من نيتشه إلى هيجو
((تخلّص من الضمير ومن الشفقة والرحمة..تلك المشاعر التي تطغى على حياة الإنسان الباطنية..
اقهر الضعفاء واصعد فوق جثثهم..لن نتمكن من بناء الإنسان الجديد ((السوبرمان)) إلا إذا كفرنا بالأخلاق والعطف والرحمة..))
هكذا يقول الفيلسوف((فردريك نيتشه)) في كتابه الشهير ((هكذا قال زردشت)) .
ومع أن نيتشه دعا إلى موت الإله، والكفر بالسماء، والإيمان بالإله الجديد وتحديداً السوبرمان
ولكنه وجد نفسه في صدام مع الإنسان..
نعم لقد كان يكره الضعفاء والمعوقين ويريد التخلص منهم.
لقد كانت رؤية (نيتشه)( للسوبرمان) من إلهام داروين.
يزعم نيتشه أن الديانات ابتدعها الضعفاء ليخدعوا بها الأقوياء،أما ماركس فيقول العكس
وهنا يكمن السؤال؟
لماذا نصادف كثرة المعوقين حول المساجد والكنائس والمعابد التي نذهب إليها ؟
لأن بيوت الله وحدها تفتح أبوابها لأولئك الذين ليس لديهم ما يعرضونه أو يبرهنون عليه،
أولئك الفقراء في المال والصحة،أولئك الفقراء الذين استبعدوا من موائد الإحتفالات في هذا العالم.
إن المريض وغير المتعلم يغلق أمامه باب المصنع، بينما يدخل المتعلم صحيح البدن..
أمّا في بيت الله فإن الفقير والأعمى يمكن أن يقفا جنباً إلى جنب مع ملك أو دكتور.
إن أهم معنى حضاري وإنساني لأماكن العبادة يكمن في المساواة..
ما الذي أريد أن أقوله لكم؟
هل تستطيع وأنت ما عليه من العلم والمال والشهرة أن تجلس مع الفقراء..
هل تعترف بمبدأ المساواة؟
أين هي الخصوصية الإنسانية في الناس الذين أساءت إليهم الحياة..
أم أنك تحمل أفكار ((نيتشه)) الذي قسّم الناس إلى طبقات..وأن الإنسان استغنى بالعلم..
نحن ننتمي إلى دين ينص كتابه(( وقل رب زدني علماً)) ولم يحدد ما هو العلم ..لأن كل علم شريف
يخدم العباد فهو العلم النافع.
كلما أدّبني الدهر أراني نقص عقلي
وإذا ما زدت علماً زادني علماً بجهلي
أما أن تتربع على عرشك وتتمركز حول ذاتك وتتكلم مع الناس بفوقية ولؤم فهذا هو الجهل بعينه
إنّ الشهادة العلمية التي يحصل عليها الإنسان ما هي إلا تقدم حضاري واجتماعي، وهي ليست تقدم
لقد أثبتت التجارب أن اللذين يفتخرون بشهاداتهم ولا يملكون منطقاً في تفكيرهم ،يمكن التلاعب بضمائرهم بسهولة.
إنّ الإسلام ساوى بين الناس من اللحظة التي قال الرسول(ص) عن سلمان الفارسي الذي كان من فارس ((سلمان منا آل البيت)) وقال عن عمه((تبت يا أبي لهب وتب)))
لقد أراد أن يقول للعالم لا أحد فوق القانون..
لقد قرأت رواية في الأدب العالمي(لفيكتور هيجو) أشهر رواية في العالم تدافع عن الفقراء بعنوان((البؤساء)) وكأن هيجو سمع قول الرسول وهو يوصي للفقراء.
وضع هيجو روايته تحت التعاليم الإنسانية والإشتراكية..
وعندما مات هيجو عن عمر يتجاوز الثالثة والثمانين عاماً، توقفت الحركة في فرنسا كلها، وعندما فتحوا وصيته وجدوا فيها الكلمات البسيطة التالية:
1- أعطي خمسين ألف فرنكاً للفقراء
2- أتمنى أن أنقل إلى المقبرة في تابوت الفقراء;
3- أرفض تأبين الكنائس ورجال الدين ،وأطلب الصلاة من كل الناس
4- أؤمن بالله
فيكتور هيجو
فرق كبير بين((هيجو)) و((نيتشه))
هل يستويان مثلاً؟
وقيمة المرء ما قد كان يحسنه
والجاهلون لأهل العلم أعداءُ
ففز بعلم تفز حياً به أبداً
الناس موتى وأهل العلم أحياءُ