news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
قصص قصيرة
أسرار زوجية خاصة... بقلم : إبراهيم مسك
syria-news image

 زوجتي الحبيبة .. .. تحية عاطرة أهديكِ إياها بعد عشاء مثمر قضيته معك .. هذا العشاء الذي كان حافلاً بالقصص والأحداث التي تفوق ما نقرأه في صحف اليوم ...!!


 فقد عرفت منك أن إحدى جاراتنا قد تشاجرت مع زوجها وأنها عضته من خده حتى سال الدم من وجهه !! وأنا كلما انظر إليه في الطريق أرى علامة تلك العضة على وجهه فأضحك أو أبكي سراً .. لا أعلم .. لكن الذي أعلمه أنني أعرف سر تلك العضة بكل وضوح !! (رغم أنه قد أخبرنا عن قصة مغايرة تماماً)

وقد عرفت - منك أيضاً - أن أختك الآن في هذه الأيام تمر فيما تمر به كل أنثى كل شهر .. لذلك صرت أتحرج من زيارة أهلك خوفاً من رؤيتها بهذا الشكل .. فأنا أعرف - منك - مابها !! وقد عرفت منذ شهر تقريباً أن قريبتك ( فلانة تحديداً ) قد زوّجها أهلها لشاب من منطقة بعيدة .. بينما هي تعشق ( فلاناً ) ملء فؤادها .. لذلك كلما رأيتها أراني - بدون قصد - أبحث عن العشق الضائع في عيونها ، وعن الحزن الذي يملأ قسمات وجهها .. لأني أعرف سراً من أسرارها !!

 وقد أخبرتِني أن زوج أختك ليس بإمكانه إنجاب الأولاد !! وقد قام بعدة عمليات كلفته مبلغاً كبيراً من المال أعرف قيمته كاملاً .. وأعرف أيضاً ماذا قال لهم الطبيب وأعرف متى قامت العملية .. وأعرف حال أختك النفسية السيئة وأعرف حال زوجها المتدهورة نفسياً وعضوياً !!! ..... لذلك كلما زرتهم أراني أبحث في العيون ( حسب عادتي التي خلقت معها ) عن آثار الحزن أو الألم .. والأمل في أن تنجح هذه العملية الزراعية في إنجاب طفل واحد !!.. ..

 وأذكر أنك أخبرتني عن فتاة من أهلك زرناها معاً تزوجت منذ ستة أشهر بالتحديد .. هذه الفتاة أخبرتني عنها أنها كانت عصبية المزاج .. لذلك لم يستطع زوجها الاقتراب منها ليلة عرسها إلا بعد ثلاثة أيام !! بل وباستخدام أدوية مهدئة كثيرة !!!! في العيد الماضي زارتنا أختي هي وأولادها ... أذكر أنك قلتِ لي( في سبيل المزاح ) بعد أن ذهبَتْ أنها في حالة لا يستطيع زوجها الاقتراب منها .. وإن العيد سيمضي دون أن يتسنى له ذلك !!

 هل تذكرين ذلك الفتى الذي كلمتني بشأنه ؟؟ ذلك الفتى الذي كان يمر بمرحلة مراهقة وأخبرتني بأنه يفعل عادات سرية سيئة وإن أهله يريدون حلاً مني لهذه المشكلة ... أذكر أنني قدمت عدة حلول ( كانت ناجحة ) .. لكن أذكر أنني كلما رأيته أرى الذعر بعيونه لشيء واحد فقط : ترى هل أعرف سره ؟؟ وقد قدمت له عدة أمور لأثبت له أنني لا أعرف شيئاً عن قصته .. لكن نظرات الشك حتى الآن لم تغادره !!

 

 وأذكر أنني من خلال حديث الذكريات حدثتني عن أسرار خاصة بأمك وبأبيك !! وقد عرفت منك أسرارا لأخوتي الفتيات و لأزواج أخوتي الشباب ... ولأخوتي الرجال أيضاً !!! ( من خلال حديث زوجاتهم لك ) وأسرار جاراتنا .. موجود الكثير منها عندي ... الأسرار العائليّة ، والنسائية ، والشخصيّة ... وهذا أمر يتعرض له كثير من الرجال في كل البيوت ، من خلال حديث زوجاتهم لهم ..

لذلك من الطبيعي بكل إنسان أن يكون تواقاً لمعرفة أسرار الناس !! ومن الطبيعي أن يجذب السر انتباه كل إنسان ، ومجرد معرفة السر تشكل عند الإنسان نقطة تبث في نفسه مشاعر كثيرة .. .. لكنني - رغم أنني لا أنكر أن هذا الشعور ينتابني أحياناً ... ورغم أن الكثير المشكلات العائلية تصل إليّ من أجل الإصلاح وليس لكشفها أو مجرد التحدث فيها والتندر بها ... ورغم عدة أمور .. إلا أنني أتساءل : تُرى هل يعرف فلان من أسراري ما أعرفه عنه ؟؟ وهل نقلت فلانة – عبركِ يا زوجتي- أخباري وأسراري كما نقلتِ –عبرَها- أخبار وأسرار زوجها إليّ ؟؟

 

 لا أتمنى أن يجلس أي إنسان في منزله وقصتي مع زوجتي تنساب في أذنيه بكل تفاصيلها من زوجته ... ولا أظن ان إنساناً يحمل في قلبه شيئاً من الرجولة يحب أن يتندر الناس بقصته ويحكون بها كما يحكون قصة سندريلا !! وكم كنت صغيراً جداً عندما دونت ذاكرتي أسراراً عديدة لابنة خالتي .. ولجارتنا الشابة .. ولرجل لا أذكر اسمه !!

 

 هذه الأسرار التي سمعت نسوة البيت يتحدثن بها علقت في ذاكرتي كما يعلق الضوء بالشمس !! ومازلت حتى الآن كلما رأيت أصحابها أذكرهم بحوادثهم وقصصهم . هذه الأسرار أعرفها عن أصحابها !!!! وأعرف أصحابها فرداً فرداً .. فهل ترضين أن يعرف الناس عنك ما تكتمين ؟؟ وهل ترضين أن أنقل أخبارك هنا وهناك ؟؟ فرسول الله في وصاياه الزوجية ( التي ضمنت لي السعادة طيلة حياتي معك ، ومن قبلي أبي الذي أعطاه الالتزام بها سعادة خمسين سنة زواج ) في هذه الوصايا حذّر من أن يفشي الرجل أسرار زوجته أو تفشي أسراره .. قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- (إن من أشر الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يفضي إلى امرأته وتفضي إليه ثم ينشر سرها) رواه مسلم. ولذلك قال الله تعالى (عند وجود مشكلة بين الزوجين وخلاف) { واهجروهنّ في المضاجع} أي لا يخرج الخلاف خارج غرفة النوم ، ويبق الرجل ينام في نفس السرير دون أن يتجاوز الخلاف باب الغرفة ..!

 

وقد ضمنت هذه الوصية السعادة للأسرة في بقاء أسرارها ضمن غرفة النوم لا تخرج منها ، وحذّر من كشف الأسرار أياً كانت ، زوجية أو معيشية أو طباع و أخلاق أو غير ذلك .. فأنا لم يحدث لي في المجالس التي قد يتطرّق فيها البعض لذكر أسرارٍ صغيرة عن حياتهم أن قبلتُ أن أسمع شيئاً من ذلك ، فضلاً عن ذكر شيء من أسرارك أو أسراري معك ..

 

ولم يحدث أن علم أحدٌ عن خصلة أحبها منك ، أو خلق أكرهه أو آخر يزعجني .. وذلك ليس من باب حفظي لسرّي الشخصي ، بقدر ما هو حفظي لك ، وحبي لك ، واحترامي وتقديري لك .. والمتديّن يعرف معنى كلمة : زوجتي .. ولو لم تكن للأسرار قيمة لما كان هنالك بحاجة لجدران ولا لنوافذ و ( ســتــــائــر ) ولما كان هنالك من حاجة لأن نلبس فوق أجسادنا ثياباً .. قال الله تعالى ( يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباساً يواري سوءاتكم وريشاً .. ولباس التقوى ذلك خير ... )... لذلك أرى أن هذه القضية قد أصبحت ظاهرة تنتشر في بعض المجتمعات .. فمتى نتخلّص منها ؟ 

 

 

2010-11-10
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)
مساهمات أخرى للكاتب
المزيد