن حبيبها وتقول لهم من رأى أحمد ومن يعرفه  وأين هو فقد مللت الإنتظار وأريد معرفة شيء عنه فتقدم إليها أحدهم وسألها أنت مها فأجابته نعم فمد  يده إلى جيبه وأخرج منديلاً وقال لها هذا المنديل من أحمد رحمه الله فقد أنقذ حياتي من رصاصةٍ  كانت ستستقر في صدري إلا أنه إندفع في اللحظة الأخيرة ووقف أمامي لتستقر الرصاصة في قلبه ذلك  القلب الكبير والمحب والمخلص الذي لم أشهد مثله في حياتي وقد حدثني كثيراً عنك وعن حبه لك ولهفته للعودة لك والوفاء بكل وعوده التي وعدك بها قبل سفره وقبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة أخرج هذا المنديل من جيبه وكتب عليه بدمه الجنة فضمت المنديل على صدرها وتوقفت دموعها وذهبت وجلست على  نفس المقعد الذي ودعها عليه وتذكرت كلامه عندما قال لها إذا إستشهدت سأدخل الجنة فلا تخافي علي إن أكرمني الله وأدخلني جنته فالجنة حلم لكل البشر بأن يدخلوها وعندها آمنت مها بنصيبها وعرفت أن أحمد الآن في الجنة وقد شكرت الله على أن أحمد لم يقع في الأسر وأنها عرفت مكانه  الآن فقد أكرمه الله وجعله في جنة الآخرة لا في جنة الدنيا ..

2010-12-27
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)
المزيد