والذي اصبح لا يمكن انجاز أي معاملة او ورقة أو رخصة أو أي شيء له علاقة بمؤسسات الدولة دون اكرامية .. فالموظف يعتبرها حق مكتسب والمواطن ينظر إليها كواجب وطني لدعم أخيه المواطن وتسيير أموره الخاصة التي لا سمح الله قد تتعرقل أو تعود للصفر .. بسبب سوء تصرف وقصر يد للجيبة ..
على سبيل الذكر لا الحصر .. طابع يكون سعره 10 ليرات فتدفع ال15 وعند سؤالك .. لماذا يأتيك الجواب .. 10 بالجملة و15 بالمفرق .. فتجيب أه حسنة يعني ..!!!عفوا" نوع من التعاضد والتكافل الاجتماعي ...
أضف إليها مخالفات المرور التي أصبح الشرطي يعتبر أن راتبه لا يكفيه.. فمن واجب الشعب دعمه ماديا ومعنويا ليتمكن من تقديم خدماته بشكل افضل.. بما فيها مصلحة المواطن .. فرفع قيمة المخالفة لضبط الشارع فتحت المجال لرفع قيمة الإكرامية للشرطي فأصبح هناك حالة من المحاكاة الوطنية العامة اتفق عليها الشعب دونما يدري.. وهي أن تدفع 500 ل . س أفضل 100 مرة من زيارة القسم لدفع غرامة قد تتجاوز ال4000 ل.س والتعرض لمضايقات من بعض الطفيلين من الشرطة اللذين لا بد من لحس أصبع لتيسير الأمور وما الى ذلك من زور ونعر ..
ولن ننسى مخالفات البناء التي تنشط عادة ليلاً و في أيام الجمع والعطل لتأتي الأزمة التي ألمت بسوريا مؤخرا لتتحول بلدنا الحبيبة الى ورشة بناء... مخالفات .. تظهر أبنية كاملة وطوابق لاحقة وأسواق جديدة ساهمت في انشاء مدن ضمن المدن وما يتبعها من سرقة كهرباء وماء.. لتصير أمرا واقعا " .. علينا التعايش معه .. أو نكون ضد الحرية .. وما الى ذلك من قصص... كل مواطن سوري يملك في جعبته المئات منها ..
تعددت الأساليب والرشوة واحدة فمنهم من يعتبرها حسنة .. أو اكرامية .. أو كادو .. هدية يعني أو كف بلا .. أو اتاوة .. أو حتى تكافل اجتماعي... والمصيبة الكبرى .. أن الأغلبية تعتبرها حق مكتسب ..
هذه الظاهرة المستفحلة بدوائر الدولة وبكل أنواع الخدمات التي تقدم للمواطن والتي على احتكاك مباشر معه أصبحت حالة من ثقافة المجتمع ككل.. ادفع تجد .. عشش الفساد في العقول وكثرت تبريراته وتحليلاته ليصير دافعا عند البعض للعمل بمؤسسات الدولة ومصدرا مشروعا" لزيادة الدخل ..لتختلط المبادئ بالخطوط الحمراء.. وتزيد الحربقة لتبرير الخطأ.. فتنحرف القيم .. حتى سألتني ابنتي ذات ال7 سنوات يوما"
.. ماما عنجد الشرطي حرامي ... ؟؟؟
أمام هذا السؤال عجزت ... هل أكذب وأقول لا .. أم أكذب وأقول نعم ..؟؟
الفساد مسؤولية الجميع دون استثناء المؤسسات الحكومية والمواطن .. فمن يعمل أصلا في هذه المؤسسات ..؟؟؟ المواطن .. ومن يدفع الرشوة ؟؟ المواطن .. ومن رسخ ودعم هذا الفكر؟؟ .. القانون اللعوب الغير واضح .. القابل للاختراق والاجتهاد... يدعمه القضاء الفاسد الذي يحاسب حسب كيفو وحسب من يدفع أكثر
حلقة من الفساد .. وفي ظل الإصلاح الذي بدأ يتبناه النظام كوسيلة لمكافحة الفساد ومحاسبة المسيئين للمواطن .. نرى تطورا واضحا وتغيرا ملحوظا في سلوك المواطن الذي بدأ يحسب حسابا لفكرة تطبيق الحساب ومكافحة الفساد التي لم تطبق بعد .. فأصبح يبتسم في وجهك .. وينجز معاملتك بروح معنوية عالية .. وبما أننا تعودنا على العطاء عندما يقول لك تفضل .. تسأله كم تريد ..؟؟ يقول مو مشكلة .. فتستغرب وانت من تعود وعود على الدفع فتقول: لا بالله قديش .. فيقول: 100 ليرة .. لتكتشف بعد ان دفعتها أنه كان يأخذ 50 ليرة فقط ( طبعا" دون سبب ) وذلك ربما رغبة جدية منه بالإصلاح ومكافحة الرشوة والفساد لأنها قد تكون المرة الألف قبل الأخيرة التي سيأخذ اكرامية منك .... خوفا من قانون مكافحة الفساد ... الذي سيطبق يوما" عليه !!!