سنواتٌ طويلة أمضيتها باحثةً عن حياةٍ هادئة بعيداً عن موجز الأنباء في قناة تلفزيونية اعتادت نقل أخبار الموت إلى بيوتنا بكل بساطة وهدوء...
بعيداً عن الخلافات الدينية والسياسية وحتى الإقتصادية...
لم يكن النزاع الديني يعنيني يوماً ولا السياسي ولا حتى أموال العالم التي يغدقونها في معامل الكذب والخداع لإنتاج أسلحة جديدة تتمكن من قتل طفل بريء في أشهر حياته الأولى دون أن تنتبه أمه... لم ينجح أي سلاح في ذلك بعد... فما زالت الأمهات تبكين أطفالها وما زالت صرخات الألم تعلو أكثر فأكثر...وما زال الحكام يتناوبون على متابعة الأخبار دون ملل... وما زال الحقد يملأ قلوب الأطراف المتنازعة... ولا شيء غير ذلك... هم فقط يكرهون... دون أي محاولة لإنهاء نزاعاتهم بعيداً عن الأبرياء... القاتل والقتيل، الظالم والمظلوم... كلهم رحلوا... ولم يبقَ سوى هؤلاء المساكين الذين ورثوا هذا النزاع دون أن يعيشوه.
لم أتوقع يوماً أن أجد حياة أخرى غير هذه الحياة... إلى أن أتيت أنت منذ أيام قليلة معلناً لي بهدوء مخيف وسلام قاتل بأن هناك حياة بسيطة، لا دماء فيها ولا نزاع... لا دموع فيها ولا ألم... يمكن أن نعيشها سويةً. شرّعت لي الأبواب وبهدوء محارب أشرت لي أن ادخلي فدخلت لأكتشف بأن كل دوافع النزاع والخلاف بين أي طرفين كامنة فيما نحن عليه، قومياتنا وأدياننا وانتماءاتنا ومعتقداتنا وحتى توجهاتنا، كلها كانت مستعدة لأن تنفجر بيننا في أي لحظة... لكن ما يجمعنا أعمق بكثير، ما يجمعنا هو برهان قاطع أنه ثمة حياة أخرى تنتظر من يعيشها.
منذ ساعات قليلة أخبرتني بأنك تتصفح موقعاً أخبارياً قد لا يروق لي لأنه يروي أحداث مكان لا يروق لك... لا أدري لماذا ابتسمت أنا حينها... ها أنت تنقل أثاث الحياة البائسة إلى حياتنا النقية نقاء حبنا... ألا يجدر بي أن أبكيك وأبكي حياةً راحلة حلمت بها؟ ربما هو الأمل وربما هو الحب وربما هو أنت... وربما هو كل هذا وذاك...