كلما خرجت او دخلت الى بيتنا كنت ارى الكتابات على جداره
ولست بوارد ان اسرد ما هي الكتابات او الرسومات لان معظمكم يعرف ذلك
و رأى في طول البلاد وعرضها هذه الظاهرة
"وكيف أولاد الحلال بيعبروا عن مكنوناتهم وتربيتهم عليها وبيوسخوها"
فقلت في نفسي في يوم من الايام:
"ليش ياولد ما بتخليهن يوسخوه –للجدار طبعا- على كيفك؟ احسن من شي يوم تتفركش
بشي واحد من هالكتاب او الرسامين عالحيطان وتفسخوا فسخ حلها بمعرفتك"
خاصة وان بجانب بيتنا اربع مدارس؟؟؟!!!! "وشو بدو يلحق الواح تفسيخ"
فقمت بشراء بعض الدهان والفراشي ودعوت صغار الحارة للرسم على الجدار
و لأنني من هواة الرسم وكل الحارة تعرف ذلك وافق الصغار على المشروع
وطلبوا الاذن من اهاليهم ... وبدأت الحكاية.
الفنانون الصغار يرسمون واهاليهم على الاسطح والبرندات يتفرجون
وبعض المارة يتوقفون للفرجة ايضا ويتساءلون؟؟؟؟!!!!
وبعضهم يطلب الاذن ان كان ابنهم يستطيع المشاركة -بعد الحاحه طبعا-
فكنت اوافق على الفور دون تردد وكانت من امتع لحظات حياتي
فورشة الرسم هذه كانت من اكبر المفاجآت بالنسبة لي
فلقد اكتشفت في الحارة مواهب الصغار وجمال ارواحهم
التي ان لم نكتشفها باكرا فلن نستطيع الحفاظ عليها
ومن يومها لم يجرؤ احد على تدنيس هذه اللوحة التي لا استطيع ان اصف لكم مدى روعتها
وفي اليوم التالي اتى الصغار لسؤالي ان كان هناك جدارا اخر لرسمه
ولكنني فاجأتهم بأنني اهديتهم صورهم وهم يرسمون
واحد الاهالي اسر لي انه كان يتساءل في نفسه ماذا يفعل هالمجنون احمد؟
وقال لي ايضا انه هو "مين طلع مصطول" ولست انا المجنون
وكان مستغربا كيف انني فكرت في كل شيء في ثياب الصغار التي كانت
من اكياس السكر الفارغة فقد قصصت كيس السكر من طرفيه
ليضع الصغير يديه ومن وسطه ليضع رأسه ويصبح كيس السكر جلبابا
وحتى الدهان كان من النوع المذاب بالماء وهكذا حافظت على نظافة الصغار
وعلى نفسي من سباب وشتائم الاهل والشجار.
ملاحظة هامة:
الى من يمر بجانب بيتنا سيرى بقايا اللوحة لان الحكاية صارلها سنين
والفنان الصغير يللي كان عمره يومها ثلاث سنين هلق على ابواب التخرج من الجامعة
واراهم في الحارة شباب وصبايا متل الورد يغز العين واحدة منهم سافرت من اول السنة
تدرس دكتوراه بالتربية بالمانيا واذا بدي كمل بدها قصة تانية.