news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
قصص قصيرة
دودة اللوز الشوكية ... بقلم : علاء الدين حسو

انفضّ المجلس المصغّر، وبقي المهندس الزراعي وائل فوزي رئيس الوحدة الإرشادية محتاراً في دودة اللوز التي ستكون نهايته على يديها.


مختار القرية هدد:

-   إن لم تجد حلاً ، ستكون الثمن.

فعلها المختار مرّة ، قبل سنوات حين حلّ عليه ضيف أجنبي وأطلق ريحاً في مضافته . يومها قال للذي جلب الضيف:

-    إن لم تعلّمه ضبط شرجه ستكون الثمن.

وكان الثمن - حين فعلها الضيف مرّة أخرى -  تعليقهما سبعة أيام على أنقاض المضافة التي هدمها .

السنة الماضية ، حصل على ثناء من مديرية الزراعة لحصول الأراضي التابعة لوحدته على بطولة الإنتاج والجودة . وهذه السنة، سيطرت دودة اللوز الشوكية على مئات الدنومات  وبدأت تلتهم القطن .

 ومختار القرية لا يفهم بأنّه خاطب المديرية و راسل الوزارة قبل شهر، حين انتبه انتشار الدود في أرض حمدان، المتبرع بجزء من أرضه لتجارب المهندس في تطوير القطن. والحصول على تيلة طويلة ومتينة .

للقطن آفات موسمية في بداية الموسم كالحفار والدودة القارضة ، وآفات في وسط الموسم كالدودة الخضراء ودودة القطن  الكبرى ، وآفات في نهاية الموسم كدودة اللوز بأنواعها الثلاث الأمريكية، و الشوكية، والقرنفلية.

قبل شهر، في منتصف شهر حزيران، تفقد المهندس أرض حمدان للتأكد من خلوها من دودة القطن الكبرى. فيكتشف وجود كتل من البراز حول ثقب مفتوح أسود وغير منتظم. يأخذ شكل المسنن.  فعرف بأنّها تخض دودة اللوز الشوكية .

سميت دودة اللوز الشوكية نسبة إلى  جسمها التي فيه  أشواك ، وهي  تصيب البراعم الطرفية وتثقب الأفرع الصغيرة الغضة فتسبب جفاف الأفرع والقمم النامية حيث يسود لونها وتتدلى .وتتلف يرقات دودة اللوز وتتغذى على شعيراته ثم تقضي على البذور.

الوحدة بعناصرها التسع، ثلاثة مهندسين والمحاسب وثلاثة عمال وحارس فشلوا في السيطرة على الدودة. وقد تأخرت المديرية بمده بالمصايد الجنسية لآسر ذكور الدودة ، وفشل المفترس العضوي المسمى بأسد المن من القضاء على الدود الذي انتشر بسرعة كبيرة. وحين تم إحضار المفترس العضوي المسمى خفنساء (أبو العيد) كان الوقت قد فات. ومحصول أرض حمدان انتهى . الدودة انتشرت في أيلول مع انتشار الهواء. وبدأت تلتهم الأراضي المجاورة لأرض حمدان. وكانت أرض المختار أكثرهن تضررا لذا طالب المهندس بإيجاد الحل . 

نظر وائل إلى الجدار الذي علق عليه الثناء متذكراً مدير الزراعة الذي زاره وهنأه شخصياً وقال له:

-    لقد اخترنا وحدتك لتجريب العلاج الطبيعي.  الوزارة ترغب في الحصول على محصول عضوي مئة بالمئة. فالغرب اليوم مهتم بالملابس الخالية من الكيماويات . وتريد الوزارة أن نحقق لها هذه التجربة لكي تعمم. إنها صرعة العضوي، طعام ، لباس، هواء ، عضوي لا أثر لمادة كيمائية.

 نظر المهندس وائل إلى ساعته، حين دخل الحارس وقال له:

-     أستاذ، المختار في طريقه إلينا.

-   حسناً.

اعتدل في جلسته، وهيأ نفسه كمحكوم بالشنق، ينتظر جلاده . وقد أمر جميع العناصر بالمغادرة . فلا حلّ، ودودة اللوز توشك على الفتك بأخر أرض تابعة للوحدة.

دخل المختار القرية بمفرده، نهض وائل ليصافحه فرفض. جلس و سأل:

-    هل وجدت الحل؟

-     المديرية ترفض استخدام المبيدات الكيماوية.

-     وتترك القطن فريسة للدود؟

-      سيحضرون المزيد من المصايد والمفترسات الحشرية .

-      ومتى؟

-      .....

وخرج .

ومن النافذة راقب المهندس مختار القرية ورجاله تفرش أشتال القطن المريضة حول الوحدة الزراعية، الحرق هو أخر الحلول ولكن قوانين المديرية تمنعه ، والكفاح العضوي فشل، والمختار قرر الحرق من أول لحظة حين علم بتفشي الدودة في حقل حمدان، وقال له بأن الدود غريب على المنطقة وأنه جاء مع البذور التي قدمتها المديرية له .وانه سيحرق الوحدة وبما فيها إن لم يسمع بالحل. كان ذلك قبل شهر.  أما اليوم، فهو يوم التنفيذ.

 أشعل المختار النيران. وابتعد مع رجاله مراقباً التهام الوحدة. وقرب النافذة دنت دودة اللوز من وجه وائل وقالت له:

-         الحرق وسيلة فاشلة.

 ثمّ أشارت إلى سرب أسود من الدود حلق في السماء متوجهاً إلى الوحدة المجاورة .

 

2011-01-06
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)
المزيد