قضيت في حلب الشهباء سبعة أيام بعد عيد الفطر المبارك ، واستمتعت كثيرًا فيها ومع أهلها الطيبين ، كثيرة هي الموافقة الجميلة والطريفة التي عشتها في حلب الشهباء ، وأعجبت كثيرًا بقلعتها الرائعة وتعتبر من أكبر القلاع في العالم ، كما كانت لي جولة في أشهر أسواقها ، والتي وإن كانت ذات طابع قديم إلا أن حركة البيع والشراء فيها تمتع الناظرين .
وكانت البداية من سوق خان الحرير وهو من أضخم أسواق حلب (من وجهة نظري وأنتم أعرف مني) ، اتجهت بعدها سوق العطارين وهو سوق رائع وحركة البيع والشراء فيه لا تهدأ ، كما قمت بجولة في أحد الأسواق في خان الشونة وهو خاص بالمهن اليدوية ، ثم كانت لي جولة حول باب الحديد وباب أنطاكية وباب المقام ، ومن يشاهدها عن قرب يعرف جيدًا كيف أن هذه الأبواب وفرت الحماية لأهل حلب قديمًا ، وكل باب من أبواب حلب يحمل في طياته قصص مثيرة وشيقة .
وسمعت من الناس الذين قابلتهم أن حلب تشتهر بالغناء والموسيقى وخاصة الدينية ، كيف لا وهي منارة الفن والعلم والأدب ، كما كان لي جولة في (مدينة حلب المائية) وفي عدد من الحدائق الجميلة التي تشرح الصدر ، وتجولت في عدد من المطاعم ، وكان لي مع (الكبة المشوية) عدد من المواقف الطريفة أفضل أن أحتفظ بها ، كما كان لي مع الفستق الحلبي وقفة طويلة ، ولم أخرج من حلب إلا بقطعة من الصابون الحلبي المنعش ذو الرائحة الرائعة .
أحد المواقف التي حدثت معي خلال جولتي في حلب ، في أحدى الأيام وخلال تجولي سيرًا على الأقدام أصابني العطش ، فتوجهت إلى أحد الدكاكين وكان مختص في صنع وبيع النحاسيات ، دخلت على رجل كبير في السن اسمه (أبو أيمن) رحب بي وسألني عن طلبي فقلت لي (أريد كوبًا من الماء) نظر إلي وقال ( شو بدك !!) أعدت عليه طلبي وقف وقال (تكرم عينك ... يا فادي ) حضر فادي وهو أحد العاملين لدى العم أبو أيمن فطلب منه أن يحضر لي كوب من الماء ، ثم طلب مني أن أجلس فجلست وأحضر فادي الكوب فشربت وشكرتهما ، وقبل أن أذهب سألني العم أبو أيمن (ما تعرفنا عليك ، من أين أنت بلا زغرة ؟؟) ضحكت وقلت (أنا من دمشق) نظر فيني كثيرًا ثم قال (ألعب على غيري !! أنت لست من دمشق) وقفت وقلت (الله يسامحك يا عمي ، أنا دمشقي أبًا عن جد)
وقف وقال وبشدة ( كذاب بعينتيك !!! أنت لست دمشقي ، وبدك الدغري أنت مو سوري) قلت له ( من أين أكون بوجهة نظرك ؟؟) نظر إلي وأخذ يناظر إلى ملامح وجهي وبتركيز شديد ثم قال (أنت كويتي أو إماراتي) قلت له (ما حزرت) تضجر كثيرًا وقال (حلفتك بالله أنت من وين) اقتربت منه وهمست في أذنه وقلت (أنا سامي السعدي من السعودية) رحب بي كثيرًا ثم قال ( يا فادي أعمل لنا إبريق شاي خمير أكرك عجم على كيف كيفك ) ، لقد كان شخص طيب القلب وهذا غير مستغرب على أبناء حلب الشهباء ...
خلال الزيارة حصلت على هدية من عمي أبو محمود وهي عبارة عن (شبريه) تشبه شبرية العكيد أبو شهاب ، فرحت بها كثيرًا ولكن !!! يا فرحة ما تمت ، فقد منعني امن المطار من حملها معي إلى السعودية ، فبقيت الشبرية لدى العم أبو محمود لكي يحتفظ بها لي .....
شكرًا جزيلا لأبناء حلب الشهباء ، وشكرًا لأبناء دمشق العظيمة والتي كانت محطتي الأولى قبل أن أتوجه إلى حلب ، شكرًا لكم ونلتقي بإذن الله خلال العام القادم إن شاء الله ، فأنا لدي قصة مسلسل قد أقوم بتصويره خلال العام القادم أو الذي يليه ، وسيكون التصوير في أماكن في ريف دمشق وفي الغوطة وفي عدد من المواقع ، وعاشت سوريا العظيمة وأهلها الكرماء .