أحبتي.. القرآن الكريم كلام الله المنزل؛ وهو معجزة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم الباقية، يشتمل على 114 سورة و6236 آية
فيه نبأ ما قبلنا وخبر ما بعدنا (ما فرطنا في الكتاب من شيء)، فيه قصص السابقين وعبر الأولين، فيه الحكم والمواعظ والأحكام والتشريعات، وعندما سئلت عائشة –رصي الله عنها- عن خلق النبي-صلى الله عليه وسلم- قالت: كان خلقه القرآن.
أحبتي .. القرآن شفاء ورحمة لمن غمر الإيمان قلوبهم وأرواحهم، فأشرقت وتفتحت وأقبلت في بشر وتفاؤل لتلقى ما في القرآن من صفاء وطمأنينة وأمان، وذاقت من النعيـم ما لم تعرفه قلوب وأرواح أغنى ملوك الأرض.. إنه حقا سد منيع يستطيع الإنسان أن يحتمي به من مخاطر كل الهجمات المتتالية على نفسه وقلبه، فيقي القلب من الأمراض التي يتعرض لها كما أنه ينقيه من الأمراض التي علقت به كالهوى والطمع والحسد ونزغات الشيطان والخبث والحقد..الخ، فهو كتاب ومنهج أنزله رب العالمين لعباده هاديا ونذيرا وشفاء لما في الصدور قال تعالى: (وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنيـن)
أحبتي..القرآن هو حياتنا، فلماذا تأبى نفوسنا حياة القرآن، كل ذلك لأننا لم نتقن حرفية قراءته ولم نعرف مفاتيح أسراره، فنهذره هذراً ونؤديه كطقوس كلامية تنتهي بانتهاء الصفحة.
إننا عندما نعيش القرآن الكريم فنقف عند معالمه ونستقرىء ملامحه، نعرف أدواته ونعمل بآياته ونؤمن بثمرته ونحفظ تطبيقه، نعرف قيمه وننتج نهضته، عند ذلك نصبح حافظين له، مؤمنين به.
جاء رجل إلى أبي الدرداء، فقال له: إن ابني جمع القرآن، فقال أبو الدرداء: اللهم غفرا، إنما جمع القرآن من سمع له وأطاع.
لأجل ذلك كانت ذروة الحياة وكمال النهضة في حياة الصحابة- رضوان الله عليهم- لأنهم عرفوا سر الحياة فأفشوه لصناعة الحياة، فزانت بهم الدنيا وتعددت أمدادها.
هو نداء لكل من أراد أن يقيم منارة القرآن وأن يرسم حياته أن: تعرَف على القرآن حتى تعرف ما عنده.
أخوكم- كاتب هذه السطور- عندما يسمع الأغاني يستمتع بشكل وقتي ثم ما يلبث أن يصبح يومه كله كدرا وعيشه نكدا ، أما عند قراءة القرآن وسماعه من صوت جميل خاشع فو الله ثم والله إني لأشعر براحة نفسية ما أظن ان أحدا على وجه الأرض يشعر بها.
أحبتي – يا أمة القرآن، بالله عليكم متى آخر مرة قرأتم القرآن؟ (وقال الرسول يا رب إن قومي اتخذوا هذا القرآن مهجورا)، فيا عجبا !! هذا الوليد بن المغيرة كان مكذبا لرسول الله ومع ذلك لما سمع القرآن من رسول الله رجع إلى قومه فقال: (سمعت منه كلام ليس بكلام الجن والإنس وإن له لحلاوة وإن عليه لطلاوة وإن أعلاه لمثمر وإن أسفله لمغدق وإنه يعلو ولا يعلى عليه) حتى الجن لما سمعوا القرآن قالوا: (إنا سمعنا قرآنا عجبا يهدي إلى الرشد فآمنا به ولن نشرك بربنا أحدا).
أحبتي.. أهل القرآن وجوههم نور وعيشهم سرور، قلوبهم نقية وأرواحهم زكية.
فإلى من أنهكه المرض :اقرأ (وإذا مرضت فهو يشفين) ، ولمن يريد الشفاء تداوى بالقرآن، ولمن أصابه القلق أو الاكتئاب: اسمع كلام الله فإنه خير معين، ولمن يريد السعادة في الدارين: افهم القرآن وطبق تعاليمه، ولمن يريد الخير كله : اجعل حياتك عامرة بالقرآن، ولا تنسوا الصلاة على من كان خلقه القرآن، الذي لم ينطق الهوى إن هو إلا وحي يوحى من الرحيم الرحمن، سيدنا محمد وعلى أل بيته الكرام وعلى الصحابة والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين في كل زمان ومكان.