غفت على مخدة الفرح وبيتها القديم رفرف إليها من بعيد .. هنا لعبت مع أيام الخضرة ..وأغصان زهرة العسل...نامت على سور الحديقة ..ورود زرعت في الأحواض ..برتقالية وحمراء وبيضاء ...
ألوانها رسمت لوحات في داخلها ..نافورة البحرة تتلألأ بمياهها ..قفزت إليها لتحيا بصفائها..فتطفو على خديها عبير ورودها.. تتأرجح عاليا وثوبها الصغير يرسم الألوان .. هنا أختها تخيط ثياب لعبة كأنها لعبة .. وتخترع بعقلها الصغير مقالب أفكارها ..و تؤلف قصص الياسمين الأبيض .. ونتشد أغاني المطر .. ثلج وقف على حافة النافذة .. لأن شتاء نقر بيديه نافذتها .. وتحكي حكاية حول المدفأة .. لتمسك بدفء القلوب .. وصفاء الأزمان .. وحكايات الأجداد ..
الزمن الثاني :
كأنه زمن رسمته بيديها .. وأضافت عليه بعض الأحزان .. لتودع الأحباب .. قلبت صفحاتها .. وكتبت وهي تنظر نظرة حزينة ..لترمق هذه الأيام ... ستعيش أيام غيرها .. غريبة عنها .. أحقاد القلوب .. وأشباح الشوارع .. أوطان لم تعد أوطان ... أغلقت باب بيتها .. تحمل حقيبة داخلها دموع الوداع ..
وتقف في حلقها كلمة وطني ..سافرت بعيدا ... وأسئلة ذابت مع ثلوج الغربة ... وأجوبة هربت في هطول الدموع .. خريف لم يعرف الألوان .. خريف قال : إلى متى ؟؟؟ هل من بصيص ونور في السماء ؟؟ سماء دمعت في الظلام .. وطرقت لترتشف منها الوداع .. هل سيأتي الربيع ؟؟ ربيع الوطن يدق ناقوس الفرح .. فتقلع وجناحيها فوقه .. وتودع زمن رسمته بيديها ..
وتمحي غربة سقطت بداخلها .. تخيف أياما ودعتها ... وترسم من جديد على شفتيها .. ابتسامة اللقاء .. وعلى تراب وطنها شوق كان بانتظارها .. أحمر الخدين وطنها .. خجلا من حنينها .. سجدت له لتوعده وعدا قطعته على نفسها .. لن تغيب عن ناظري وسأزرع جسدي شجرة امتدت جذورها وتشابكت مع ترابها ..