يمكنك أن تبكي كثيراً و تذرف دموع الفرح عندما تصنع إنجازاً و تخلق من قضيتك حكاية انتصار . أما عندما تخفق فأنت لا تملك وقتاً للبكاء بل عليك استغلال كل ثانية للعمل على الاستفادة من الدرس و إصلاح الأخطاء و أن تأخذ بجميع الأسباب التي تحول دون تكرار ذلك الإخفاق في المستقبل "
حكاية آسيا انتهت والاعتراف بإخفاق المنتخب السوري أمر واقع . اعتراف لا ينال من الظهور المشرف للكرة السورية ولا يجرد أبطال الفريق السوري من أدائهم الرجولي . لكن الإمكانيات التي أظهرها الفريق السوري في الأيام الماضية أثبتت بأن من الخطأ اعتبار الظهور المشرف قمة طموحنا الأمر الذي هو في الواقع احتقار لقيمة لاعبينا و فريقنا . وإذا ما اتفقنا على اعتبار مشاركتنا الآسيوية " إخفاق " فإن إصلاح هذا الإخفاق يجب أن يبدأ اليوم و ليس الغد . بل لأكون أكثر دقة يجب أن يكون هذا الإصلاح قد بدأ قبل ساعة كتابة هذا المقال . هذا إذا ما أردنا أن يكون الظهور السوري المشرف بداية الحكاية و ليس نهايتها .
و عندما أتحدث عن الإصلاح فأنا أعني بذلك توفير مناخ " احترافي " للمنتخب . مناخ أهم ما يميزه الاستمرارية و الاستقرار الفني و الإداري . فالإصلاح لا يبدأ بجز عنق فلان و ركل مؤخرة علتان . علينا أن نتجاوز سياسة " كبش الفداء " و نكف عن تجسيد مشكلاتنا بأشخاص وأفراد . فنشتم " البلحوس " و نشطب اسم " علي دياب " من قاموس كرتنا و نكسي رئيس الاتحاد " فاروق سرية " ثوب إبليس فنرجمه حتى الموت . أو على الأقل حتى يرفع الراية البيضاء و يعلن استقالة الاتحاد . فمشكلتنا مشكلة واقع كروي متكامل و الأسماء الفردية المختلفة دورها لا يتجاوز أن تسبح في بحر هذا الواقع .
الاتحاد السوري برئاسة الأستاذ فاروق سرية يشكر جزيل الشكر على ما أنجزه في الفترة الماضية . فقد صنع منتخباً وطنياً من لا شيء في زمن قياسي . و أحيا روحاً قتاليةً اعتقد كثيرون أنها ماتت منذ زمن بعيد . بل والأهم من ذلك أنه نجح في أن يجعل من المنتخب السوري قضيةً وطنيةً تبناها الشارع السوري بمختلف طبقاته . قضيةً أصبحت محور اهتمام الجميع بعد أن كانت حديثاً هزلياً و طرفةً ساخرةً تلوكها ألسنة السوريين أنفسهم .
أداء " البلحوس " في مباراة الأردن كان في الحضيص و أخطاء " علي دياب " كانت قاتلة و حاسمة . لكنها في النهاية أخطاء بشرية واردة جداً و لطالما شاهدنا أخطاءً أكبر منها من قبل لاعبين عالميين . أخطاء لا تشير إلى ضعف مستوى دياب و البلحوس بل تشير إلى فريق غير متمرس يفتقد إلى الممارسة المستمرة التي من شأنها أن تكسب الفريق مناعةً ضد الضغوطات .
كما تشير إلى مشكلة متمثلة في عدم الانسجام و إلى افتقاد ما يدعى بـ " كيمياء الفريق " و هو أمر أكثر من طبيعي بالنسبة إلى منتخب عمره لا يتجاوز بضعة أسابيع . منتخب لا زال يحبو في طريقه نحو عالم البطولات . باسمي و باسم شريحة كبيرة - واعية - من الشعب السوري أقدم جزيل الشكر لكل عنصر شارك بأي شكل من الأشكال في الظهور السوري الآسيوي المشرف . و أقول للجميع - مضمناً المحروس و دياب - : " يعطيكن ألف عافية يا شباب عملتو اللي عليكن و ما قصرتو "
منذ زمن بعيد و الكرة السورية تسير في نفق معتم . لكن المشاركة الأخيرة قد أظهرت لكثيرين بأنه هناك .. في آخر النفق المظلم ثمة نور ينتظر . فهل يبصر النسور هذا النور في التحدي المونديالي القادم ؟!
من قلبي أتمنى ذلك ..