نبدأ مشوارنا في هذه الحياة بدموعٍ بريئةٍ منذ أول نفس نتنفسه وسرعان ما نتوقف عن البكاء بضمةٍ
من حضن أمنا الحنون والدافئ ..
و بما أننا وقتها أطفالاً حديثي الولادة نتغذى على الحليب فإذا نزلت دموعنا تكون أسبابها بسيطة بالنسبة لعمرنا ولإدراكنا لما حولنا حيث يكون سببها إما شعورنا بالجوع أو الألم من المرض ونضحك من خلال الدغدغة أو من حركات وأفعال يقوم بها أشخاص من حولنا بغض النظر إن كانوا أقرباء أو غرباء ولكن يثيرون في داخلنا شعور الفرح والطمأنينة ..
ومع التقدم بالعمر تكبر فينا الأحاسيس والمشاعر وتنضج ونصبح قادرين على تمييز الناس ونرتاح للبعض وننفر من البعض ولا نعرف لماذا فهي مجرد مشاعر وأحاسيس إما أن تجعلنا نحس بالأمان معهم أو لا نرغب بهم ونهرب منهم مع أننا ما زلنا في بداية العمر ..
ونمضي في هذه الدنيا ولا نعرف ما هو المكتوب على جبيننا هذا المكتوب الذي لا بد أن تراه عيوننا وكله من تدبير رب العالمين وتبدأ خطواتنا على أول طريق نمشي فيه وعندما نظن أننا نقترب من نهايته نجده يبتعد أكثر ويطول وتتفرع منه طرق كثيرة لتتعب هذه الخطوات ولتبحث عن الراحة ولكن أين ستجد هذه الراحة فهي إن توقفت ستموت لأنها مرتبطة بنا ونحن مرتبطون بها ويجب عليها السير دائماً وعدم الشكوى والتذمر من مرارة وصعوبة ما ستقابله فنحن لا نملك الوقت لأنه لن ينتظرنا ولسنا قادرين على التحكم بالأيام فهي مرتبطة بكل شروق وغروب للشمس ..
ويجب أن نكمل الطريق فلا وقت للجلوس وإعادة الحسابات وصحيح أنه من لا يحسب لا يسلم ولكن لا مجال للتراجع مهما كانت الظروف فكم هو صعب أن تجد نفسك عائداً وحيداً وأنت تفكر وتشرد بعقلك حتى يبدأ الألم يزيد عليك ولن تجد أحداً لديه الرغبة بالعودة معك إلا الخاسر والمتشائم وقد ضاع مثلك ولم يعد قادراً على تحمل الصعوبات فالورد عليه أن يتحمل الشوك ليعيش طالما كان قدرهم أن يجمعهم غصن واحد ..
وعندما تحس بميولك إتجاه مجال ما أو تحب أن تمارس مهنة أو ربما يعطيك الله نعمة يميزك فيها عن الكثير من الناس وتبدأ بالدراسة والعمل والكفاح من أجل تحقيق طموحك وقد تضطر للتضحية المادية والمعنوية في سبيل تحقيقه وتتحمل كل المعوقات التي تواجهك وهذا كله مكتوب عليك أن تمضي فيه ومقدر لك أن تواجهه ..
وفي الوقت الذي تحب فيه فإنك ستجد أن كل ما مضى من حياتك وكل ما واجهته في جهة والحب في جهة ثانية لأن طريقه يختلف عن كل الطرق التي سلكتها ولا يوجد طريق مشابه له ويحمل من الخصوصية ما يجعلك تفكر ملياً في كل شيء بحياتك لأنك عندها لن تكون وحيداً ومصيرك أصبح مرتبطاً بشخصٍ آخر ولن تستطيع التفكير بالرجوع من أي طريق بهذه السهولة بل عليك التضحية أكثر والعمل من أجل إسعاد من تحب فهذا طبع الحياة أن يكتب على جبيننا ما نقابله في حياتنا وما تراه عيوننا ونمضي في هذه الدنيا بين لقاء وفراق وحب وكره وفرح وحزن وأمل وتشاؤم ونجاح وفشل والمهم أن لا نقف لأن الزمن لن يقف معنا والحياة مستمرة وليس هناك من شيء حولنا سوف ينتظرنا ..