اعتدت دائماً أن أركب ميكرو (برزة البلد – قابون – برامكة كراجات) في ذهابي وإيابي من وإلى عملي.
تسعيرة السرافيس المذكورة أعلاه هي سبع ليرات سورية لكن اعتدنا أن ندفعها ثمانية ليرات .. فعندما لا نحمل ليرتان معنا ندفع عشر ليرات فيرجع لنا السائق ليرتان.. هكذا اعتدنا بالقبول والخضوع والخنوع لهذا النظام بأن يعاد لنا ليرين فقط من أصل ثلاثة ليرات.
لكني وجدت التعليل المنطقي حول فقدان الليرة واكتفاء السائق فقط بإرجاع الليرتين:
في الذهاب أُخرج من جيبي عشر ليرات فأحاسب السائق ثم يعيد لي ليرتين .. وعند الإياب أجد أنه بقي معي ليرتين فأضع معها خمس ليرات لتصبح سبع ليرات فتكون هذه هي الأجرة الحقيقية والخالية من الشكوك كي أحاسب بها سائق السرفيس.
لقد سألت الكثيرين وأجريت استفتاءً حول هذه الظاهرة إلى أن معظم الراكبين أيدوا السائق لأن الليرة أصبحت بلا قيمة وبافتراض أنه أعاد لنا ثلاثة ليرات ودفعنا للميكرو التالي في الإياب (أو ذهاب اليوم التالي) سندفع سبع ليرات فقط وستبقى ليرة واحدة فماذا سنفعل بهذه الليرة فهي لا تشتري شيئاً بهذا العصر ولم تعد متداولة.
هكذا اكتشفت أن سائق الميكرو بعد سماعي لوجهات نظر الشارع السوري وأن هذه الليرة له الحق بأن يأخذها أفضل من أن على رف الخزانة دون استعمال فهو أولى بجمع تلك القطع النقدية (البطلانة).
بهذا توصلت إلى حل لمعادلة من الدرجة الأولى أو برهنة النظرية التي تقضي بأن الليرة موجودة ولم تفقد وأن السائق (ابن حلال).
لكن السؤال الأكثر إلحاحاً والأجدر بالطرح هو: حينما تعطي السائق عشرة ليرات ولا يبالي في إعادة الثلاث ليرات إلى الراكب فما هو حل هذه الخوارزمية المعقدة التي تفسر فقدان الليرات الثلاثة؟؟
ربما يستغل حياء الركاب من طلب باقي العشر ليرات وإعادة الثلاثة ليرات.. فالسائق يخشى أن يحرجنا أمام باقي الركاب ويستدعينا أن نلفلف القصة وتلزم الصمت عم الثلاثة ليرات الباقية ..
لا عتب على سائقي السرافيس الذين يسلبون الليرة والثلاث ليرات أمام سائقي التكاسي اللذين يتقاضون مبلغاً يفوق العداد بخمسين ليرة أو مائة ليرة .. فلا يكترثون بالعداد ولا بالتسعيرة التي حددتها لهم الدولة.
الخلاصة من كل هذه الطروحات أن ظلمنا لا يقتصر على الدولة فقط بل نحن (السائقين وبائعين الخضار والتجار وشرطة المرور........) من نظلم بعضنا بعضاً وبالتالي فإننا نظلم أنفسنا.
فهل ليرتنا فقط التي باتت بلا قيمة .. أم أخلاقنا وضمائرنا؟؟