وصلتني عبر البريد الالكتروني رسالةً من أحد الأصدقاء ، تحمل في طياتها روح الدعابة ، التي أصبحنا في هذه الأيام بحاجة ماسة إليها ، ولعل الفكاهة فيها تبعدنا بعض الشيء عن المعاناة والألم الذي يعتصر قلوبنا ، ونحن نشاهد كل يوم ما يحدث في الوطن العربي من خراب ودمار وقتل ، يستهدف أصلاً الوجود والكرامة العربية ، ولو جاء وقع الأحداث مختلفاً من بلد إلى آخر ، فالبعض جاء اعتباطياً ليعبر عن رغبة الشعب في التطوير والإصلاح ، والبعض جاء مدفوعاً من الخارج المتحمس لرؤية الوطن العربي مشتتاً ، ممزقاً ، ضعيفاً ، يحمل كل فرد من أفراده الضغينة للآخر لأنه يختلف معه في توجهاته ودعواته ، فالمؤامرة هي فرق تسد وهي شعار طالما طرحه الغرب على مر العصور ، وبدأ بتطبيقه على أرض الواقع مستغلاً التطورات والتداعيات الحاصلة في الوطن العربي .
والرسالة التي استلمتها واتخذت لها عنواناً "شر البلية ما يضحك ، الشعب يريد روبن هود" ، هي إسقاطات ضاحكة على الأحداث المؤسفة التي شهدتها المملكة المتحدة خلال الأسبوع المنصرم ، والتي كانت مفاجأة للكثيرين وفي مقدمتهم البريطانيين أنفسهم الذين كانوا يعتقدون كما يعتقد الكثيرون من الزعماء الأوروبيين أن بلادهم بمنأى عن الخطر الكبير المحدق بالوطن العربي من كل صوب وناحية ، هذا الخطر الذي أعتقد جازماً بأن أحداثه لن تستهدف بقعة معينة بل سينتشر في معظم أنحاء العالم ، لأن الكثير من دول العالم ساهمت بشكل مباشر أو غير مباشر في تشجيع الثورات ودعواتها في إسقاط الحكومات والأنظمة ، فالفوضى الخلاقة التي تحدث عنها الرئيس الأمريكي جورج بوش والشرق الأوسط الجديد الذي بشرت به الولايات المتحدة الأمريكية خلال السنوات المنصرمة لن يستهدف دول بعينها ، بل سيطال دول كثيرة أخرى منها دول عربية كانت تعتقد بأنها في تحالفاتها مع أمريكا والغرب ستكون بعيدةً عن دائرة الخطر ، وأن هذه التحالفات ستضمن لقياداتها البقاء في مناصبهم ، ولكن هذه الزعامات العربية مخطئة في تقديرها وحساباتها ، حتى لو كانت الدول الأوروبية قد التزمت بضمان سلامتها من أي خطر خارجي ، ولعل المفارقة الكبيرة في محاكمة الرئيس المصري حسني مبارك حليف أمريكا وصديق الغرب يشير إلى مدى التزام الغرب بعهودهم وتمسكهم بحلفائهم ، فقد سحب الغرب البساط عن الرئيس المصري حسني مبارك على الرغم من التنازلات الكثيرة التي قدمها لإسرائيل وأمريكا وسواهم ، سحبت البساط وقالت له كما ردد الشعب المصري إرحل .
قالت له إرحل لأن دوره قد انتهى ولأنه قدم كل ما يملك من أوراق وتنازلات , وأنا بالتأكيد أقف مع الشعب المصري الذي تحمل الكثير من المعاناة خلال حكم الرئيس المصري فزاد فقراً وبؤساً ، ولكني أتحدث هنا عن موقف سياسي حيال رئيس كان أقل ما يمكن للإدارة الأمريكية أن تفعله أن تؤمن له ملجأ آمن في أمريكا أو إحدى الدول الحليفة لها ، ولكنها بدلاً من ذلك أرادت أن ترسل رسالة إلى حلفائها في المنطقة مفادها بأنكم ستلقون المصير ذاته في حال عدم استجابتكم بالكامل لأوامرنا ورغباتنا ، وجاءت محاكمة الرئيس مبارك وهو ممدد على سريره لتزيده مذلة وإهانة ولتحمله نتائج الثورة من خلال تقدميه أضحية العيد ، كما كان الحال مع رجلها الثاني الرئيس العراقي صدام حسين الذي شجعته على خوض معركة طويلة استغرقت حوالي عشر أعوام مع إيران ، وبعدها أطلقت يده في احتلال الكويت ، قائلة له عبر سفيرتها إن ما تفعله شأن داخلي ونحن لا علاقة لنا بالموضوع ، نعم لقد تنصلت بدايةً من الموضوع لتستغل الواقعة وتتخذها ذريعةً في مهاجمته وإضعاف مقدرات بلاده العسكرية والبشرية والاقتصادية ولتضع موطئ قدم جديد لها في الخليج ، ومن ثم لتتذرع مرة جديدة بحجة وجود سلاح نووي في بلاده لتحتل بلداً عربياً وتتحكم بمقدراته ، ولتظهر رئيس العراق في مظهر يحمل الكثير من الإذلال ، رئيس مختبىء داخل حفرة ، شعره طويل ولحيته كثيفة ، وجاء فتح فمه ورؤية أسنانه وتصوير ذلك أمام الملأ ليزيده إذلالاً ، ولتقدمه بعد محاكمة كان لها فيها اليد الطولى أضحية جديدة تزامنت مع عيد الأضحى وبداية العام الجديد . أنا أقول للزعماء العرب السياسة لا لون ولا رائحة لها ، السياسة لا تعرف ديناً ، إنها تعرف فقط المصلحة الشخصية ، وعندما تحقق مبتغاها من هذا الزعيم أو ذاك فإنها ستبحث عن شخص بديل يقدم لها المزيد من التنازلات . فحذار من الغد ؟
وبالعودة إلى الرسالة التي وصلتني عبر الإيميل ورغم الجراح التي يعاني منها الشعب السوري نتيجة المؤامرة التي لا يزال يعيش تفاصيلها لم يفوت الفرصة بروح دعابة عالية للتعليق على تلك الاحتجاجات وجاء فيها بعض العبارات التي توقفت عندها ملياً ومنها : الله يمهل ولا يهمل .. الاحتجاجات التي اندلعت في بريطانيا كانت الدليل القاطع على طريقة الازدواج في التعامل الغربي بين ما حدث في سورية وما حدث في بريطانيا فلم تكد 4 أيام تمضي من عمر تلك الاحتجاجات حتى سقط 5 قتلى وكان أكثر من ألفي معتقل يراوحون في السجون البريطانية بالرغم من كل وسائل المراقبة والكاميرات التي تحيط أمن المدن البريطانية بكل ما يحدث في شوارعها .
وقد بدأت الانشقاقات في صفوف الجيش البريطاني في اشتباكات وقعت بين قوات الفرقة الرابعة والخامسة من شبيحة الأحصنة ، وطالب الشعب الملكه اليزابيث سحب الشبيحه من ساحه بيغ بين ، وطالب رئيس الحكومة ديفيد كاميرون البدء بالاصلاحات أو الرحيل وتعالت هتافات الثوار كلنا روبن هود ولندن لنا سوف تعود... يا ويليام مانك منا خود هاري وارحل عنا ، لا هريسة ولا معمول حتى ترجع ليفربول ، الكاثوليك على الفاتيكان والاسلام على باكستان ، موعدنا الأحد القادم ، أحد روبن هود . وقد أفاد ناشط حقوقي من بريطانيا أن قوات الشبيحة الملكية تطلق النار على المتظاهرين السلميين وعلى بعض عناصر الأمن المنشقة عن النظام البريطاني ، وأفادت قناة "الإنكليزية "أن الجيش البريطاني يحاصر مدينة مانشيستر تمهيداً لإقتحامها بالدبابات ، في حين يردد الثوار مانشستر حرة حرة اليزابيث إطلعي برا . وقدم الثوار مطالبهم على النحو الآتي :
- إلغاء قانون الطوارئ .
- الغاء المادة 8 من الدستور شو ما كانت تكون .
- نقل مقود السيارة إلى الجهة اليسرى بدل اليمنى .
- إظهار الشمس في لندن يومياً من الساعة ٦ صباحاً و حتى ٦ مساء .
- الافراج عن كافة المعتقلين من شكسبير وحتى هاري بوتر .
- تغيير نظام الحكم إلى جمهوري في مقاطعات المملكة الأربعة لتصبح على النحو التالي الجمهوريات البريطانية الشعبية الديمقراطية المتحدة العظمى .
أليس شر البلية ما يضحك ، فالشعب يريد روبن هود .