بسم الله الرحمن الرحيم
إن مجموع الأفكار . والقيم . والثوابت . والمعتقدات . في الذهن . تشكل شخصية الإنسان العاقل المفكر المدرك الناطق .
فإن تزامن وجود الوعي المحيطي والعدالة الفكرية والتعاطي الإيجابي مع الأفكار الأخرى . وقبول الفكر الأخر . سينتج عن ذلك خيرات عظيمة . وتلاقح بين عوالم مختلفة في نفس الجسد الواحد . وحتما سينتج عن ذلك كله . بدعة من بدع الكمال والفن والرقي الحضاري تتمثل في صورة الإنسان السوي ((الإنسان الرجل . الإنسان الأنثى)) ..
وكلما بعدت المسافة بين القول والتطبيق كانت الشخصية تعاني من مشاكل وأمراض جسيمة .
إن وحدة داخل الإنسان وخارجه تفجر طاقات إيجابية يشعر بها الناس من بعد . وعكس ذلك وجود خلل بين أقوال الإنسان وأفعاله سيلاحظه من يملك أدنى حظ من الفراسة فضلا عن المتبصرون .
وهذا بالضبط هو سبب المشاحنات الكثيرة في المنزل بين الزوج وزوجته . فقد تشعر هي بوجود هالة سلبية حول زوجها لا تستطيع أن تعبر عنها . فتختلف معه على أشياء بعيدة عن الجوهر ولكنها تصب في خانة ((أنها تعلم شيئا ولا تستطيع التعبير عنه )) والعكس جائز أيضا بالنسبة للرجل .
الرجل الشرقي يعاني من أمراض داخلية وخارجية .
فهو يهمش وجود المرأة ويمحو شخصيتها بدعوى ((أنا الرجل ))
يفرض أكبر قدر من السيطرة وأكبر مساحة من وجوده الأناني ويفرض رأيه وقوانينه هو . وكل ما يجري حوله قابل للنقد والتغيير والنسف كليا أحيانا .. إلا أقواله فهي قانون وأفعاله سنة متبعة ورأيه غير قابل للنقاش ..
قد يكون عنيفا جدا أحيانا وهذا العنف وليد الضعف . وكلما زاد عنفه كان حجم الضعف أكبر . (( الرجل هو الكهف الذي يحمي الأحبة )) ..
إن هذه الشرقية المزيفة هي إرث طبيعي أتى من غور سنوات الضياع التي مر بها الإنسان المعاصر منذ عشرات السنين التي مضت .
الأنثى حالة أخرى ...
فهي إما أن يكون جسدها سلعة يروج بها لبيع البضائع ..
أو لعبة ومضغة في فم هذا وذاك ولا أعلم كيف تسقط فريسة بيد من هي أذكى منه بكثير ! ..
أو قطعة ديكور مهمة في واجهات المحلات التجارية .
أو سكرتيرة (((( خاصة )))) عند محدث النعمة فلان ...
وقد تكون سيدة محترمة وذات شخصية لها حدود يمنع تجاوزها . وأي إنسان يتجاوزها تضعه عند حده . بل وتحرجه حرجا شديدا .
وقد تكون أما متفانية تسد الثغرات التي يصنعها الأب المتسيب .
وهي كالرجل تماما يصيبها ما يصيبه . مع بعض الفروق الإيجابية : على سبيل المثال : . أن عاطفتها تكون أصدق وأكبر من الرجل . تحب بصدق وتخلص لمن تحب .. بنسب أكبر من تلك التي عند الرجل .
هذان الشخصان الرجل والمرأة هما محور كل شيء وحولهما تدور كل الأحداث .
لست أهلا للنصح لأني رجل شرقي أعاني من الشرقية ولكنها كلمة الحق يجب أن تقال :
عزيزي الرجل :
(مع التحفظ على تعميم كلمة الرجل في هذه الأيام ) .. كن بلسما وكن عطوفا وكن أبا وكن معطاء وكن قويا . حين تلزم القوة . رقيقا ومرهف الإحساس حين يتطلب الأمر ذلك أيضا . عبر عن مشاعرك لها وإن بكيت مرة أمامها فلا بأس فهذا البكاء عصارة الإنسان السوي . وليس عيبا أن تفتح لها قلبك وتبوح بما يعتمر في صدرك وستفاجئ من التعاطي الإيجابي من قبلها . كن أبنها أحيانا وأباها أحيانا أخرى .
كن كهفا ولا تكن وحشا ضاريا . كن مخلصا فتملك زمام أمورها بيدك . بح لها بأسرارك فهي أقرب الناس إليك وخير من يؤتمن . واللائحة كبير ونكتفي بهذا القدر ....
عزيزتي الأنثى :
( مع التحفظ أيضا على تعميم كلمة أنثى هذه الأيام ) .. كوني أمه وكوني لعبته وكوني صديقته التي يبوح لها عن أسراره ويخبرها غرامياته الحقيقية والمزيفة . كوني بيت سره وأفهميه أن ما بينكما هو بينكما فقط . وأفهميه أنك لا تستمعين له لتحصي أخطائه و تستعملينها عند أول مشكل بينك وبينه . كوني امرأة جديدة كلما دخل البيت تفاجئ بها . ضعيه على لائحة أولويات حياتك في رأس الصفحة . هو يحتاج الأمان معك مثلك تماما ويحتاج العطف منك مثلك تماما ويحتاج أن يسكن إليك لا عندك ! وأرجو التفكر في هذه الكلمة كثيرا (إليك لا عندك ) . لا تنتقديه أمام أحد وإن كان مخطئا . فهذا خطير جدا . أشعريه أنه الرجل الوحيد في العالم وسيصبح كالخاتم في أصبعك الجميل .
سيدي وسيدتي : إن كان عندكما أطفال فاخفضا سقف المطالب والتمنيات وقدما التنازلات وقللا اللاءات بينكما قدر المستطاع .
لا يكن أطفالنا ساحة المعركة وأدوات الصراع . وإن اختلفتما فلا تخافا . هذا طبيعي . لستما من رحم واحدة وبيئة واحدة ومنزل واحد .. كل واحد منكما أتى من عالم يختلف عن عالم الأخر في أشياء كثيرة . تفاهما على القواسم المشتركة وأكثرا الحديث عنها . ولا تناقشا نقاط الخلاف إلا بعقل منفتح على الأخر ونفس هادئة تماما .
أخيرا لست خليا من المشاكل ولكن تطبيقي لكثير مما ذكرت كان السبب في أن يظل بيتي متماسكا عقدين من الزمن . وأعود فأقول لست أنظر أو أدعي الفهم والكمال لا والله . بل أنا أصيغ بضع كلمات تعلمونها جميعا أكثر مني وهي أتت برجاء أن تؤثر إيجابيا على نمط تفكيرنا فنعيش بسلام . والسلام
دمشق محمد عصام الحلواني 12/8/2011 فجر يوم الجمعة المبارك من شهر رمضان العظيم
كل عام وأنتم بخير .