بسم الله الرحمن الرحيم
كنت من سكان حمص الى مدى ثمان سنوات متواصلة .. وقد خالطت ناسها وأكلت وشربت معهم وشاركتهم أفراحهم ومآسيهم وعشت أدق تفاصيل الحياة اليومية معهم وعرفت طريقة تفكيرهم ونهجهم في العيش وطبقاتهم ولطائفهم الذكية وشفافيتهم وغموضهم .
عاشرت المتعلم والجاهل .. المتحضر والمتخلف .. الفلاح والعامل .. والمهندس والطبيب .. والفنان والرسام وكل أشكال النسيج الاجتماعي .. ومن هذه العشرة والمعرفة الميدانية أقول ...
زرت حمص أثناء الأحداث عدة مرات مؤخراً وكم كانت دهشتي عظيمة عندما رأيت تأثر بعض الناس وتغيير مواقفهم تجاه ما يجري وانخداعهم بصاحب العين الواحدة . الأعور الدجال الذي يروي نصف الحقيقة ليسكب السم في العسل (( التلفاز )) نعم فكلنا أصبحنا مسمرين أمام الشاشة المخادعة وبعيدين عن الواقع الحياتي اليومي على الأرض .. صدقوني لن يقول أحد الحقيقة كاملة على هذا الدجال أو من خلاله . بل ستكون حقيقة مجتزئة وموالية لتبعيته المالية والسياسية .. وهذا واقع ..
وكانت القصص التي يروونها لي عما يجري عندهم معظمها من فئة الخيال ويا ليته الخيال العلمي ... فمثلا قالوا لي : حمص تقصفها الطائرات يا أخي أيجوز هذا ... وعندما سألتهم هل رأى أحدكم هذه الطائرات ؟ أجابوا بحماسة نعم رآها أناس وحكوا لنا فحوقلت وأعدت السؤال ثانية بهدوء . هل رآها أحد من الحاضرين ؟ فصمتوا برهة ثم أجابوا باستنكار( كأنك ممن يشاهد قناة الدنيا ) فقلت (وكأنكم ممن يراقب قناة الجزيرة ) فاستنكروا وانبروا للدفاع عن تلك القناة فقلت دعونا من القنوات . هل سمعتم أو شاهدتم بأم العين طائرة تقصف حيا من أحياء حمص فأجاب أحدهم نعم قصفت بابا عمروا فقلت الآن كنت هناك وقد ذهبت بسيارتي قاصدا زيارة هذا الحي ولم أرى أثار الدمار الذي تسببه طائرة بل رأيت أثار شغب وتخريب . وأنا أروي لكم ما شاهدته بعيني وأنتم تحاولون أن تثبتوا ما روي لكم وتقسمون عليه ( يا أخي الشك أن تسمع واليقين أن ترى ) ..
المهم كان هذا جزء من الحوار الدائم بين الناس الآن . ويظهر منه جليا أن القنوات الفضائية لها دور كبير بما يجري على الأرض و قد سممت تبعياتنا وقناعاتنا وزيفت الصورة وسببت لنا مرض الرؤية المزدوجة ..
فأين تكمن المشكلة ..
المشكلة تكمن في الأعلام ودوره الحساس في نشر ما يجري على الأرض على طريقته . ولو أنك أجريت مسحا علميا دقيقا واقعيا على مجموع القنوات وكنت تستند في هذا المسح على الموضوعية لخلصت الى الجدول التالي
1— قنوات تحريضية لها أجندة .. خطة عمل .. تابعة لدولة ما و تريد شيئا من سوريا ولن تكف عن التحريض حتى تنال ما تريد ..
2— قنوات موالية لجهة ما ويظهر ولائها جليا من خلال عرض وجهة نظرها من زاوية واحدة فقط كما ترى هي
3— قنوات مسيسة . لا يهمها الشعب السوري إن أبيد بأكمله .. وهي تتاجر بمصلحة الشعب .. وحرية الشعب .. ورفاهية الشعب .. وكرامة الشعب .. وشعارات مزيفة .. همها فقط قلب نظام الحكم في سوريا لأنه يتعارض مع خطة سيرها
سؤال ؟ : من هو المتربع على عرش الإعلام في العالم هذه الأيام
سؤال ؟ : من المستفيد من الفوضى الحاصلة في سوريا هذه الأيام
سؤال ؟ : من منا قد نجا ولم ينخرط في موجة الاصطفاف الحاصلة هذه الأيام (مع أو ضد )
سؤال ؟ : هل بإمكانك أن تصغي لما يريده الأطفال من هذه الأزمة ومنا ومن سوريا
سؤال ؟ : إذا أختلف الأصدقاء ألا يفرح الأعداء
سؤال ؟ : العدو يتربص بنا ونحن نختلف ونتقاتل ! أليست الوطنية أن نؤجل خلافنا ريثما نتخلص من هذا العدو
سؤال ؟ : إن صادفتك مشكلة في بيتك هل تستطيع حلها فورا أم أن عامل الوقت له الدور الأكبر في حلها .
أنا أدعو كل منصف أن ينظر بكلتا عينيه ولا يغمض واحدة وينظر بأخرى . تعالوا نقبل اختلاف وجهات نظرنا في أمر واحد . ونتمسك باتفاقنا على الأمور الأخرى . كمصلحة الشعب . وأمن سوريا . ولقمة العيش الحلال . ومساعدة الدكتور بشار الأسد في بناء سورية الحديثة . فهذا والله من الوطنية أن تشد على يد ولي الأمر وتترك الكلام الهابط والبذيء والتعدي على مقامات الناس ( يا أخي أنت لما تذكر رئيس دولتك باستهزاء واستخفاف إنما تهزأ وتستخف بنفسك ) وسأذكر لكم في مقال لاحق الإنجازات العلمية والدقيقة المدعمة بالوثائق في عهد الدكتور بشار الأسد المحترم . (بالمناسبة أنا لست مع أو ضد أحد إنما أعلم أين أضع قدمي )
محمد عصام الحلواني دمشق 24/8/2011 م الموافق الرابع والعشرون من شهر رمضان المعظم