مذكرة رقم ثلاثة
في اليوم قبل يوم فراق الأماكن بيننا ...كنت لاهثة لأن أحتفظ بأدق التفاصيل... جدران غرفتك... حقائبك...أشياؤك الصغيرة منها والكبيرة ...كنت أعد نفسي لرحلة نسيان طويلة. حتى تضاريس وجهك... كانت مرسومة في مخيلتي على الدوام... كنت أعلم بأنك ستبتعد... ألست من حذرني بأنك تقول لي أحبك في هذا التوقيت فقط لأنك لن تتمكن من قولها فيما بعد... وكم كنت وما زلت حمقاء فمع كل تهديداتك وتحذيراتك أحببتك أو ربما فُتنت بمستقبلٍ بائسٍ كنتَ دائما تعدني به رغم حرصك الشديد بأن تبقى ابتسامتي معي دائماً.
حتى عند رحيلك، ودعت كل أصدقائك أو حتى أصحابك على طريقتك....واستثنيتني أنا... أنت من أخبرني، بشفافيتك المعهودة، بأنك استثنيتني... قلتَ يومها "بأنكِ تعرفين لماذا..." حاولتُ أن أتصرف كامرأة ناضجة لا تسبب المتاعب لمن تحب بأنه لا مشكلة لدي... لقد كانت لحظات فراقك... فلم أُعِرْ انتباهاً لتلك القصص الصغيرة... لكني الآن أسأل نفسي لماذا؟؟؟ لماذا حرمتني من أن أكون صديقة عاديةً ما دام قرارك بأن تنسى ما جمعنا من حبٍ سريعاً إلى هذه الدرجة؟؟؟
منذ دقائق قليلة كنت ناقمة عليك، وها أنذا الآن وبعد استرجاع بعضٍ من صورنا الخائفة، أعود لأحبك من جديد... كأني أراك للمرة الأولى ولكن هذه المرة دون الخوف من لحظات الفراق أو النسيان لأن ما يحدث لا يعود ليحدث ثانية.
عرفت رجالاً قبلك... اعترفت لك ببعضهم... ولأني نسيت البعض الآخر لم آت على ذكرهم... لم أقاطع الحب بعد أي منهم ولكني اليوم وبعدك أنت أعلن حربي عليه لا لأنك خذلتني بل لأني أنا التي خذلت نفسي هذه المرة....لم أعرف كيف أحب وها أنا ذي لا أعرف كيف أنسى... ربما لا أريد أن أنسى... باتت الأميًة مدرستي في عهد شابٍ أتى إلي خريجاً متمرساً ظننته اميًاً يوماً ما.
لا أدري إن كنت تذكر عندما أخبرتك أن باريس ثالثنا دائماً ...مع كل قبلةٍ... مع كل عناق... مع كل لحظة عشقٍ هربت منا... كلما أغمضتُ عيوني رأيتُ أزهارها وحدائقها وأضواءها وغيومها السوداء التي تبشر بولادة مليون قصة حب كل ثانية... تلك المدينة التي ما حلمت بها يوماً ولا أٌخذت بها وأنا بين ذراعيها...أغريب أن أؤخذ بها بين ذراعيك أنت؟؟؟
هل سأحرق صورنا يوماً ما ؟؟؟ هل سأنساك فعلاً إنْ أنا أحرقتها؟؟؟ قصصي المؤلمة التي نسيتها مع دموعي على كتفك...هل سأسترجعها ثانية لتعود هي ألمي بدلاً من استحالتك؟؟؟
كل ما أريده هو أن تكون ماضٍ يحمل في طياته حباً حقيقياً لن يتكرر لفتاةٍ لن تتكرر مع رجلٍ لن يتكرر... ذاك الحب الذي ترويه الجدًات لأحفادهن والفتيات لأمهاتهن والصديقات لبعضهن...
فهل كنت؟؟؟؟؟؟