news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
مقالات
عذريةُ الرجل ... بقلم : رأفت هلال

مفهومٌ ارتبط لدينا في البلادِ العربية بالفتاةِ أكثرَ من الرجل و لم يذهب أحدٌ لتفكير بمدى ارتباطِ هذا المفهوم بالرجلِ كذلك الأمر . ربما تتعددُ الأسبابُ لتلازم هذا المفهوم مع المرأة ، فالنظرةُ الدونيّة التي لم تزل تجاهَ المرأة بالرغمِ من كلِ التطورِِ الذي طرأ على مجتمعاتنا و على مساهمةِ المرأةِ فيها قد تكونُ هي إحدى هذه الأسباب، فشرفُ المرأةِ مربوطٌ في بلادنا بعلاقةٍ غيرَ قابلةٍ للنقاشِ بمدى عذريتها .


و طرحي هنا  لهذه الفكرة ليس من بابِ النقدِ للمجتمع أو لدين أكثرَ من العملِ على تسليطِ الضوءِ على الجانبِ الآخر أي الجانبِ الذكوريّ الذي ما فتئ يتشدقُ بعذريةِ المرأة و لم يوجه أحدً له السؤال إن كان هو ما زال يحتفظُ بعذريته أما لا.

 تبرزُ في أيامنا هذه ظاهرةُ تأخرِ سنِ الزواج لدى الشبانِ و التي تنعكسُ بشكلٍ تلقائيٍّ على الشاباتِ مع فرقٍ واحدٍ بين الجنسين حيث أن الأول و ليس بمجمله لم يعد ينتظرُ الزواج ليرضي الدوافع الجنسيةَ لديه و هنا مرةً أُخرى نعزو هذا للفكرِ الذكوريِّ السائد.

و لكان السؤالُ الذي يطرحُ نفسه هل هذا الفكرُ يعطي الحقَ للشابِ بأن يقوم بعدةِ علاقاتٍ جنسيةٍ مع فتياتٍ من مختلفِ الشرائحِ ثم يقفُ و يطالبُ بأن يحصلَ على فتاةٍ تكون زوجةَ المستقبل حسب المثل الشعبيّ القائل (ما باس تمها غير امها)

 قد ينتقدنا البعضُ بالتحاملِ أكثرَ من اللازمِ على الشابِ المغلوبِ على أمره المتروك فريسةً لثقافةِ الإغراء السائد في كلِ جوانبِ الحياة ، فالتلفازُ الذي لا يتوقفُ طوالَ اليومِ عن تسويقِ جسدِ المرأةِ من خلالِ مختلفِ البرامج على أنه ينبوعُ الإغراء و الأرضُ الخصبةُ للشهواتِ المكوبتة ، و ما أن ينتقلَ الشابُ للحياةِ العامة ليرى ما كان يراه على التلفاز أمامه على أرصفةِ الطرقات فنحن كما هو معروفٌ عنا من أكثرِ المجتمعاتِ حبٍ للتقليد .ناهيك عن كل هذا الأفلامُ الإباحيةُ التي أصبحت تتداولُ بين الشبابِ على أجهزةِ المحمولِ و الخلويَّ بشكلٍ يثيرُ من الدهشةِ الكثيرَ دون رقيبٍ أو حسيب و لا أجدُ إلا أن أذكرَ الشبكةِ العنكبوتية كذلك الأمر و التي أخذت تُسهم في كل هذا ايضا.

 و كي لا نبتعدَ كثيراً عن جوهرِ المسألةِ المطروحةِ للنقاش أجدُ نفسي مدفوعاً بنوعٍ من الرغبة بمشاركتم لهذا الخبر الذي قد وصل الى مسامعي عن فتوى ظهرت في أحد الأقطارِ المجاورة عن  منع أن تتعرض الفتاةُ لفحصِ عذريتها قبل الزواج  وهنا أظنُ أن هذا المنع قائمٌ على نقطتين :

الأولى هي الإندفاعُ القائم من الناس المبني على انعدام الثقة بالجيل الحالي و المبالغة  بعددِ الفتيات اللواتي يخضعن لعمليات الترميم التي لم  نكن نسمع بها من قبل و التي تكون في أغلبِ الأحيان نتيجةٍ للثقة المبالغ بها الممنوحة من قبل الفتاة لشاب .

في حين تكون النقطة الثانية هي حفظُ حياةِ الفتاة التي ربما قد غاصت بإحدى هذه التجارب . و الكل في هذا الخضم ينسى ذاك الشاب الذي هو الطرفُ الأساسي في هذه المسألة و يصبُ جامَ شكوكه على الفتاة.

لم تزل جرائم الشرف تهزُ مجتمعاتنا كل يوم و لم تزل الكثيرُ من العائلات ترفعُ الراية البيضاء بعد غسل العار وما يغسل العار في هذا المجتمع الذكوريّ بامتياز غير الدمِ المسفوحِ من فتياتٍ لم يكن ذنبهمُ أكبر من الجهل بخطورةِ اللهوِ بهذه الأشياء  ، و لو نظرنا لمن يغسل العار لم نجده سوى ذاك الأخ أو الأب المنزه عن الخطأ المقتطعُ من أحجار الجنة ولكن هذا ليس ذنبه وحده فإن لم يفعلها سوف يبقى بعين الكثيرين منقوصَ الشرف.

الغريب أن الكثيرين يدعون تطبيق الدين في هذه المسائل و الحقيقةُ أنه لا يوجد أي نصٍ في الكتبِ السماوية يبيحُ هذا النوع من القتل بل ما يبيحه ليس أكثر من مجموعةٍ من العادة و التقاليد البالية و مرة ٍأخرى الخاسرُ الوحيد هي الفتاة.  

 لو أردنا الإنصاف في العلاقةِ القائمةِ بين الرجل و المرأة و من منطلق الحرية الممنوحةِ للرجل في حياته الجنسية قبل الزواج و من الخطر القائم على الفتاةِ التي قد تكون عرضةٍ لإحدى الأمراض الجنسية السارية لا بد أن يكونَ هناك قرارٌ يفرضُ على كل شابٍ و فتاة الخضوعَ لفحوصاتٍ مخبريةٍ كاملة قبل الزواج و عدم الإستهتارِ بهذا الأمر .

بعض الدول فعلاً أصدرت هذا القرار مسبقاً لكن للأسف يحصل الكثيرون على نتيجة هذه الفحوصات دون الخضوع لها من خلال عدة طرقً ملتويه حاملين إعتقادٍ أنهم انتهوا من عناء الخضوع لها غير مدركين لما يمكن أن يترتب على هذا الاستهتار في المستقبل و خصوصاً الفتاة .

في نهايةِ المطاف لا يسعنا إلا العملَ على لفتِ نظر شبابنا لهذه المسألة و الدعوة للحرص.

2011-01-15
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)
المزيد