الكذب آفة عصرنا فهو مرض وداء اجتماعي خطير يمكن أن يصاب به الفرد من نعومة أظفاره وقد يبقى ملازم له حتى نهاية عمره، إلا أن الكذب لا يمثل صفة أو سلوك فطري إذ أن الأطفال لا يولدون كاذبين ولكنهم يتعلمون ممارسة هذا السلوك من البيئة المحيطة بهم.
قال الإمام علي كرم الله وجهه: " إياك ومصاحبة الكذاب فإنه كالسراب يقرب البعيد ويبعد القريب".
عزيزي القارئ
بدأنا نكذب على الغرباء ثم انتقلنا لنكذب على الأقرباء وهكذا حتى وصل بنا المطاف لنكذب على أنفسنا فأصبحنا نختلق الكذبة ثم نؤمن بها وبصحتها لتصبح بالنسبة لنا الحقيقة المطلقة التي لا بد من إقناع الآخر بها، فقد بات الصدق معدوماً في هذا الزمن وحل محله الكذب والنفاق حتى تعذر علينا أن نلمس صدقاً في أقوال وأفعال الآخرين ولو كانوا كذلك، فنتهم أبنائنا بالكذب والمراوغة دون أن نحمل أنفسنا مسؤولية ذلك ونتساءل متعجبين لماذا كثرت النزاعات والمشاجرات ضمن البيت الواحد ونضع عشرات من إشارات الاستفهام حول انتشار حالات الخيانة والانفصال ونلوم رب العمل في حال إنزاله عقوبة بالعمال والموظفين دون أن نفكر بأسباب تلك المشكلات، ولم نضع بالحسبان أن علاجها والتقليل من انتشارها وأضرارها متوقف بالدرجة الأولى علينا ....... نعم علينا، فليبدأ كل فرد من نفسه ولا يلقي اللوم في ما يصيب المجتمع من مشكلات على أحد فكلنا مسئولين ومطالبين بالبحث عن الحلول.
فعندما تكون الفتاة صادقة مع والدتها والزوج صادق مع أبناءه والرئيس مع مرؤوسيه والأخ مع أخيه والزوج مع زوجته والمعلم مع تلميذه وهلم جرا،عندها فقط سنتدارك الكثير من المشكلات التي تحيط بنا مزعزعة الأمن والاستقرار ونكون قد وضعنا اللبنة الأولى في مسيرة الإصلاح الشامل الذي نسعى إليه جميعاً.
ومن وجهة نظر خاصة الكذب هو أساس أي مشكلة تعصف بنا وتعكر صفو راحتنا وهدوئنا وقد تفتك بنا وعلى جميع المستويات وفي كل المناحي فالصدق مع النفس أولاً ومع الآخرين ثانياً هو طريق النجاة في الحياة فعندها فقط لا نخشى في الله لومة لائم فعلى الرغم من تعرض الصادق لبعض النقد وظلمه في البداية لكن في النهاية سيعتاد الناس على طريقته وأسلوبه ويحترمونه.. فالمبادئ الفاضلة والأخلاق الحميدة كنز يجب المحافظة عليه لأنه سيورث لأبنائنا وأحفادنا.