قالوا: المحنة هي محك حقيقي يظهر المعادن الأصيلة لبني البشر.وهذا بالطبع يتم تقييمه من خلال الحدث وردة الفعل على هذا الحدث. ولأننا في وضع يقارب حد المحنة ، لأننا في أزمة صار من الطبيعي أن نتقد بعضنا البعض ونسأل عن موقف الشخص .وأنا شخصياً احترم أية ردة فعل " موقف " ولا يهمني لونها .
لكن كيف نقيم من لم تصدر منه ردة فعل؟
* هو إما مثقف خطير تمسك ببرجه العاجي يعيد ترتيب الأوراق في كل يوم ويتطلع بعين القلق على كفة الموازين إلى أين سترجح، وكيف يحافظ على مكاسبه التي يعيش فيها ،فيفتح علينا من برجه بوقه ليشبعنا توجيهات وتعليمات.وطبعاً ربما تتفقون معي بأن أسلوب الثعالب هذا أصبح محروقاً.
* وإما أن يكون شخصا بسيطا لم يتحدث يوما في السياسة ولا حتى في الاقتصاد أو ربما لا يتحدث بأي شي فيكتفي بالدعاء والأمنيات ( الله يهدي البال ).
*والزمرة الثالثة :إما نصف واع أو نصف مثقف وربع رجل، قيّدته مخاوفه من كل شيء فارتضى الهامش مكانا له، وجهز خطابا طويلا يلوم فيه الجهة المهزومة وهذا الخطاب يصلح لتقريع الجهتين.(من يتزوج أمي أناديه يا عمي ).
دائماً بعد أي حرب تخرج علينا فئة تحقق مكاسبا مادية كبيرة وهؤلاء ما يسمونهم بأثرياء الحروب.وفئة انتصرت في المعركة المادية وفئة مهزومة تعلن انكسارها و خسارتها. الفئتان المنتصرة والمهزومة هما واضحتان للعلن لكن تلك الفئة اللعينة التي تتاجر فيما بعد بانتصارات المنتصر وترقص فوق آهات المهزوم هي الفئة الأشد خطراً على المجتمع الذي يعيش أزمة ما.
في سوريا العظيمة الآن بات السؤال الذي يلي السؤال عن الصحة عند لقائك بأي شخص : " شو أنت مع مين ؟ وهذا طبيعي جداً لأننا في مرحلة فرز لأراء الشعب.فمن الضروري أن يكون لك رأي وإلا فأنت لست من هذا الشعب ولا يعنيك الوطن الذي تتنفس هواءه.
ليس كل من قال أنا ضد الرئيس بشار الأسد تسقط عنه الجنسية السورية، بكل بساطه لأنه سوري شئنا أم أبينا.وهو يريد الإصلاح لهذا الوطن ولكن ليس تحت قيادة هذا النظام. وهذا حق مشروع و رأي يجب أن نحترمه لأنه يحمل الوطن كل الوطن في قلبه. ولكن من قال أنا ضد بشار الأسد انطلاقاً من حقد دفين في صدره وعقله ،حمل السلاح ليقتل ويدمر ويخرب دون أدنى إحساس بقيمة الدم المراق لا يستحق أن يكون سورياً. ومن رهن قراره لغيره وتصرف تحت تأثير سياسي أو ديني طمعاً في السلطة يحق لنا أن نسميه بخائنا وعميلا وووو و...هو الذي يتاجر بأحلامنا ،همومنا ،مشاكلنا،حبنا للإصلاح وحتى بدمائنا.وهنا على المعارض الأول أن يحاذر كثيراً بأن يكون غطاء للمعارض الدموي الثاني.
هذه التفرعات و التنوع بالمواقف تحتم علينا أن نعترف بأننا نعيش أزمة حقيقية. فنحن نعاني من تحديد الموقف أولاً ومن انقسام أصحاب المواقف ثانياً ( معارض شريف ومخرب دموي) يصعب حتى على العباقرة التمييز بينهما إذا ما اختلطا في شارع واحد. ومقابل كل هذا تبقى ضرورة الإصلاح السريع هي المخرج الأسلم والأكثر أماناً لنا وبأقل الخسائر.فلنتق الله بسورية العظيمة ولنتعقل قليلاً.
واخيراً أعتقد أن تجديد منح الثقة للرئيس بشار الأسد ستسرع من عملية الإصلاح لما فيه خير هذا البلد والعكس غيرصحيح.لأسباب كثيرة كثيرة.