في اليوم الرابع عشر من مارس وصلت إلى حلب في زيارة استمرت لمدة عشرة أيام بعد انقطاع دام لنحو أربع سنوات، وأكتب إليكم بعضا مما دونه قلمي من خواطر ومشاهدات..
مطار حلب الدولي: من أجمل المطارات وأكثرها أناقة رغم بساطته وصغر حجمه، أذهلني جدا روعة تعامل موظفيه وحسن ترحابهم وابتساماتهم لتزداد الأمنيات أن نشاهد هذه الابتسامات في كافة الدوائر الحكومية
جامع التوحيد: والكنائس المحيطة به لهو دليل واضح متجدد على التعايش السلمي بين المسلمين والمسيحيين في سوريا ولا يوجد مثيل ذلك في أي بلد آخر من العالم
أصوات جميلة: أصوات المؤذنين في معظم المساجد ، تشدك وتجذبك، تسحرك بصفائها وروحانيتها، وليت المعنيين في السعودية يلتفتوا إلى هذا الأمر وهو أن الصوت الجميل مطلب للمؤذن، وتلك الأصوات العذبة وللأسف نادرا ما نسمعها في السعودية إذا استثنينا الحرمين وبعض المساجد
طوابع: تمر السنوات وتمضي الأعوام ولازالت (جلطة) الطوابع موجودة لا يمكن أن تبدأ أي معاملة ولا أن تنتهي منها بدونها، هذا ما حدث معي عندما أردت أن استلم شهادة موقعة من الوزير وجاهزة للتسليم لكن رعونة الموظف والروتين حال دون استلامي للشهادة التي أردت أن أعلقها في مكتبي أو غرفتي لأفتخر بها
سيريتيل: مبنى جميل منظم يعمل فيه موظفون متل (السكر) ، اشتريت شريحة جديدة ب450 ليرة، فأخبرني الموظف أنه ينبغي علي دفع 20 ليرة إضافية رسوم طوابع!!!
يا سبحان الله!..لماذا لا تتم إضافة المبلغ تلقائيا، يعني ضروري أن نتذكر (جلطة) الطوابع;
ثم إن قضية عدم احتساب التكلفة بالثواني لهي معضلة لا توجد في أي بلد في العالم، ولكن بما أن الحاجة أم الاختراع ولأن اللبيب بالإشارة يفهم فقد صار البعض من أصحاب الدخل المحدود يتفقون إلى أن رنة واحدة (تعني أنني لن آتي إليك) و رنتين (تعني أنني سآتي إليك)
طيب وثلاث رنات.. تعني حسب الظروف
باصات النقل الداخلي الجديدة (اكسبريس): من أروع الباصات التي ركبتها في حياتي، منظمة مرتبة ميسرة، وهي أفضل-برأيي- من ركوب التاكسي، تشعرك عند ركوبها انك أمام لحمة-بضم اللام- اجتماعية مميزة.
فلافيلووو..محل الفلافل الشهير (فسط) مدينة حلب، تناول ساندويتش الفلافل مع الصحة والأمن لهي خير من أكل ما لذ وطاب مع الخوف والهم ولكن أكثر الناس لا يشعرون.
بائع السحلب: بعربته المميزة وصوته (المزعج قليلا بالمقارنة مع أصوات بائعي الخضار والمازوت والأشياء القديمة)، نموذج رائع لمن يكدح ويجد في سبيل أن يطعم أولاده اللقمة الحلال.
سائقون وسيارات: رغم ضيق كثير من الشوارع وكثرة الزحام إلا أن مهارة السائقين حالت دون وقوع كثير من الحوادث، وبالمقابل سماع مزيد من عبارات الشتم ونحوها
حاويات القمامة: مؤسف ومحزن جدا صورة ذلك الفتى الذي لم يتجاوز الخامسة عشرة من عمره وهو يفتش في مكب النفايات بحثا عن صفيحة معدنية أو شيء ينتفع به أو غرض يستطيع بيعه.
حب وغرام: عذرا لتلك الحبيبة الافتراضية ، فحب سورية الساحر أشغلني عن الالتفات إلى أي حب بشري آخر
صلة رحم: مكثت عند أختي ثلاثة أيام كانت من الأيام الرائعة، أختي الحنونة وأولادها الثلاثة (الشياطين) أدركت حينها كم تعاني الأم لأجل أولادها ، وأيقنت أننا أمام جيل قادم لا يستهان به إطلاقا.
حسرة في القلب: لعدم تمكني لزيارة الشام لأسباب خارجة عن الإرادة، ولطالما تمنيت لقاء إخوة لي في سيريا نيوز تشرفت بدعوتهم الكريمة لي
مظاهرات واحتجاجات: تمشيت في جامعة حلب وساحة سعد الله الجابري في يوم 15 مارس ذلك اليوم الذي قيل أنه يوم للغضب السوري، بل هو يوم خذلان المحرضين، فلم أجد في هذا اليوم أي شيء مريب أو يدعو للقلق والغريب أنني سمعت تحذيرات في صباح ذلك اليوم ونقلوا لي أن قوات الأمن تنتشر بكثرة ولم أجد أي شيء من هذا المؤسف أن الشائعات تنتشر ولا يعرف مصدرها ويتقبلها الشعب كأنها مسلّمة وقد ذكرت لكم سابقا في مساهمتي السابقة (كذب الإعلاميون ولو صدقوا) عن هذا الأمر
وهنا أتمنى من الأحبة أيضا عدم الالتفات إلى الأخبار ذات المصدر الإسرائيلي التي تتكلم عن مؤامرات ومخططات وما شابه والتي تهدف إلى زرع الفتنة بين الدول العربية، فمنذ متى كانت إسرائيل صادقة؟!
اكتفي بذلك حتى لا أطيل وإن كان في الجعبة مزيد ..
وأخيرا أقول لكم استنتاجي الأخير
سورية أجمل بلد في العالم – والله العظيم
ولو كان هناك فقر وفساد فلنتذكر أننا نعيش في الدنيا وليس في الجنة أو المدينة الفاضلة
ولنعتبر بالتجارب السابقة وتجارب الآخرين
ثم إن درء المفاسد مقدم على جلب المنافع، ولا يكن أحدكم-إمعة- يتبع الآخرين بون أن يعلم ماذا وكيف ولماذا وإلى أين
حافظوا على بلدكم ولا تدعوا أيدي العابثين تخربه
التفوا حول قائدكم المحبوب فلقد أحبه غير السوريين فأنتم أولى بالمحبة..
قليل من الصبر والدعاء وانتظار الفرج من الله والانشغال بإصلاح النفس وتطوير الذات وستغدو بلدكم أجمل بلدان الدنيا ومأرز الإيمان والاطمئنان..